بقلم - أبو زين
هناك.. في أعالي الجبال الشاهقة الباردة شرق صنعاء، يخوض ثلة من جنود الجمهورية واحدة من أعتى المعارك الحربية ضد حشد مهول من مليشيات اليباب والكهنوت.
في نهم.. تلك البلاد المتخمة بالتضاريس الشاقة والمتربصين من كل جانب، ينافح ما تبقى من شرف الجيش اليمني عن شرف اليمنيين أجمع. يخوضون غمار معركة فارقة أراد لهم المتربصون أن تكون محرقة لهم. لكن هذا الجيش الباسل وبرغم تعرضه للخذلان من الجميع لم ينكفئ على نفسه ولم يترك ساحة المعركة نكاية بمن خذلوه وأجاعوه لسنوات.
حين دعتهم نِهم واستصرختهم جبالها: من أنصاري إلى اليمن الجمهوري الكبير، قال البواسل نحن الحواريون لليمن وللجمهورية.
حمل أصحاب الجيوب الفارغة والأمعاء الخاوية والأوجاع المتراكمة والشرف المتجذر في الأعماق شرفهم وبنادقهم الشخصية وهبوا كالبراكين للذود عن هذه البلاد المتروسة بالخونة والغادرين.
وهكذا وفي ظرف أيام قلائل صارت معركة نهم معركة اليمنيين أجمع وصارت أخبار الجيش الوطني وبطولاته الأسطورية مثار عزة لكل حر أبي في هذا البلد المنهك.
وبرغم كل الأنباء الموحشة القادمة من هناك، إلا أن نهم صارت حرب اليمنيين المقدسة. التف جولها كل اليمنيين بكل مشاربهم وانتماءاتهم. ومع أول رصاصة انطلقت من بندقية جندي باسل نحو صدور الحوثيين في نهم انصهرت كل الخلافات وتلاشت كل الحسابات الضيقة التي لطالما “خنقت” اليمنيين وأدخلتهم في حروب جانبية ساعدت الكهنوت كثيراً على الديمومة والتفشي كالسرطان.
صرنا نرى المؤتمري والإصلاحي وهما يتسمّران أمام شاشات هواتفهم أو القنوات الفضائية بانتظار أخبار المقاتلين في نهم. تتكور قلوبهما حسرة وغما حينما تتوارد أنباء الانكسارات، وتطير كقلب طفل ينتظر انبلاجة العيد مع هبوب أخبار النصر والصمود.
هذا الحشد الواحد وهذا التعاضد الجمهوري على امتداد اليمن الكبير خلف الجبهة الجامعة “نهم” هو أهم وأثمن انتصار حققه اليمنيون طوال سنوات الحرب. ولهذا فأنا أكيد أن صنعاء اليوم باتت أقرب إلينا من أي وقت مضى، ولو استمر الحال على وضعه في الأسابيع والأشهر القادمة فإننا على موعد مع فرحة اليمنيين الأعظم: فرحة الجمهوريين جميعاً في قلب صنعاء، وإن غداً لناظره قريب.