بقلم - أبو زين
الدكتور محمد علي مارم.. يرتبط هذا الاسم تحديداً بواحدة من أكثر صفقات الفساد “خسة” وأوسعها إثارة للغضب الشعبي محلياً، لتصبح مؤخراً قضية رأي عام تلوكها الألسن ويتداول تفاصيلها الصغير والكبير، حتى بات صاحبها يتمنى أن لو مات قبل انفضاح أمره وكان “نسياً منسياً”!
الدكتور مارم هو سفير بلادنا في جمهورية مصر العربية، وهو أحد هوامير الفساد في بلادنا – وما أكثرهم – ، لكنه قد يكون الأكثر انحطاطاً بين جميعهم باقترافه جريرة ما اجترأ على اقترافها قبله مسئول قط: حذف عدد من الطلاب المتفوقين (الأوائل على مستوى الجمهورية اليمنية) من كشوفات المنح المعتمدة من الدولة، واستبدالهم بآخرين ممن نالوا حظوة لديه بمال مدنس أو بقرابة دم من السفير الذي تحوّل بين ليلة وضحاها إلى “سمسار” تحرّكه العمولات المدنسة والمال الحرام المدسوس من تحت الطاولة، دافعاً إياه إلى التوغّل عميقاً في أقذر مكبات الفساد وأكثرها عفونة.
لم يكن هذا السمسار المتخم بالفساد والصفقات المشبوهة يظن أن امبراطوريته في القاهرة قابلة للخدش، إلا أن طالبة مستضعفة من تهامة كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهره. الطالبة فاطمة حجري، وهي أحدى أوائل الجمهورية بمعدل بلغ 99.7% قدمت للقاهرة بعد أن تحصّلت من الدولة على منحة تبادل ثقافي في إحدى الجامعات المصرية. وصلت لتتفاجأ بهذا السمسار وقد باع منحتها لأحد أصدقائه، تماماً كما فعل مع العشرات من الطلاب المتفوقين غيرها.
شكواها التي انتشرت كالنار في الهشيم وهي مرمية في الشارع بلا حول ولا قوة فجّرت غلياناً شعبياً غير مسبوق، لتخرج في أعقابه وزارة التعليم العالي لتؤكد الواقعة الصادمة، ناسفة بذلك سمعة السمسار مارم الذي ظن أن لن يقدر عليه احد.
ولعلّ هذا السفير قد ظن أن دعوات الطلبة المظلومين ومنهم “فاطمة” بينها وبين الله حجاب، أو أن اتكاءه على الانتماء لقرية “الوضيع”، مسقط رأس الرئيس عبدربه منصور هادي، سيعصمه من عقاب الله في الدنيا بانفضاح أمره حتى صار تجسيداً صارخاً للفساد والفاسدين في بلادنا.
كانت قضية واحدة ودعوة موجهة لجبار السماوات والأرض من طالبة ضعيفة لا ظهير لها ولا مال.. نسفت جبروت السمسار “مارم” وأحالته عارياً أمام المجتمع لا يواري سوءته شيء.. صار عاجزاً عن مواراة فضيحته التي فاحت رائحتها وأزكمت الأنوف، وبات عليه الآن أن يتذوق كأس المرارات والقهر الذي أذاقها لكثير من اليمنيين، طوال فترة اعتلائه عرش السفارة المنكوبة.