في الذكرى الخامسة لرحيل الفنان اليمني الكبير، محمد مرشد ناجي، المعروف بـ “المرشدي”، وحدها التركة الفنية والأدبية الهائلة التي خلفها المرشدي لستة عقود مضت قادرة على تخفيف وطأة فراق معشوق طالما منحهم الكثير من الأدب والطرب والشجن.
المرشدي المطرب والملحن والأديب والناقد والمؤرخ استطاع التفرد بأداء خاص ومتميز، منذ أول أغنية أداها عام 1951، حتى وصل إلى ما يقارب 300 أغنية منها 90 وطنية، كحصيلة لمسيرته الفنية، مقدماً طيفاً واسعاً من ألوان الغناء اليمني اللحجي والعدني والصنعاني والحضرمي، ومتجاوزاً الألوان المحلية إلى العربية، إذ غنى من أعماله العديد من الفنانين، أبرزهم محمد عبده وفهد بلان. ويعد المرشدي من أبزر المساهمين بإحياء التراث الغنائي في الجزيرة العربية عموماً.
كان لـ “المرشدي” العديد من المؤلفات أهمها أغنيات شعبية، وصفحة من الذكريات، والغناء اليمني ومشاهيره، كما كان هناك العديد من الأعمال والتطلعات التي سعى إلى تحقيقها لكنها لم تنجز. وساهمت إذاعة عدن في تقديمه للجمهور، ومع منتصف الستينيات تجاوز انتشاره اليمن.
وعن الإرث الفني والثقافي الذي خلفه الفنان المرشدي والأعمال والتطلعات التي لم تنجز، التقت “العربي الجديد” حفيد الفنان، ريام محمد الذي رافقه كثيراً، تحديداً في السنوات الأخيرة، وقال “نحن كأسرة للفنان وبجهود ذاتية، بصدد استكمال إصدار وطباعة النسخة الثانية من كتاب كان الراحل قد أنجزه قبل وفاته والذي يحتوي على حفظ وتوثيق للتراث الفني اليمني الغزير والمتنوع بجميع ألوانه، ولم نحظ بأي دعم حكومي”.
وأضاف “كان الفنان يرى ضرورة ملحة لجمع التراث اليمني بشكل علمي منهجي، ويسعى إلى ذلك، وقد بُح صوته وهو يطالب الجهات الحكومية بضرورة تشكيل فريق لذلك الأمر، بالمثل كان يرى ضرورة إنشاء فرقة موسيقية متكاملة (أوركسترا موسيقية) تعتمد النوتة والأسس العلمية، لكنه غادر الحياة ولم تحقق أمنياته”.
كما كشف ريام محمد، لـ “العربي الجديد”، عن قيام أسرة الفنان بإمكانات بسيطة وذاتية، بإنشاء مركز ومتحف المرشدي الثقافي، من خلال تخصيص جزء من منزله الكائن في مدينة عدن اليمنية، يحتوي على توثيق للأعمال الفنية والأدبية، بالإضافة إلى متحف فني يضم كل متعلقات الفنان، ويأمل أن يحظى باهتمام ودعم حكومي مستقبلاً، لتوسعته وجعله مركزاً فنياً للموسيقى اليمنية.
الجدير بالذكر أن محمد مرشد ناجي (ولد عام 1929)، توفي في السابع من فبراير/شباط عام 2013، إثر صراع مع مرض القلب، بعد حياة فنية حافلة، ومسيرة عطاء خلدته كرائد من رواد الفن اليمني والعربي، كان قد شغل فيها العديد من المواقع الفنية والسياسية، فبرز عضواً منتخباً في البرلمان، ورئيساً لاتحاد الفنانين اليمنيين، ومستشاراً لوزير الثقافة، كما كان قد حصل على العديد من الجوائز والأوسمة محلياً وعربياً.