قال تقرير أمريكي حديث إن الأخطاء الإماراتية في مكافحة تنظيم القاعدة جنوبي اليمن قد يستغلها التنظيم لإعادة قوته ونفوذه بشكل سريع، ومن ذلك أن تصرفات الإمارات والقوات الموالية له أصبحت في نظر اليمنيين “قوة استعمار/احتلال” للمدن والبلدات.
وأشار التقرير الجديد لمركز مكافحة الإرهاب الأمريكي وصدر في فبراير/شباط الجاري، إلى أن الإمارات العربية وقواتها تمكنت من إضعاف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وحققت تقدم كبير ضد التنظيم، بيد أن هذا التقدم يمكن أن يستغله التنظيم بفعل أخطاء الإمارات والقوات الموالية لها.
وجاء عنوان التقرير، الذي اطلع عليه “يمن مونيتور”، ” هل يمكن لدولة الإمارات وقواتها الأمنية تجنب حدوث منعطف خاطئ في اليمن؟” ويقول إنّ الإمارات العربية المتحدة يمكنها أن تنجح حيث فشل الأخرون لكنها في نفس الوقت يمكن للإمارات أنّ تعطي فرصاً وافرة وجديدة لتنظيم القاعدة يعيد به استغلالها بسهولة ويسر ليعيد تموضعه.
ولفت التقرير أنه وبينما يحقق المواطنون وقوات الأمن التي تدعمها الإمارات مكاسب ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية في بعض أجزاء جنوب اليمن، يمكن أن تؤجج أخطاء الانتهاكات فرصاً للقاعدة في شبه الجزيرة العربية بتطبيق الدروس التي تعلمتها على مدى السنوات الثلاث الماضية.
مهمة القوات المدعومة إماراتياً
وقال التقرير إن مهمة القوات المدعومة من الإمارات – على الأقل من الناحية النظرية – ذات شقين: أولا، استعادة قدر من الأمن في المدن الواقعة تحت سيطرتها، وهي عدن والمكلا والمناطق المحيطة بها. ثانيا، التخطيط وإطلاق عمليات أمنية تطهير تهدف إلى مكافحة القاعدة في جزيرة العرب وما تبقى من تنظيم الدولة الإسلامية. وباستخدام المكلا على وجه الخصوص كنقطة انطلاق رئيسية، فإن عمليات المسح مصممة لتوسيع المنطقة التي تسيطر عليها القوات المدعومة من الإمارات.
ويضيف التقرير وفيما يشبه “بقعة الحبر”، سيجري تأمين المكلا وعدن وعند الانتهاء من التأمين تتحرك قوات الأمن وتطهير المناطق المحيطة بها – التي سيطرت القاعدة في شبه الجزيرة العربية على العديد منها خلال السنوات الثلاث الماضية. نظرا لطوبوغرافيا شمال المكلا – التي تجمع التلال مع الوديان العميقة، والأخاديد المربعة والكهوف والجبال – فإن بقعة الحبر تبدو أشبه ببصمة الحبر التي تتوسع كلما تمكنت القوات من السيطرة على التضاريس التي هي مثالية للكمائن والغارات.
استعمارية
وأكد التقرير أنه وفي الوقت تعتمد فيه الجهود الإماراتية لمكافحة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية اعتمادا كبيرا على مقاتلي السكان الأصليين، فإن جهودها ضمن التحالف يقول اليمنيون إنها “استعمارية”.
وقال التقرير: إن النفوذ المتزايد للإمارات واعتمادها على نخب اختارتها لتقف معها يثير بالفعل الكثير من النقاش من قِبل جميع أطراف الصراع. وبالرغم أن أبوظبي حرصت على تقليل قواتها في اليمن إلا أن اليمنيين يثيرون حديثاً عن نيّة القوات الإماراتية البقاء هناك إلى الأبد كقوة “احتلال”. وقد أثارت قصص عن احتلال دولة الإمارات لجزيرة سقطرى وخططها لبناء قاعدة عسكرية هناك ردود فعل غاضبة للعديد من قطاعات المجتمع اليمني.
وأضاف التقرير أنه ونتيجة لذلك فإن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سيكون سريعاً للاستفادة من تعزيز فكرة مواجهة “احتلال” احتلال دولة الإمارات وتعزيز فكرة أن الإمارات تتواجد لأغراض خاصة وليس لمكافحة الإرهاب.
ولفت التقرير إلى أنه وبالتزامن مع اتهام اليمنيين للإمارات باحتلال أراضيهم، تبرز تكتيكات تستخدمها قوات موالية للإمارات (الحزام الأمين- قوات النخبة) في المزيد من الإشكاليات على هذا النحو. وخلال العمليات والاجتياح للقرى والبلدات حيث يعتقد بتواجد تنظيم القاعدة يتم احتجاز أعداد كبيرة من الرجال الذين لا علاقة لهم بالقاعدة أو أن قليل جداً ممن تم اعتقالهم كانت لهم علاقة محدودة معها.
الاعتقالات تدعم تنظيم القاعدة
وأوضح التقرير أن تنظيم القاعدة سيطر على “المكلا” والمناطق المحيطة بها لأكثر من عام واضطر العديد من السكان في هذه المناطق إلى التفاعل مع القاعدة على مستوى ما. وفي الوقت نفسه، قامت القاعدة في شبه الجزيرة العربية بتجنيد العديد من الرجال كجنود. في معظم الأحيان، لم يشارك هؤلاء المجندين في أيديولوجية الجماعة أو أهدافها. وقد انضم معظمهم لجمع الرواتب وتلقي المعونة الغذائية، وفي بعض الحالات، حماية أسرهم من انتقام القاعدة. لا يزال البعض الآخر – وهم أقلية – يساعد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على محاربة تنظيم الذي ينظر إليه بكونه يمتلك أيديولوجية وتكتيكات أكثر فظاعة وغريبة على اليمن.
وبالإضافة إلى احتمال أن العديد من أولئك الذين تم اعتقالهم ليسوا أعضاء في القاعدة في جزيرة العرب، هناك ادعاءات موثوقة بأن قوات الأمن تسيء معاملة المحتجزين. في يونيو / حزيران 2017، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريرا يشير إلى العديد من حالات التعذيب والاعتداء والاحتجاز غير القانوني وحالات الاختفاء التي يزعم أنها نفذتها قوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية. ظهرت تقارير إضافية في وسائل الإعلام الدولية عن مراكز الاحتجاز التي يديرها المواطنون الإماراتيون، حيث تعرض اليمنيون لصلتهم المزعومة بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب للتعذيب، بما في ذلك التقارير التي تفيد بأن بعض المحتجزين كانوا معلقين بما يشبه الشواء. وسبق أن استخدم أسامة بن لادن الحديث عن التعذيب في سجن أبو غريب بالعراق كدليل على نوايا الولايات المتحدة الخبيثة.
واختتم التقرير بالقول: ” يعتمد نجاح الجهود التي يقودها الإماراتيون في اليمن على المدى القصير على قدرتها على التنافس مع القاعدة في شبه الجزيرة العربية فيما يتعلق بمستويات الأمن وفعالية الحكومة التي يمكن أن تقدمها. ويعتمد هذا النجاح أيضا على قدرة الإماراتيين على تجنب اعتبارهم محتلين يعملون من خلال الميليشيات بدافع مصالحهم الفئوية. إن الفشل في استعادة الحكم، ومستويات الأمن التي يمكن التنبؤ بها، والشرطة “النظيفة” سوف يستغلها العدو الذي يظل ضعيفا وقادر على الصمود”.
*يمن مونيتور