اشتعلت الأجواء مؤخراً بين السلطة الشرعية وبين دولة الإمارات العربية المتحدة، ثاني أكبر لاعب في التحالف العربي المساند للشرعية.
التصعيد الأخير يبدو أنه الأكبر والأخطر على الإطلاق، حيث خرجت أصوات بارزة وهامة في قيادة الشرعية الى العلن موجهة نقداً وتقريعاً شديد اللهجة ضد الإمارات وضد سياسة التحالف العربي التي تسببت في حرف بوصلة المعركة وإغراق البلاد في صراعات ثانوية لا تصب في إطار كسر الانقلاب الحوثي وإعادة الشرعية والدولة.
أولى ملامح هذا التصعيد خرجت من فم نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية المهندس أحمد الميسري، والذي ألقى كلمة وصفت بأنها “تاريخية” لما احتوت من تصريحات “نارية” بحق الإمارات، الأمر الذي دفع كتاباً وناشطين محليين لوصفها بأنها أقوى خطاب سياسي للشرعية منذ أربعة أعوام حتى الآن.
وقال الميسري في مستهل حديث أمام جمع من النخب الجنوبية خلال اللقاء التشاوري الذي انعقد في مدينة عدن يوم السبت الفائت: أعتقد أن برنامجنا في الحكومة والتحالف الزحف باتجاه الشمال (لانتزاعه من الحوثيين)، وليس “الزحف باتجاه الشرق”، إلى محافظتي المهرة وسقطرى، حيث تبرز الأطماع الخاصة لأبوظبي.
الميسري أشار إلى القوى المدعومة من الإمارات في عدن وهي قوات النخبة والحزام، بالعمل مع جهات “خارجية” لمنع عدن من النهوض.
تصريحات الميسري كانت قوية وتطرقت الى مواضيع بالغة الحساسية لعل أبرزها العلاقة الملتبسة بين الشرعية والتحالف العربي، والتي تجنب الشرعية لسنوات التطرق لهذه النقطة، غير أن الميسري قالها صريحة: الطريق الحالي معوج ولابد من تصحيح العلاقة بيننا كشرعية وبين التحالف العربي.
مضيفاً: أن شراكتنا مع التحالف قامت على أساس محاربة الحوثيين وليست الشراكة في إدارة المناطق المحررة.
ومؤكداً: نحن نعتقد أننا ما زلنا دولة قد تكون ضعيفة صحيح، ويجب أن يناط بمؤسسات الدولة الشرعية إدارة كل المناطق المحررة وبإسناد ودعم من التحالف العربي.
وبعد تصريحات الميسري خرج وزير النقل في حكومة الشرعية صالح الجبواني بتصريحات لم تقل قوة عن تصريحات سابقه، فقال خلال تغريدة له على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، مساء الأحد، أن التحالف العربي رفض منح تصاريح للطيران اليمني لإعادة آلاف من اليمنيين إلى بلدهم مع حلول شهر رمضان المبارك.
وقال الجبواني: “نطالب التحالف العربي منذ أسابيع بالتصريح لطائراتنا برحلات إضافية لنقل مواطنينا من الهند إلى بلادهم مع بداية الشهر الفضيل. طالبناهم ونكرر أمنحونا التصاريح لنعيد الآلاف من مواطنينا إلى بلادهم، لدينا خمس رحلات يومياً تذهب للمنظمات الدولية”.
وأضاف الوزير الجبواني في تغريدته متسائلاً: “ماذا بقي لنا يا تحالف الأشقاء.. إلى متى؟”.
وكان الجبواني ذاته قد هاجم المساعي الإماراتية الرامية الى تشطير اليمن عبر تمويل وتسليح مليشيات خارج إطار السلطة الشرعية في المدن الجنوبية المحررة، موضحاً خلال لقاء تلفزيوني مع قناة بي بي سي البريطانية أنه في حال انفصال جنوب اليمن فإن ذلك سيؤدي الى حمام دم وسيخلق صراعات أهلية داخل الجنوب لن تنتهي.
واكتمل المثلث بدخول وزير الدولة أمين العاصمة عبدالغني جميل حلقة وزراء الشرعية الذين وجهوا مدافعهم تجاه العبث الإماراتي في اليمن.
