يمارس النظام الإماراتي أنواعا متعددة ومروعة لانتهاكات حقوق الإنسان من بينها الإخفاء القسري لمواطني الدولة والوافدين إليها بما يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي والمواثيق ذات الصلة.
فمنذ أسابيع تشهد دولة الإمارات جدلا متصاعدا على خلفية اختفاء مسئول عسكري كبير بعد أن كشف قضايا فساد كبيرة في الدولة.
والمقصود هنا اعتقال العقيد محمد سعيد الزعابي في 17 أكتوبر على خلفية كشفه فساداً داخل المؤسسة العسكرية في بلاده، ليلحق بوالده رئيس دائرة الأشغال السابق بالجيش، والمعتقل بسبب ذات الأمر.
ومنذ ذلك الوقت لم يتم الكشف عن أي معلومات موثقة عن مصير الزعابي ووالده أو أي إجراءات قضائية تم اتخاذها بحقهما في الدولة التي تزعم زورا تبني التسامح ومكافحة الفساد.
وقبيل اعتقال الضابط، قام بتسجيل مادة صوتية كشف فيها عن أسباب اعتقال والده العقيد الدكتور سعيد الزعابي (رئيس سابق لدائرة الأشغال العامة بالجيش الإماراتي)، مؤكداً أن التسجيل الصوتي سينشر في حال اعتقاله هو أيضاً، وهو ما يرجح حدوث ذلك، بعدما انتشر ذلك التسجيل.
ووفقاً لمقدمة التسجيل، قال الزعابي إنه متوجه إلى “برزة قصر البحر”، في محاولة منه للقاء ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وكشف ما يحدث من فساد داخل الجيش الإماراتي، لكن على ما يبدو أنه فقد اعتقل قبل ذلك.
وأضاف: “أنا سأقوم بتسجيل هذه المعلومات، وفي حال تم اعتقالي أو تم إخفائي، سينتشر هذا المقطع المسجل مباشرة ليعرف الجميع سبب هذا الاعتقال”.
ومن أبرز الأسماء التي تعرضت للإخفاء القسري في الإمارات، الأكاديمي الإماراتي ناصر بن غيث، الذي اختطف في آب/أغسطس 2015، وظل مختفيًا لمدة تصل لنحو تسعة أشهر، وانتهى الأمر بظهوره في المحكمة، التي أكد أمامها تعرضه للتعذيب، والتي قضت في 2017 بسجن ناصر بن غيث 10 سنوات، بسبب انتقادات كتبها على تويتر للسلطات المصرية والإماراتية.
وهناك أيضًا محمد الركن المحامي الحقوقي الإماراتي المشارك في عريضة الإصلاح، ففي تموز/يوليو 2012، اختطف محمد الركن وظل قيد الإخفاء القسري نحو ثمانية أشهر. وتعرض محمد الركن لسوء المعاملة التي ترقى للتعذيب. ثم حكم عليه بالسجن 10 سنوات، ووضعه تحت المراقبة لثلاث سنوات إضافية، وتجريده من رخصة ممارسة المحاماة. وفي 2017، نال محمد الركن جائزة “لودوفيك تراريو” لحقوق الإنسان.
وممن تعرضوا للإخفاء القسري أيضًا، الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور، وهو من أبرز النشطاء في الإمارات. واعتقلته قوات الأمن في آذار/مارس الماضي، ورفضت السلطات إعلان اعتقاله في البداية. هذا بعد الفضيحة المدوية بالتنصت عليه وعلى اتصالاته وهواتف جملة واسعة من النشطاء الحقوقيين في البلاد.
وتحدثت تقارير حقوقية عن آخرين تعرضوا للإخفاء القسري في الإمارات، بينهم المدون صالح بن محمد بن صالح والذي حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات، لنشره تغريدات على حسابه الخاص، وذلك في شهر شباط /فبراير 2016.
والنساء في الإمارات مستهدفات هن أيضًا من قبل الدولة وأجهزتها الأمنية، وتعرضت العديد منهن للإخفاء القسري، قبل أن يظهرن في المحاكم بعد شهور.
والاختفاء القسري يتم ممارسته كنهج في الإمارات ليس فقط على المواطنين بل يطال الوافدين من دون أي سند قانوني.
والشهر الماضي تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي من النشطاء والحقوقيين، مع قصة الشاب العماني عبدالله الشامسي، المعتقل في سجون أمن الدولة في أبوظبي منذ أكثر من عام دون أي تهمة.
وقالت والدة المعتقل وهي مواطنة إماراتية متزوجة من عماني إنّ ابنها “الشامسي” مريض وموقوف منذ تاريخ 18/8/2018 حتّى اليوم في أبوظبي، مشيرةً إلى أنّ عمره وقت الاعتقال كان 19 عاما.
وأكدت الأم المواطنة، على حسابها بموقع التديون المصغر “تويتر”، أنّ نجلها لم يعرض بعد للمحاكمة، وناشدت بتعجيل محاكمته إن كان متهم، أو إخلاء سبيله مراعاة لظروفه الصحية.
بموازاة يعتقل الإمارات آلاف اليمنيين في سجون سرية تقيمها في ليبيا ضمن حربها الإجرامية على البلاد المستمرة منذ أكثر من أربعة أعوام.
ومن بين هؤلاء الضحايا لانتهاكات الإمارات الشيخ عبد اللطيف الشظبي المختفي قسريا في سجون الإمارات منذ خمسة أعوام رغم مناشدات عائلته المتكررة بحملات على تويتر لكشف مصيره.
وكشفت مصادر حقوقية عن إعلان الشظبي إضرابا عن الطعام منذ أسبوعين وسط تدهور وضعه الصحي احتجاجا على استمرار اعتقاله التعسفي.
*الامارات ليكس