عمّق وباء كورونا مأساة اليمنيين من الفقراء القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حتى باتوا بين مطرقة البقاء في المنازل خوفا من الإصابة بالفيروس وسندان الموت جوعا.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه الأسواق ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع، وفي وقت يزداد فيه الخوف من تستر السلطات الصحية لدى ميليشيات الحوثي على عدد الحالات المؤكدة إصابتها بفيروس كورونا.
وقال مالك متجر لبيع البهارات في صنعاء القديمة لـ ”إرم نيوز“ إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير خاصة المواد الغذائية، بسبب اندفاع الكثير من الميسورين وقيادات حوثية إلى تكديس السلع الغذائية بمنازلهم.
وأضاف: ”قبل أسبوع كان كيلو الأرز بـ 400 ريال، والآن أصبح بـ 700 ريال، وكل شيء ارتفع سعره دون رقيب أو حسيب“.
وتنامت مخاوف اليمنيين، وبدأ البعض منهم وضع أنفسهم وأسرهم في المنازل ومنع الاختلاط بالآخرين كإجراء وقائي، فيما حزمت المئات من الأسر أمتعتها وغادرت المدن الرئيسية نحو القرى والأرياف خوفا من انتشار كورونا، لينعكس ذلك بشكل سلبي على حياة السواد الأعظم من اليمنيين الذين بالكاد يجدون قوت يومهم، لاسيما أن جزءا كبيرا منهم يعملون بالأجر اليومي.
من أين أطعم أبنائي؟
”من وين أطعم أبنائي إذا كنت في حجر صحي؟“، تساءل بائع متجول يدعى شمسان. وقال لـ ”إرم نيوز“: ”الحوثي عندما يدعو الناس للحجر الصحي، هم يعنون أصحابهم، أما الشعب يموت عادي، إذا لم نمت من كورونا فسنموت جوعا“.
شمسان، الذي يعمل معلما في مدرسة حكومية، لم يتسلم راتبه كاملا منذ نحو 4 سنوات، لذا دفعته الحاجة للعمل كبائع ثياب متجول، لمواجهة ظروف الحياة، وبالكاد يكفي ما يحصل عليه سد رمق أطفاله الثلاثة.
يقول في إشارة للحوثيين: ”مش مهتمين بأحد غير أصحابهم، أما نحن نموت عادي“، سارًا في ذلك من الدعوات التي تطلق بضرورة البقاء في المنازل، وقال: ”إذا وضعت نفسي وأسرتي في المنزل، من سيتكفل بإطعامنا، أكيد الحوثيون لا يعنون الفقراء بل المشرفين الحوثيين، ومن استولوا على ثروات وإيرادات البلد“.
ثالوث الرعب
”الغلاء والكورونا والحوثيون“، مثلث يصعب تجاوزه بالنسبة لليمنيين الذين وجدوا أنفسهم في معركة مستمرة من أجل الحياة ضد الثالوث المرعب، وفق توصيف فارس المقطري، وهو مدير مدرسة أقالته جماعة الحوثي.
ويقول المقطري لـ“إرم نيوز“: المصائب التي تنهال على رؤوس اليمنيين مؤلمة جدا، فالغلاء سبب في زيادة فقرهم، والحوثي ينهب كل شيء منذ نحو ست سنوات، وحياتنا تعاسة في تعاسة، ليأتي فيروس كورونا، الأمر صعب للغاية بالنسبة لليمنيين، حرب من كل مكان والضحية هم الفقراء.
وأضاف أن اليمنيين، منذ انقلاب الحوثيين على السلطة، أبعدوا أيديهم عن أحلامهم، وباتت أحلامهم وطموحاتهم لا تتجاوز توفير لقمة عيش كريمة، مقابل مشاهداتهم للقيادات الحوثية وهي تزداد ثراء ونعيما.
وعن الحجر الصحي، قال: ”أي حجر صحي وأي كلام فاضي، إذا فرض الحجر سيموت اليمنيون جوعا في منازلهم وستمتلئ المقابر بالموتى من الجوع وليس من كورونا، أغلب اليمنيين يعيشون بيومهم، إذا توقف يوما فلن يجد ما يأكله أبناؤه في المساء“.