بقلم - محمد علي محسن
اغلب الجنوبيين ما صدَّقوا ولقوا خصوما يلقون عليهم فشلهم وخيبتهم ، فلا تعثر على منشور أو أخبر أو أزمة أو حتى حادث عرضي إلَّا ويُنسب فاعله لجماعة الإخوان أو نائب الرئيس ” علي محسن ” أو الوزير ” المقدشي ” أو التاجر ” حميد الأحمر ” وهكذا دواليك …
ومثلما يُقال : أعمى ولقي خرزة ” فبإلامس القريب كان الغريم التاريخي للجنوب والجنوبيين الرجعية والإمبريالية ، ورفاقنا والله ما قصَّروا ، فحتى ما كان يتحاشاه اعلام السوفيات أنفسهم ، تبرَّع به الجنوبيين وبكرم فائض ، إذ راح يلقي على امريكا وحلفائها ومن سار في فلكها أطنان التهم الجاهزة والمعلبة .
وهات لك يا قدح ولعن للرجعية والإمبريالية ، بل ولم يسلم أحدا من مخالفيهم أو ارتد عن نهجهم ، فكل ما حل هنا من ويلات ومصائب سببه امريكا ومن سلك في فلكها ، فلم يبق شيئا في حياتنا الا وتسللت إليه مؤامرات امريكا واتباعها من العملاء والمرتزقة .
أضعنا دولة وبددنا فرصها ومقدراتها في مماحكات وصراعات وشعارات جوفاء ، والنتيجة هي أننا وبعيد نصف قرن ويزيد على الاستقلال المجيد ما زلنا نلهج بذات الهتافات والعقليات ونفس الاماني والأحلام وان اختلف الخصوم .
نعم ، الجنوبيون ولا ملَّوا أو سئموا أو اقلعوا عن حمل الآخرين اسباب ازماتهم ومشكلاتهم ، فما اسهل حمل الشيطان لخطايا البشر ، وانجع وسيلة للجنوبيين هي حمل الآخرين لكل حادثة أو فشل أو أزمة كهرباء أو طاقة أو مرتبات أو سواها من المشكلات الحياتية اليومية ..
فلا أحدا سيقول لك صادقا : أن بلوى الجنوب ليست من امريكا أو الخليج أو الشمال أو الإخوان أو إسرائيل أو الشيطان ، وانما بلواه من فقدان الحرية والشفافية والعدالة والمساواة ، وقبل هذه جميعاً ، الادارة الوطنية النزيهة الكفؤة القادرة على الخلق والإبداع والتطور ..
كما ولا أحدا يمكنه استساغة حقيقة أن معضلة مجتمعنا كامنة في غياب دولة المواطنة العادلة ، وهي معضلة تاريخية لا تقتصر على بلد بعينه وانما تجدها حاضرة وفي معظم البلدان العربية وأن تفاوتت مستويات المعيشة أو اختلفت في وسائل الرعاية والاهتمام .
فما من شعب متخلف وممزق ومتناحر بالفطرة ، فسواء كان هذا الشعب في أفريقيا أو أوروبا أو آسيا ؛ تبقى المشكلة حصرية وجامعة ولا فرق هنا او تمايز بغير لغة القوم أو سحنتهم أو طريقة ادارتهم لشؤونهم ..