بقلم - سعيد النخعي
صالح أحمد الجبواني شخصية سياسية ودبلوماسية وإعلامية ، وصاحب رصيد نضالي يعلمه القاصي والداني من خلال حضوره المتميز في المحافل الدولية على المستوى السياسي ، أو من خلال حضوره كصوت إعلامي تميز بعمق الطرح ، وقوة الحجة ، وبلاغة الكلمة ، فاستطاع هذا الصوت الشبواني تبديد سكينة التعتيم الإعلامي المفروض على القضية الجنوبية حينها ، وكسر طوق الحجب المفروض عليها في المحافل السياسية ، والمنابر الإعلامية ، ومن أراد التأكد فعليه الرجوع إلى أرشيف القنوات الفضائية الشهيرة كالبي بي سي ، والجزيرة، والعربية وغيرها .
لايزال الجميع يتذكر المعارك الإعلامية التي خاضها الجبواني مدافعا عن الجنوب وقضيته، حين كانت تتحلق الناس في المنازل ، والشوارع حول شاشات التلفزيون مستمتعين بمنازلة الجبواني مع خصومه وكأنهم يشاهدون المباراة النهائية بين قطبي الدوري الأسباني برشلونة و ريال مدريد ؛ فتتعالى أصوات المشاهدين كلما أفحم هذا الشاب الشبواني خصومة وهز شباكهم ، كما تتعالى أصوات الجماهير حين يمطر ميسي شباك خصمة بالأهداف .
نافح الجبواني عن قضايا الوطن ، وهو الشاب الفقير الأعزل الذي ظنّ عليه الوطن حتى براتبه إذ لايعلم الكثيرون أن عفاشا قطع عنه راتبه ، وقضى جزاءا من حياته منفيا معدما إلا من جنيهات معدودة تجود بها السلطات البريطانية له كلاجئ سياسي ، ولم يدر في خلد الجبواني أن فجور الخصومة ستدفع بأحد سرّاق النضال إلى إعلانه العزم على تقديم بلاغا للسلطات البريطانية لكي تقطع عن أسرته هذه المساعدة ؛ وأترك لك عزيزي القارئ تشخيص هذه الأخلاق والمواقف وأنت جدير بالوصول إلى معرفة عقليات ونفسيات وأصول من تصدر عنهم مثل هذه المواقف .
اسندت الحكومة الشرعية حقيبة وزارة النقل للجبواني ضمن جملة تغييرات شملت عددا من الحقائب الوزارية ، وجاء تعيينه ككفاءة ، واستحقاق سياسي واجتماعي فالرجل ينتمي إلى محافظة شبوة ذات الثقل الاجتماعي ، والجغرافي ، وقبل هذا كله فهي محافظة تربض على حقول من النفط والغاز والذهب ، ولا أبالغ إذا قلت : إن شبوة تمتلك مقومات دولة ؛ و لم تخرج هذه المحافظة إلا بحقيبتين وزاريتين ، ومع ذلك استكثر البعض هاتين الحقيبتين على محافظة شبوة ، بالرغم أن شبوة كانت ولازالت مهمشة على مستوى الوظيفة العامة ، ولم يشتك الشبوانيون يوما إقصائهم وتهميشهم كما تفعل بعض المديريات ، وأظن الكل يعلم الفرق بين المديرية والمحافظة !
هرّت أبواق أعداء النجاح على الجبواني حين عجزت أن تعمل مثله ، عندما رأوا الرجل بدأ بقوة واستطاع في فترة ثلاثة أسابيع من تعيينه تحقيق نجاحات ملموسة تجعلني كمواطن أحترم الشخص ، وأشيد بأدائه ، منها تأسيس ديوانا للوزارة وتجهيزه بالإثاث والتجهيزات ، وهي الوزارة التي ظلت مجهولة لايعرف لها مقرا ، ولم نلمس لها نشاطا في عهد الوزير السابق الذي قارب السنتين سوى صرف التذاكر للناشطين والناشطات .
هرّت الأبواق التي لاتحسن سوى النعيق على الجبواني حين أراد أن يمارس عمله كوزير طموح يريد إحداث نقلة نوعية لهذه الوزارة الحيوية ، من خلال زياراته للموانئ والمطارات ، والإتفاق مع قوات خفر السواحل لحماية المنشأت بدلا عن المليشيات ؛ لأن الموانئ والمطارات هي وجه الدولة ، وعليها مدار حياة الناس ، كما دعا – بالتنسيق مع قوات التحالف – إلى جلب المزيد من شركات الطيران الخليجية والأفريقية لإعادة الحياة لمطار عدن الدولي .
كما بدأ بإعادة تأهيل ميناء عدن بإبرامه إتفاقا مع إحدى الشركات لإ زالة الأتربة التي طمرت الميناء والحقت ضرارا بالعمق المتعارف عليه دوليا لرسو السفن العملاقة ، كما شرع في إعادة تفعيل ميناء المكلا وميناء بالحاف في محافظة شبوة .
والسؤال الذي يطرح نفسه ماهي الحجج والأدلة الموضوعية للحملة على شخص الجبواني دون غيره ، ففساد الحكومة لايتحمله الرجل لأنه ليس على رأسها ، أما الفساد ونظافة اليد لأظن فترة ثلاثة أسابيع كفيلة بالحكم عليه ، وأما خردة النظام السابق فلم يكن من مخلفاتها ، وأما موقف الرجل السياسي فهو واضح مع مشروع اليمن الاتحادي ، وليس جمهوريا في الصباح وملكيا في المساء كما يفعل أصحاب الشرائح المتعددة .
لذا يجب علينا التفريق بين الأداء الوظيفي والموقف السياسي .
ولنا تجربة مريرة مع هذا الخلط وما تجربة نايف البكري ، و عبدالعزيز المفلحي عنّا ببعيد .