بعد أن أعلنت وزارة الحج والعمرة السعودية إيقاف إصدار تأشيرات العمرة، وتعليق دخول المملكة لمن حصل على تأشيرة العمرة، كإجراء وقائي لمنع وصول فيروس “كورونا”، تتجه الأنظار إلى موسم الحج لهذا العام الذي من المفترض أن ينطلق في يوليو المقبل، وسط مخاوف من أن يتحول “كورونا” لوباء عالمي.
ووفق الرأي الشرعي أفتى الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي، الأحد (1 مارس 2020)، بجواز منع أداء مناسك العمرة والحج بشكل مؤقت في حال انتشار فيروس كورونا الجديد وتأكد أنه يُهدد حياة المعتمرين والحجيج.
وأصدر “القره داغي” فتوى مفصلة حول الأحكام المتعلقة بانتشار فيروس كورونا والتعامل معه في ظل تهديده لحياة الكثير من الناس.
وجاء في الفتوى فيما يتعلق بمنع العمرة والحج: “الراجح أنه إذا انتشر الوباء قطعاً أو تحقق غلبة الظن -من خلال الخبراء المختصين- أن الحُجاج، أو بعضهم، قد يصيبهم هذا الوباء بسبب الازدحام، فيجوز منع العمرة أو الحج مؤقتاً بمقدار ما يدرأ به المفسدة”.
وأضاف أن “الفقهاء اتفقوا على جواز ترك الحج عند خوف الطريق، بل إن الاستطاعة (لأداء الحج) لن تتحقق إلا مع الأمن والأمان، ولذلك فإن الأمراض الوبائية تعد من الأعذار المبيحة لترك الحج والعمرة، بشرط أن يكون الخوف قائماً على غلبة الظن بوجود المرض، أو انتشاره بسبب الحج والعمرة”.
مذبحة القرامطة
تاريخياً توقف الحج مراراً، حسبما وجد “الخليج أونلاين”، بسبب حروب وأزمات لعل أشهرها في التاريخ الإسلامي حادثة “القرامطة”، وهم فرقة من الشيعة، عندما منعوا الحج 40 عاماً، لاعتبارهم الحج من الأعمال الجاهلية، وذلك بحسب ما ذكر في كتاب “تاريخ الإسلام” للإمام الذهبي.
وفي تفاصيل الحادثة التي رواها الذهبي أنه وقف أبو طاهر القرمطي منشداً على باب الكعبة، يوم الثامن من ذي الحجة سنة 317 هجرية، داعياً سيوف أتباعه أن تحصد حجاج بيت الله قتلاً ونهباً وسفكاً، في الوقت الذي كان يشرف هو بنفسه على هذه المجزرة المروِّعة، وينادي أصحابه: “أجهزوا على الكفار وعبدة الأحجار، ودكوا أركان الكعبة، واقلعوا الحجر الأسود”.
ويومها – كما روى – تعلق الحجاج بأستار الكعبة واستغاثوا بالله، فاختطفتهم سيوف القرامطة، واختلطت دماؤهم بأستار الكعبة، حتى زاد عدد من قتل في هذه المجزرة على 30 ألفاً، دفنوا في مواضعهم بلا غسل ولا كفن ولا صلاة.
وذكرت العديد من المصادر التاريخية قيام القرامطة بجمع 3 آلاف جثة حاج، وطمروا بها بئر زمزم وردموها بالكلية، ثم قاموا بعد ذلك بقلع الحجر الأسود من مكانه، وحملوه معهم إلى مدينة “هجر” بالبحرين، حيث كانت مركز دعوتهم وعاصمة دولتهم.
أوبئة وأزمات
وفي عام 983 ميلادية قيل إنه لم يحج أحد من العراق بسبب الفتن والخلافات بين خلفاء بني العباس وخلفاء بني عبيد.
وفي عام 1213 هجرية توقفت رحلات الحج في أثناء الحملة الفرنسية، وفي سنة 1344 هجرية، حدث ما سمي بالمحمل المصري وتسبب عنه انقطاع الحج تماماً من مصر.
أما في عام 1253م فعاد أهل بغداد للحج بعد توقف دام 10 سنوات بعد وفاة الخليفة المستنصر.
وفي 1257 ميلادية لم يحج أحد من أهل الحجاز، ولم ترفع راية من رايات الملوك في مكة، وفي 1814م مات نحو 8000 شخص في الحجاز بسبب الطاعون.
أما في 1831م فتفشى وباء هندي، خلال موسم الحج، ومات بسببه كثير من الحجاج، ومن 1837 حتى 1840 شهدت الحجاز تفشي الأوبئة، ومن 1846 حتى 1883م تفشى وباء الكوليرا، الذي عطل الحج ودفع الناس للهروب من الحجاز، وتم حجرهم صحياً.
وتعطل موسم الحج في عام 1030 ميلادية، حيث لم يؤدِ الفريضة سوى مجموعة من العراق، وانقطع أهل العراق وخراسان والشام ومصر عن الحج في موسم عام 1039 ميلادية.
كما توقف موسم الحج في عام 1099 بسبب اختلاف السلاطين قبل سقوط القدس في يد الصليبيين بخمس سنوات، ولم يتمكن المصريون من أداء فريضة الحج في عام 1168 بسبب حرب داخلية.
إجراءات احترازية
وأعلنت السلطات السعودية سلسلة إجراءات احترازية عند منافذها الحدودية تجاه الأشخاص الذين زاروا دولاً موبوءة بفيروس كورونا المستجد، الذي داهم أكثر من 70 دولة في العالم.
وفرضت المملكة، الثلاثاء (3 مارس 2020)، قيوداً على دخول المواطنين والمقيمين بدول الخليج الذين سافروا إلى الخارج خلال 14 يوماً الماضية
والاثنين (2 مارس) أعلنت وزارة الصحة السعودية تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا الجديد لمواطن قادم من إيران عبر مملكة البحرين.
جاء ذلك بعد أن علقت المملكة بشكل مؤقت الزيارات الدينية إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة التي تجذب ملايين الأشخاص سنوياً؛ لمنع وصول فيروس كورونا المميت إلى المملكة وانتشاره.
كما قررت الوزارة السعودية تعليق العمل بالتأشيرات السياحية لـ 22 دولة تفشى فيها فيروس كورونا.
في سياق متصل قررت السلطات السعودية تعليق دخول مواطني مجلس التعاون الخليجي إلى مكة والمدينة مؤقتاً؛ بسبب فيروس كورونا.
وإضافة إلى ذلك، قررت السلطات السعودية تعليق استخدام المواطنين السعوديين ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي بطاقة الهوية الوطنية للتنقل من وإلى المملكة.
وأكدت السعودية أن هذه الإجراءات مؤقتة، وتخضع للتقييم المستمر من قبل الجهات المختصة، مجددة دعمها لكافة الإجراءات الدولية المتخذة للحد من انتشار الفيروس.
وتم تسجيل حالات إصابة بالفيروس في جميع الدول الخليجية، وغالبية الإصابات حملها أشخاص كانوا في إيران.