حذر وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، من استمرار النظام الإيراني في تعنته، بإصراره على التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ودعمه الميليشيات الطائفية المتطرفة، وتهديده الملاحة الدولية، مشدداً على أن ممارسات هذا النظام، تسببت في زعزعة الأمن والاستقرار.
وقال الوزير في كلمته أمام ندوة الحوار الاستراتيجي والتعاون بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وألمانيا «نتطلع من شركائنا في المجتمع الدولي إلى الأخذ بعين الاعتبار مسببات التوتر الحاصل في المنطقة، والمتمثلة في مخالفة النظام الإيراني للمواثيق والمعاهدات الدولية، وإصراره على التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ودعمه ميليشيات طائفية متطرفة، وتهديده الملاحة الدولية، حيث تسببت ممارسات هذا النظام في زعزعة الأمن والاستقرار، على الصعيدين الإقليمي والدولي، على مدار العقود الأربعة الماضية».
وتأتي الندوة المشتركة في إطار التحضير لأعمال منتدى التعاون الخليجي – الألماني الثاني؛ إذ أشار الوزير السعودي إلى أن العلاقات الخليجية – الألمانية ترتكز على إرث تاريخي يعود لما يقارب التسعين عاماً، عقب توقيع معاهدة الصداقة بين المملكة العربية السعودية وألمانيا في أبريل (نيسان) 1929.
وشدد على سعي دول مجلس التعاون الخليجي «بما حباها الله من استقرار سياسي واقتصادي» نحو تعزيز شراكتها وتعاونها مع ألمانيا الاتحادية في المجالات كافة لتحقيق المصالح المشتركة. وأوضح أن التعاون المثمر والبنّاء بين الجانبين «يتطلب منهما تعميق ومأسسة التشاور والتنسيق إزاء القضايا الدولية والإقليمية، خاصة لجهة الدور القيادي لألمانيا ولدول الخليج العربية في منطقتهما والعالم».
وأكد أن الموقع الجيوسياسي لدول مجلس التعاون، والامتداد التاريخي لأنظمة الحكم، والثروات الطبيعية والبشرية، والترابط الأسري بين شعوبه، «تشكل أهم مقومات الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، وأصبحت بذلك واحة للرفاه والرخاء، وسط منطقة تحيط بها الصراعات والنزاعات والتهديدات من قوى إقليمية عاجزة عن استثمار مقوماتها الوطنية لتحقيق النمو والازدهار».
وقال الأمير فيصل بن فرحان، إن «مثل هذه الندوات والمنتديات تشكل رافداً مهماً لتبادل وجهات النظر والاقتصادية ذات الاهتمام المشترك، وتسهم في تزويد صانع القرار برؤى متنوعة لتعزيز التعاون القائم بين دول مجلس التعاون وألمانيا».
وبيّن أن استضافة بلاده قمة مجموعة العشرين خلال هذا الشهر تأتي استكمالاً لنهج المملكة القائم على أهمية تعزيز سبل التعاون مع المجتمع الدولي لمواجهة التحديات التي تواجهه، ومسؤولية مجموعة العشرين استثمار التعاون القائم لتمكين الإنسان وتمهيد الطريق للجميع نحو مستقبل أفضل وسنّ سياسات اقتصادية مستدامة.
وأوضح الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدكتور نايف الحجرف، في كلمته، أن المنتدى يركز على الأمن الإقليمي، والتعاون بين مجلس التعاون الخليجي وألمانيا في مواجهة التحديات التي تفرضها جائحة «كوفيد – 19»، وعلى الفرص المتاحة للجانبين لتعزيز المصالح المشتركة في مجالات التجارة والاستثمار والتعليم والطاقة، وغيرها من المجالات الكثيرة.
وبيّن أن مجلس التعاون الخليجي عمل منذ تأسيسه على تعزيز التكامل الإقليمي بين دوله الأعضاء في مختلف المجالات، وحقق الكثير من الأهداف، ويعمل على تحقيق المزيد. وأضاف، أن استعادة السلام والأمن والازدهار لمنطقتنا ككل «تتطلب منا التطبيق الصادق لسيادة القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، أي احترام السيادة والاستقلال السياسي ووحدة الأراضي والالتزام بحل النزاعات بالطرق السلمية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».
وأشار إلى أن ألمانيا تشارك دول المجلس اهتمامها وحرصها على الحاجة إلى استعادة السلام والأمن في هذه المنطقة، مؤكداً أهمية التعاون، خصوصاً في ظل جائحة «كورونا» لتحقيق المصلحة المشتركة ومن أجل المستقبل وتبادل الأفكار والمقترحات.
ولفت إلى أنه كان لدول مجلس التعاون دور كبير في الحفاظ على أمن إمداد الطاقة واستقرار أسواقها «وشاركت بصورة فعالة في جهود المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب ونبذ التطرف والتعصب، وقدمت مساعدات اقتصادية وإنسانية سخية لجيرانها وغيرهم من الدول المحتاجة».
وأضاف أن «الأمانة العامة لمجلس التعاون تبادلت مع المكتب الفيدرالي الألماني قائمة بالموضوعات المقترحة لإطلاق حوار شامل حول الكثير من الموضوعات»، مؤكداً «الاستعداد لاستضافة وتنظيم مع الشركاء سلسلة من ورش العمل والندوات مع الأطراف المهتمة من الجانبين».
وأكد أن ألمانيا تعد من أهم الشركاء التجاريين، لافتاً إلى أن التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون وألمانيا حقق زيادة ملحوظة في السنوات القليلة الماضية؛ إذ بلغت القيمة الإجمالية لحجم التبادل التجاري بين الجانبين عام 2019 نحو 26.2 مليار دولار، في حين بلغت قيمة صادرات ألمانيا إلى دول المجلس 22.9 مليار دولار، وقيمة صادرات دول المجلس إلى ألمانيا 3.3 مليار دولار. وأعرب عن اعتقاده بأن فرص زيادة الأرقام كبيرة وممكنة.