“مجلس عيدروس الانتقالي” على وشك الانهيار وابو ظبي تحاول انقاذه.. تفاصيل

محرر 217 مايو 2018
“مجلس عيدروس الانتقالي” على وشك الانهيار وابو ظبي تحاول انقاذه.. تفاصيل

ترصد قوى سياسية وعسكرية يمنية مؤشرات عدة لتوجهات إماراتية جديدة في اليمن، عنوانها الأساسي مواجهة قوى الشرعية لا الحوثيين، سياسياً وعسكرياً، فضلاً عن محاولة منع انهيار المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي الذي يتعرض لانتقادات عدة جنوبية بسبب ارتهانه للإمارات، وتحوله عبر التشكيلات المسلحة التابعة له، والتي تأسست بدعم إماراتي، إلى أداة بيد الأخيرة تستخدمها لتهديد وحدة اليمن وتقويض سلطة الشرعية اليمنية.

ملامح التوجهات السياسية والعسكرية الإماراتية الجديدة على الأرض في اليمن بدأت تظهر بعد الأزمة التي افتعلتها الإمارات في جزيرة سقطرى، بعد احتلالها وطرد القوات اليمنية من منافذها، الأمر الذي تصدت له الحكومة الشرعية واشتكتها لمجلس الأمن الدولي، لتجبر الإمارات، بعد تدخل سعودي وانتقادات دولية عدة، على سحب قواتها من الجزيرة. وتعمل الاستراتيجية الإماراتية على مسارين، سياسي وعسكري، ويرتبط كل منهما بالآخر بشكل وثيق. المسار الأول، يتركز في جنوب اليمن. فبعد تراجع الشعبية التي حققتها مع بداية الحرب، وكذلك الحال مع وكيلها في الجنوب، “المجلس الانتقالي” الذي حاول تصوير نفسه كمحتكر للتمثيل الجنوبي، الأمر الذي ترجم بانتقادات باتت توجه للطرفين حتى من مناصرين للمجلس الانتقالي رغم الدعم الكبير ووسائل الإعلام الذي تم تسخيرها للترويج لسياسة الإمارات ومشاريعها في جنوب اليمن، دفعت أبوظبي بالمجلس إلى التقرب من أطراف جنوبية أخرى، لها حضور وثقل سياسي، ليس في الجنوب فقط بل في اليمن عموماً، فضلاً عن محاولة المجلس التقرب من العديد من الناشطين والصحافيين والسياسيين.

وكشف مصدر جنوبي، على اطلاع وثيق على التطورات السياسية، خلال الأيام الماضية، أن المجلس الانفصالي، المدعوم من الإمارات، حاول التواصل مع العديد من الأطراف والناشطين والصحافيين والسياسيين الجنوبيين، وعقد لقاءات عدة لهذه الغاية، خصوصاً بعد أن تكونت قناعة لدى أبوظبي بأن “المجلس الانتقالي” قد يفشل، لذلك تدفع إلى تعزيزه بأطراف أخرى. لكن الأبرز كانت اللقاءات التي جرت خلال الأيام الماضية، في القاهرة ثم في أبوظبي، بين قيادات “المجلس الانتقالي” والرئيس اليمني الأسبق، علي ناصر محمد، وكذلك رئيس حزب رابطة الجنوب العربي، عبد الرحمن الجفري، والتي جاءت بضغوط إماراتية، بحسب المعلومات التي حصلت عليها “العربي الجديد”.

وأشار المصدر، الذي واكب هذه اللقاءات، في حديثه مع “العربي الجديد”، إلى أن فشل المجلس الانتقالي في مواجهة تصعيد الحكومة، دفع بالإمارات لتوجيه “الانتقالي” إلى التقرب من علي ناصر محمد (الحليف الاستراتيجي لإيران في جنوب اليمن)، فضلاً عن القيادي الجنوبي المعروف، عبد الرحمن الجفري. وبحسب المصدر، فإن أول لقاء عقد في القاهرة ثم تلا ذلك اجتماع في أبوظبي. ومن ضمن اللقاءات التي جرت خلال الأيام الماضية، اجتماع ضم شخصيات جنوبية موجودة في أبوظبي وعناصر في الاستخبارات الإماراتية، وسط تكتم حول مضمون النقاط التي تم طرحها والتفاهم حولها في هذا الاجتماع. في غضون ذلك، لم يتردد المصدر في القول إن المجلس الانتقالي تسرّع في الكثير من القرارات، فضلاً عن عدم وجود رؤية واضحة لديه، ما دفعه للوقوع في الكثير من الأخطاء. ورأى أن التوجه الجديد للمجلس نحو أطراف أخرى، يمكن أن تعتمد عليها الإمارات في المرحلة المقبلة، جاء بعد التغييرات التي حدثت أخيراً (تصعيد الحكومة وظهور قوى جنوبية رافضة للهيمنة الإماراتية أثبتت أن لها تأثيراً قوياً)، لذلك اضطر “الانتقالي” مع الإمارات إلى التواصل مع بعض هذه القيادات، في محاولة لإنشاء تحالف بدعم إماراتي تتركز أهدافه على مواجهة الشرعية.

