أصدر إنقلابيو عدن وفي خلسة من ليل الخميس بيان سياسي وصفه بالهام وهو في حقيقته وجوهره وفحواه يمثل نص البيان رقم واحد لخطاب إقرارهم بالانقلاب على شرعية الدولة والسيطرة على مؤسساتها الرسمية في العاصمة المؤقتة عدن .
ومن المؤكد بأن هناك موانع حالت دون اذاعة البيان في حينها ، وهي لا تعنينا بدرجة اساسية لأنها لن تخرج عن حالة الإرباك التي ساد المشهد برمته في عدن ، وتخوفهم من ردود الأفعال على انقلابهم الأسود وهم من حمالة الوجوه له فقط ، مما جعلهم يفكرون ويبحثون من اجل حصولهم على الإذن باذاعته في تلك الليلة السوداء من ليال عدن الحالكة الظلام .
قصة احجامهم عن اذاعة البيان وبلسان رئيسهم أو من ينوبه أمر يفضحهم على رؤوس الأشهاد ، ويؤكد بان لا ناقة ولا جمل لهم في النصر الذي يزعمون ، في الوقت الذي يظهر جهلهم السياسي المستحكم وعجزهم التام عن إدارة المواقف والتصرف فيها عن بعد وبما يرضي ولاة نعمتهم وأربابهم في الخيانة .
ولن أخوض في تحليل فقرات الخطاب والتي تؤكد بأنها لغة البيان رقم واحد شكلا ومضمونا ، ولا يمكن لهم أن يتنصلوا من هذه الحقيقة ولا مفر لهم منها ، فلغة الخطاب على ما بها من علل الجهل بالمقام توحي بأن الموقف قد التبس عليهم في حينها مما استدعاهم الى التحفظ على البيان أو الاحتفاظ به كجزء من منظومة انقلابهم الناجز دون علمهم المسبق بذلك .
و اذاعة البيان بأثر رجعي أمر يوقعهم في حرج لا يحسدون عليه ويظهر جهلهم السياسي الواضح وقصورهم الذاتي الفاضح حتى في التعامل مع مثل هذه المواقف التي لا تتطلب الاستئذان من أربابهم الذين يعيشون في حرج شديد من واقعتهم المنيلة وتورطهم في الانقلاب .
وتظل عملية اندفاعهم على تسريبه ليل الخميس وعلى خجل توحي بحجم التناقضات الحادة التي نشبت بينهم بعد فعالية التمكين التي دعوا لها يوم الخميس ايضا ، في الوقت الذي لا يمكن تجاهل أهمية إلقاء البيان فيها وهذا لم يحدث ، وكأنما حالة الاختلاف الشديد والمفاجئ التي استبدت بهم قد فقدتهم صواب التصرف وجعلتهم يدخلون في تنافر حاد انساهم طييعة ما هو المطلوب منهم حتى في فعاليتهم الجماهيرية تلك التي اطلقوا عليها ما لا يعد ولا يحصى من الصفات والأوهام ، التي لم يكن الملفت للنظر فيها غياب خطابهم السياسي عنها فقط بل غياب صفهم القيادي بالكامل عنها .
اذا غيابهم عن منصة الاحتفال و غياب مشاركتهم في الخطاب ، و تسريب بيان يحمل خصائص البيان رقم واحد للانقلاب ، كل هذه المعطيات ممكن الاستفادة منها والاسترشاد بها على حالة الارباك التي تعيشها شرذمة الانقلاب حتى اللحظة ووقوعهم وبغباء سياسي فاضح في فخه القاتل والمميت وجعلهم يصابون بعجز واضح افقدهم القدرة على التعامل مع مستجدات وتبعات انقلاب اربابهم ، والتي تدخلت ارادتهم القاهرة على ما يبدو وقضت بمنع اذاعة البيان رقم واحد في حينها وتجددت بمنعه مرة أخرى في فعالية الخميس ، مما اضطرهم لاستخدام الحيلة عليهم وهم امباطرتها من سنين في تسريبه الليلة وبطريقة توحي بسرقته من ادارج مكاتبهم دون علمهم بذلك ، وفي عملية ابتذال سياسي ومنحط ، توحي باصرارهم المستميت على تمسكهم بانقلابهم الوهمي ، حتى وان عملت الدول الراعية والمدبرة له على الغاء كل اثاره المدمرة والمضرة بسلطات الدولة الشرعية وأعادة الأمور إلى ما كانت عليه .