شهدت مديرية لودر بمحافظة أبين (جنوب اليمن)، صباح اليوم الإثنين، احتشاداً جماهيرياً هائلاً وغير مسوبق، دعماً للحكومة اليمنية الشرعية ومشروع الدولة الاتحادية، التي نصت عليها مخرجات الحوار الوطني.
ومنذ ساعات الصباح الأولى تقاطر عشرات الآلاف من أبناء لودر وعموم مديريات أبين صوب موقع التظاهرة في مديرية لودر، في الشمال الشرقي للمحافظة.
وقالت مصادر خاصة لعدن نيوز إن الحشود الجماهيرية العريضة بدأت بالتوافد إلى موقع التظاهرة التي دعا لها الائتلاف الوطني الجنوبي، في الأطراف الغربية لمركز مدينة لودر من مديريات مودية والوضيع وجيشان والمحفد.
وندد المتظاهرون بسياسات التخريب التي تمارسها الإمارات وأدواتها في اليمن، ورفعوا شعارات ترفض حصر تمثيل القضية الجنوبية في طرف واحد، في إشارة للمجلس الانتقالي.
ويشكّل الخروج الكبير للمتظاهرين في أبين اليوم وهم حاملين أعلام الجمهورية واليمن الموحد لحظة فارقة وغير مسبوقة، خاصة وأن لودر (مركز التظاهرة) كانت تعد إحدى معاقل أنصار الإنفصال، الأمر الذي يمثل تغيراً دراماتيكياً في قناعات عموم الشعب الجنوبي، وإدراكهم لحقيقة المشاريع التمزيقية التي يروّج لها المجلس الانتقالي المسيّر إماراتياً.
ابناء ابين في مليونية اليوم يهتفون ضد الانتقالي المدعوم اماراتياً#ائتلاف_وطني_لا_مناطقي pic.twitter.com/CNxbaJ2a2Q
— عدن نيوز #اليمن (@adennews2017) July 27, 2020
ويقول الصحفي أحمد المشرع: ” هذا الخروج يشكل لحظة مفصلية في مسلسل الصراع بين الدولة ومليشيات الإنفصال وتعميداً صارخاً بأن أبين وحودية وأن أبناءها لن يكونوا بيادق في جيب ابن زايد”.
أبين قالت كلمتها
يقول الصحفي فتحي بن لزرق ” قبل سنوات من اليوم أكثر الأشياء التي لم أكن اسمح لخيالي ان يتخيلها ان يمضي عشرة أشخاص في طريق عامة في أي مدينة جنوبية وهم يرفعون علم الجمهورية اليمنية ويهتفون لأجل “اليمن الكبير” اليمن الذي أثبتت الأيام ان لاخيار سواه .
وأضاف: “شعرت هذا الصباح بالعجز وانا أرى عشرات الآلاف من الناس وهي تتدفق من كل حدب وصوب. شعارها واحد ..بالروح بالدم نفديك يايمن..قالت أبين كلمتها مثلما قالت شبوة والمهرة وسقطرى وعدن وحضرموت ولحج وكل مناطق الجنوب. وسيقول كل عاقل كلمته، ولن يبيع أحدا ما أرضه ولا وطنه.
من جهته رأى الدكتور محمد جميع، سفير اليمن في منظمة اليونسكو، أن الاحتشاد الكبير الداعم للوحدة في أبين دليل دامغ على أن ادعاءات الانتقالي تمثيل الجنوب دعاوى هزيلة لا تمتلك أية حجية.
وفي هذا الصدد قال: “حشود كبيرة خرجت في مديرية لودر بمحافظة أبين تهتف للوحدة والشرعية وترفع علم اليمن. المظاهرة التي نظمها الائتلاف الوطني الجنوبي تظهر أن هناك تنوعاً في الشارع جنوب البلاد، وأن دعاوى تمثيل طرف واحد للجنوب غير دقيقة.
وتابع: بما أن التنوع موجود فلابد من سماع جميع الأصوات”.
الائتلاف الوطني الجنوبي.. رمانة الميزان
ولقيت التظاهرة المليونية في أبين صدى واسعاً، ورأى كثير من اليمنيين أنها تشكّل “صفعة ثانية” للمجلس الانتقالي وممولية في الإمارات، بعد فشلهم الذريع في تنظيم فعالية جماهيرية في محافظة المهرة قبل يومين.
ووصف ناشطون الاحتشاد الهائل بأنه “قيامة وطن” فيما لقي الائتلاف الوطني الجنوبي الذي دعا للتظاهرة ونظمها الكثير من كلمات الشكر والعرفان من مختلف الشرائح الوطنية.
