يُعد يوم عرفة من الأيام المباركة التي حثت الشريعة الإسلامية على استغلالها بالعبادات والقربات، حيث يتضاعف فيها الأجر والثواب، وتتنزل فيها الرحمات الإلهية.
وأوضحت النصوص الشرعية أن صيام هذا اليوم له فضل عظيم، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده”، وذلك بشرط اجتناب الكبائر كما بينته الأحاديث الأخرى.
وبين العلماء أن هذا الفضل العظيم يشمل تكفير ذنوب سنتين كاملتين، حيث روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: “يكفر السنة الماضية والباقية”، وفي رواية أخرى: “أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده”.
ويستحب في هذا اليوم المبارك الإكثار من الأعمال الصالحة عموماً، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام -يعني أيام العشر-“، وحتى الجهاد في سبيل الله لا يعدل هذه الأيام إلا لمن خرج بنفسه وماله ولم يرجع بشيء.
وأجمع الفقهاء على أن صوم يوم عرفة سنة مؤكدة لغير الحاج، بينما اختلفوا في حكمه للحاج، حيث ذهب جمهور العلماء إلى استحباب الإفطار للحاج ليتقوى على الدعاء والعبادة، مستدلين بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث أفطر في حجة الوداع وهو واقف بعرفة.
وقد بين الإمام النووي في “المجموع” أن الشافعية يرون استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج، بينما يستحب للحاج الفطر، وذهب بعض أصحابهم إلى كراهة صومه للحاج.
أما الحنابلة فقال ابن قدامة في “المغني”: “وهو يوم شريف عظيم، وعيد كريم، وفضله كبير”، بينما ذكر الكاساني من الأحناف أن صومه مستحب لغير الحاج، ويُكره للحاج إذا أضعفه عن الدعاء والوقوف.
وبين المالكية في “حاشية الدسوقي” تأكد ندب صوم يوم عرفة لغير الحاج، بينما يستحب للحاج الفطر ليتقوى على الدعاء، كما أفطر النبي صلى الله عليه وسلم في الحج.
وأكد الشيخ ابن عثيمين أن صيام يوم عرفة لغير الحاج سنة مؤكدة، بينما لا يسن للحاج صومه بل يكون مكروهاً، مستدلاً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حيث أفطر وهو واقف في الموقف.