وحول ما إذا كان الرئيس الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، المعروف بعلاقته بإيران فضلاً عن امتلاكه علاقات بالإمارات، سيدخل تحت غطاء أبوظبي أو المجلس الانتقالي الجنوبي، قالت مصادر أخرى، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “مشروع علي ناصر واضح من الحرب والقضية الجنوبية نفسها، فهو من معارضي الحرب التي يقودها التحالف، والإمارات جزء منه، ومحاولة الانتقالي استمالته إلى صفه قد لا تجدي نفعاً، إلا إذا دخل الانتقالي تحت المشروع الذي يمثله علي ناصر. هنا قد تكون هناك تغييرات على المشهد الجنوبي”. وهناك من يرى أن محاولة “الانتقالي”، وكيل الإمارات في الجنوب، التقرب من علي ناصر محمد، الحليف الاستراتيجي لإيران، يضرب مصداقية الدور الذي تقوم به الإمارات، بل أيضاً الدور الذي يؤديه التحالف، والشعار الذي رفعه وأطلق عليه مواجهة مد المشروع الإيراني، إذ إنه بدلاً من دعم الشرعية، التي جاء التحالف من أجلها، تلجأ الإمارات إلى التحالف مع طرف موالٍ لإيران، يرفض فكرة التحالف نفسه، وهو ما قد يعطي دفعة للشرعية والأطراف الداعمة لها لاستغلال الفرصة لمهاجمة الدور الإماراتي. مع العلم أن لدى الإمارات سوابق في تبديل تحالفاتها مقابل ضمان تحقيق مصالحها، على غرار ما حدث في العلاقة بين الإمارات وعائلة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي قتل على أيدي الحوثيين قبل أشهر.

أما المسار الثاني الذي تسعى إليه الإمارات، والذي يعتبره مراقبون يمنيون أنه الأخطر، فيتمثل في محاولتها فرض ما يشبه السياج والحصار العسكري، ليس على مليشيات الحوثيين بل على قوات الشرعية، أو ما تحاول الإمارات وحلفاؤها تسميته بمناطق وجود حزب الإصلاح. لكن هذا السياج الذي تحاول فرضه يستهدف الجيش الوطني، الموالي للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والذي ينتشر من الشرق إلى الغرب، إلى مناطق الوسط. وتحاول الإمارات أن تحد من هذا التمدد، وذلك من خلال استغلال نفوذها في التحالف وتمكين وكلائها. وتشير مصادر عسكرية يمنية عدة، في أحاديث مع “العربي الجديد”، إلى أن الأوامر الآتية أخيراً من التحالف تمنع الجيش الوطني من التقدم رغم قدرته على تشديد الطوق على صنعاء واقتحام صعدة، لا سيما أن الجيش الموالي للشرعية يعد الأكثر عدداً في أنحاء اليمن، مقارنة بالقوات الأخرى، سواء الموالية للإمارات أو حتى قوات الحوثيين.

في موازاة ذلك، تسعى الإمارات إلى تمكين طارق صالح، نجل شقيق علي عبد الله صالح، في مناطق غرب وشمال اليمن. وتستخدم في ذلك قوات السلفيين الجنوبيين والمقاومة التهامية، بعد أن فشلت قوات طارق في التقدم. وتبدي المصادر خشيتها من أنه في حال تمكنت الإمارات من ذلك، فإنها تكون قد وضعت الجيش الوطني، والقوات الموالية لحزب الإصلاح والقوى الأخرى المعارضة للإمارات، تحت ما يشبه الحصار من خلال حصرها في مناطق مأرب وبعض مناطق وسط اليمن، كتعز والبيضاء وإب، فيما تملك الإمارات قوات موالية لها في الغرب والجنوب والشرق، وتحكم سيطرتها على المنافذ البحرية والبرية في اليمن، والتي كان من الممكن أن يستعين بها الجيش الوطني إذا ما أراد تغيير المعركة على الأرض لصالح الشرعية، وآخرها منافذ الحديدة، التي تحاول الإمارات تمكين طارق صالح منها من خلال عملية عسكرية تقوم بها.

ويعد هذا المسار من أسوأ المسارات، بحسب القيادات العسكرية، لا سيما أن محاولة منع الجيش الوطني من التقدم طوال السنوات الماضية من الحرب وتخفيف دعمه وتسليحه، تترافق مع دعم القوى المعارضة للشرعية بأسلحة متطورة وبكميات هائلة، ما يزيد من مخاوف قادة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية التي خاضت المعارك مع الحوثيين. وفي السياق، قال قيادي في الجيش الوطني، في حديث مع “العربي الجديد”، إنهم باتوا يتخوفون من تقسيم اليمن إلى مناطق عسكرية موالية لأطراف محلية وإقليمية، وتكرار المشهد الليبي إذا ما استمر التعامل مع الأوضاع بهذا الشكل. وأشار القيادي إلى أنهم يتعرضون إلى ضغوط ميدانية وشعبية بسبب توقف عملية تحرير باقي مناطق اليمن. وتتعزز القناعة لدى العديد من القوى اليمنية بأن المسارات التي تحاول الإمارات فرضها، ومواجهة الشرعية من خلالها، تزيد من حدة الاحتقان بين الحلفاء داخل التحالف وتطيل من عمر الصراع في اليمن، الأمر الذي يستفيد منه الحوثيون، فيما يدفع ثمنه المواطنون.

 

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
Accept