تعددت الأسباب والنتيجة واحدة أدت إلى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية أمس، إذ إلى جانب تواصل أعمال إيجاد حلول لأزمة جنوح السفينة البنمية في قناة السويس التي عطلت حركة الملاحة التجارية العالمية، وتتصاعد تبعاتها، استمرت الهجمات الإرهابية على المنشآت النفطية السعودية، ما أسهم في تفاعل الأسعار التي مالت في تداولات أول من أمس إلى التراجع.
وأعلنت السعودية –أكبر مزوّدي أسواق العالم بالنفط- أمس، تعرض محطة توزيع المنتجات البترولية في جازان -أقصى جنوب غربي البلاد المتاخم للحدود اليمينة- لاعتداءٍ تخريبي بمقذوف، ونتج عنه نشوب حريقٍ في أحد خزانات المحطة، دون إصابات بشرية.
وتفاعلت الأسواق العالمية مع مجمل التطورات، حيث صعدت في تعاملات أمس أسعار عقود خام برنت القياسي إلى ما فوق 64 دولاراً للبرميل، كما زادت أسعار خام غرب تكساس لتتجاوز 61 دولاراً للبرميل.
وتتزامن هذه التطورات مع ما أعلنته المملكة مؤخراً عن مبادرتها «لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل لحل سياسي شامل» يتضمن وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة، وفق اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة، بالإضافة إلى فتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة.
ورغم تعزيز السعودية مبادرة تحقيق السلام في الجمهورية اليمنية، فإن الهجمات الإرهابية استمرت في استعداء المنشآت النفطية بالمملكة وتهديد إمداد الطاقة العالمي وسط صمت دولي، وفق آراء خبراء مهتمين بالشأن النفطي.
وقال الدكتور محمد الصبان، كبير مستشاري وزير الطاقة سابقاً والمستشار النفطي الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «استمرار الهجمات على المنشآت النفطية السعودية ليس تهديداً للمملكة وإنما للاقتصاد العالمي الذي ما زال يعتمد على النفط في نموه، مما يؤدي إلى إحداث أزمة دولية وعدم اليقين بما ستؤول إليه في حال مواصلة الإرهاب استهداف تلك المنشآت في الفترة المقبلة».
واستطرد الصبان: «المبادرة السلمية الداعية للسلام التي أطلقتها المملكة لإنهاء الحرب في اليمن… لم تَلقَ أذناً صاغية عند ميلشيات الحوثي التي تعتاد على الإرهاب، وهم مدفوعون بما تمليه عليهم إيران»، حسب وصفه.
واستغرب الدكتور الصبان الصمت الدولي وعدم التحرك لاتخاذ قرارات جادة لأن إصدار بيانات الشجب وحدها لا يكفي، لا سيما أن المملكة مبادِرة نحو السلام في اليمن، ولم تؤتِ ثمارها في وقف الهجمات، ولا يتضح أن الميليشيات مستعدة جدياً لوقف الاستعداء النفطي، مؤكداً أهمية حسم الموقف أمام الإرهاب لتأمين إمدادات الطاقة العالمية.
وواصل كبير مستشاري وزير الطاقة سابقاً: «عدم اتخاذ القرار وقبول مبادرة السلام من الحوثيين يؤدي إلى تكرار هذه الهجمات، والجميع يعرف حينما تعطلت سفينة واحدة فقط في قناة السويس كيف تسببت في اختناق جزء كبير من التجارة الدولية وتعطل مرور 13 مليون برميل من النفط».
وصرح مصدر مسؤول في وزارة الطاقة السعودية أمس، بأنه «عند الساعة التاسعة وثماني دقائق من مساء الخميس تعرضت محطة توزيع المنتجات البترولية في جازان (جنوب المملكة) لاعتداءٍ تخريبي بمقذوف، ونتج عن الاعتداء نشوب حريقٍ في أحد خزانات المحطة، ولم تترتب عليه أي إصابات أو خسائر في الأرواح، ولله الحمد».
وأكد المصدر في تصريحه أن «المملكة تدين الاعتداء التخريبي الجبان الموجه ضد المنشآت الحيوية، والذي لا يستهدف السعودية فحسب، وإنما يستهدف أمن الصادرات النفطية، واستقرار إمدادات الطاقة للعالم، وحرية التجارة العالمية، كما يستهدف الاقتصاد الدولي ككل، فضلاً عن أنه يُؤثر في الملاحة البحرية، ويُعرّض السواحل والمياه الإقليمية لكوارث بيئية كبرى جراء مثل هذه الأفعال التخريبية».