كل المنظمات الحقوقية والإنسانية في اليمن معنية بوقف هذه الجريمة. طفلتين في محافظة إب يصر والدهما على تزويج إحداهما من رجل أربعيني (بل مفترس أربعيني). الفتاتان حالياً لدى مقر اتحاد نساء اليمن بالمحافظة”.
بهذه الكلمات استغاث مسؤول البرامج في الائتلاف المدني للسلام باليمن، يزيد الجداوي، بالجهات الحقوقية الفاعلة في البلاد لوقف أحدث جرائم الزواج المبكر في اليمن.
وأضاف الجداوي لرصيف22: “القصة أن الأم هربت بطفلتيها إلى مقر اتحاد نساء اليمن، طالبة توفير الحماية لها وللطفلتين جراء إصرار الأب على تزويج إحداهن، بعدما أقدم سابقاً بالفعل على عقد قرانها، قبل إتمام الطلاق بضغط من الأم”.
وأشار إلى أن “هذه المرة، الأب أعاد الكرة بالاتفاق مع محام أربعيني بعدما أبلغه بموافقته على تزويجه من طفلته”.
في إجراء أولي اتخذه الفريق القانوني لـ”اتحاد نساء اليمن” بمحافظة إب، صدرت مذكرة إحضار للأب إلى إدارة الأمن بالمحافظة للتحقيق معه بشأن محاولته تزويج الطفلة، بحسب الجداوي.
أما الطفلتان، اللتان يتحفظ رصيف22 عن ذكر اسميهما حمايةً لهما، فجرى إيداعهما دار إيواء حالياً.
ضغط الرأي العام
هذه ليست الحالة الأولى لتزويج أو محاولة تزويج طفلة دون سن العاشرة في اليمن الذي يشهد أعداداً ربما لا يمكن حصرها من هذه الحالات في بلد تصنفه منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) كـ”ثاني أكثر البلدان العربية تزويجاً للأطفال”.
وكان من بين أكثر محاولات تزويج الطفلات صدمةً للمجتمع اليمني حالة الطفلة أنسام ابنة الثامنة التي سعى والدها إلى إتمام زفافها، في أيلول/سبتمبر الماضي، إلى شاب ثلاثيني عقد قرانه عليها.
وقال الجداوي إن “حوادث كثيرة مشابهة حصلت في محافظات ذات طابع قبلي مثل عمران وصعدة وذمار، وإنه تم توثيق حالات عديدة لتزويج طفلات في سن التاسعة والعاشرة والحادية عشرة، وإنه في إحدى الحالات في عمران تم الزواج”.
واعتبر أن الأمل حالياً في “تكثيف الضغط الإعلامي وعبر السوشيال ميديا حتى تتفاعل وتتحرك السلطات في إب”، لافتاً إلى أن التفاعل مع القصة التي أثيرت قبل ساعات معدودة كبير.
وأوضح: “تقع العديد من القصص الكارثية والمؤلمة ولولا الضغط الإعلامي كانت كل هذه الجرائم لتمر مرور الكرام. لكن هناك صحوة داخل المجتمع وأصبح هناك رفض واسع لهذه الانتهاكات التي كانت تتم سابقاً دون حسيب أو رقيب”.
ورأى أن الجمعيات أو المنظمات الحقوقية قد تسهم في توفير فريق حقوقي يتابع الإجراءات بالتنسيق مع السلطات وتأمين الحماية للأم وللبنتين كحل مؤقت.
والسائد في اليمن تزويج الفتيات عقب البلوغ، لكن نظراً لطول فترة الحرب والإنهاك الاقتصادي وعدم توفر الأمن اللذين ترتبا عليها، يلجأ بعض الآباء إلى تزويج فتياتهم مبكراً جداً للتخلص من عبء الإنفاق عليهن أولاً والاطمئنان على “شرفهم” وتفادي خطر الاعتداءات الجنسية ثانياً.
جريمة شنعاء
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، علق ناشطون على هذه القضية واصفين اليمن بـ”مقبرة النساء والأطفال”، ومثل هذه الجرائم بـ”انتهاك الطفولة ووأد البراءة”.
وحذرت الناشطة الحقوقية اليمنية هدى الصراري من أنه “إن لم نقف بوجه هذه الانتهاكات بجدية سيتفاقم الأمر إلى ظاهرة يقتدي بها بقية الآباء الذين لا يخافون الله ولا رفض مجتمعي يحد منها. فروع اتحادات نساء اليمن معنية بدرجة أولى برصد ومتابعة هذه الجرائم وتزويد الرأي العام المحلي بإحصائيات ومعالجات على الأقل في ظل عدم وجود دولة تحمي الضحايا”.
رصيف22