وقال سالم الكازمي وهو أحد المشاركين الفاعلين في التظاهرة إن الإئتلاف الوطني سيواصل حشد أنصاره في مناطق أخرى من أبين والجنوب بشكل عام تعريفا بأهداف وملامح الإئتلاف لافتا إلى ان الإئتلاف هو عمل سياسي وبإمكان أي شخص تحديد توجهه دون أي ضغوط، مشيراً إلى أن جزءً كبيراً من أبناء أبين يدعمون الإئتلاف.
وقال الناشط الصحفي أمجد علي إن “نجاح هذا الحشد الجماهيري الكبير يعد انتصاراً شعبياً للقضية الجنوبية ضد من يدعي نصرتها من عبيد الإمارات، ويعيد الاعتبار لها كقضية مظلومية وحقوقية بامتياز لا تتجاوز سقف المشروع الوطني الجامع (اليمن الاتحادي)”.
وقال إن المعطيات على الأرض وحجم التظاهرة يكشف تعاظم الدور الوطني الكبير الذي يمثله الائتلاف الوطني الجنوبي، ممثلاً بالشيخ أحمد العيسي، والذي لطالما كان رجل المرحلة في أصعب اللحظات التي مر بها الوطن.
بيان أبين يضع النقاط على الحروف
بحسب مراقبين شكّل احتشاد أبين المليوني لحظة فارقة في طريقة تعاطي التحالف العربي مع الملف اليمني، وأظهر الحشد الهائل الذي حضرته مختلف التكوينات الاجتماعية والفصائل السياسية والقيادات القبلية والشخصيات الاعتبارية، حقيقة الدعم والإسناد الكبير الذي يقدمه الشعب في أبين خاصة ومختلف مدن اليمن بشكل عام للحكومة اليمنية وقيادتها السياسية، ممثلة بفخامة المشير عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية.
وقد بدا هذا الدعم جلياً وساطعاً حينما هتفت الجماهير “بالروح بالدم نفديك يا يمن” ورفعت أعلامًا للجمهورية اليمنية الموحدة وهو أمر يحدث للمرة الأولى منذ حوالي 10 سنوات في مديرية لودر التي تعد أحد أبرز معاقل الحراك الجنوبي الداعي لانفصال الجنوب عن الشمال وإستعادة الجمهورية السابقة في الجنوب قبل العام 1990م.
وأعلن المهرجان الجماهيري تأييدهم الكامل للشرعية بقيادة رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي.
ودعا بيان صادر عن الفعالية التي نظمها الائتلاف الوطني الجنوبي ـ أطلع عدن نيوز عليه عليه ـ إلى ضرورة الإسراع في تنفيذ اتفاق الرياض، وإشراك كافة القوى السياسية والمجتمعية في المحافظات الجنوبية في الحكومة المقبلة والعملية السياسية برمتها.
وطالب المتظاهرون التمسك بحقهم في التمثيل العادل والكامل في مشاورات الرياض، وأعلنوا رفضهم القاطع لمحاولة استئثار مكون أو فئة أو جهة بحق تمثيل المحافظات الجنوبية بالاستناد للقوة، ـ في إشارة للانتقالي المدعوم إماراتياً ـ كون ذلك لا يحقق الاستقرار المنشود، بل يؤسس لدورة جديدة من الصراع، والتشديد على أهمية الحوار، وتعزيز قيم التعايش، ونبذ العنف، والتخلي عن لغة القوة، واستخدام السلاح، حد وصفهم.
وأعلن بيان المهرجان تفويض قيادة الائتلاف الوطني الجنوبي، برئاسة الشيخ أحمد صالح العيسي، ودعمها في كافة الخطوات التي من شأنها انتزاع الحقوق المشروعة التي تليق بأبين وكافة المحافظات الجنوبية، وتضحيات أبنائها وبما يضمن تحقيق مبدأ الشراكة في السلطة والثروة.
كما دعا البيان كافة القوى الوطنية إلى توحيد الجهود، ورص الصفوف، نحو تحقيق الهدف الرئيس للمعركة، وإعادة التركيز عليه، كهدف وجودي يتمثل بإسقاط مشروع الإمامة الحوثية المرتهنة للمشروع الإيراني.
وطالب البيان الحكومة بتحمل مسؤوليتها في توفير الخدمات وتأمين المرتبات بصورة منتظمة، وبما يعزز من فاعلية وأداء الجهازين الإداري والعسكري للدولة، والاهتمام بأسر الشهداء، وبذل الجهود لمعالجة الجرحى وتبني همومهم وقضاياهم.
وأعلن البيان عن تشكيل “حلف قبائل وأعيان أبين” كإطار واسع يضم جميع مكونات وقوى المحافظة، بروح تشاركية توافقية، لأجل الإسهام في خدمة المحافظة، والمشاركة في إحداث التوازن الجيوسياسي والديموجرافي، تأسيساً على الانتماء الوطني المتحرر من المناطقية والعصبويات الضيقة.