أمين العاصمة اتهم الإمارات بأنها رعت ودعمت الاجتماع الذي أجراه جناح حزب المؤتمر المتحوث في صنعاء قبل أيام، كرد فعل على انعقاد مجلس النواب اليمني في سيئون.
وقال جميل في هذا الصدد: من الآخر من وقف ضد انعقاد مجلس النواب في عدن ووقف ضد التحالف بين الأحزاب واشهار الائتلاف الجنوبي هو نفسه من نسق ودعم وخطط لانعقاد اللجنه الدائمه ليس حبا في احمد او غيره.
لكنه زاد من حدة هجومه باتهام الإمارات بأنها تقتل أي سياسي يمني يعارض تحركاتها الاستعمارية في اليمن، فقال في منشور على صفحته بفيس بوك: إذا قلت للامارات لا هذا مَش صح اللي تعملوه هذا خطأ. فتوقع واحده من ثلاث اما السعي لاقالتك بشتى الوسائل او تمنع من دخول عدن بحجه انك اصلاحي او ربما يتطور الامر لتصفيتك تحت عده ذرائع. باالنسبه لي مش اصلاحي انا مؤتمري لا الآخر ولدت موتمري وسأموت موتمري ولكني آخذ في حسباني ذالك عندما اقول لا.
مضيفاً: وكما قلت للمليشيات الحوثيه لا وقاتلتهم ولازالت الرصاص تسكن جسدي وضحيت بلفذه كبدي ساقول للامارات لا والف لا .. الللهم فااشهد.
- تحرك عسكري إماراتي بسقطرى
كأول رد إماراتي على التصعيد اليمني للشرعية ضد توغلها وتحكمها بالمشهد في المحافظات المحررة، وصلت إلى ميناء محافظة أرخبيل سقطرى،مساء أمس الإثنين، الدفعة الأولى من المجاميع المسلحة التابعة لما يعرف بـ”قوات الحزام الأمني” المشكلة والمدعومة إماراتياً.
وبحسب مصادر محلية في الجزيرة فإن عشرات المسلحين وصلوا إلى سقطرى قادمين من محافظة عدن على متن سفينة إماراتية بعد تلقيهم تدريبات بمعسكرات تابعة للإمارات.
وأشارت المصادر إلى أن هذه القوات تحاول إنشاء معسكر لتمركزها وسط رفض مطلق من محافظ سقطرى رمزي محروس لهذه التحركات، والذي أكد في تصريحات إعلامية قبل أيام أنه لن يسمح مطلقاً بإنشاء أى تشكيلات مسلحة خارج مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية.
وتم نقل المجندين إلى سقطرى بلباس مدني دون عتاد عسكري وكان في استقبالهم بميناء جزيرة سقطرى قيادات ما يسمى بالمجلس الإنتقالي الذي تدعمه الإمارات.
- إرهاصات مواجهة عسكرية تلوح في الأفق
ويرى مراقبون للشأن اليمني أن التوترات بلغت ذروتها حالياً بين الشرعية والإمارات منذ إقالة رئيس الوزراء السابق، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، والذي كان من المفترض ان يعقبه تقارب في الرؤى وتنسيق في السياسات بين الطرفين.
بل إن سياسيين ألمحوا إلى أن التوتر الحالي يحمل معه إرهاصات بتفجر اشتباك عسكري ثاني بين الشرعية والإمارات، فالأولى ترفض أية محاولات لتهميشها ونزع السيادة عنها باعتبارها الممثل الشرعي لليمنيين وباعتبارها حامل للمشروع الوطني الجامع الذي يدعمه ويقف خلفه جميع اليمنيين بمختلف مشاربهم وتكويناتهم السياسية والدينية، في حين يدفع أبوظبي شبق جامح للهيمنة الكلية على القرار السيادي للجمهورية اليمنية لو كلفها ذلك تشطير البلاد وتمزيق اليمن وتدمير مشروع المقاومة الوطنية ضد الانقلاب الحوثي.
الشرعية التي أسقطت محاولة الانقلاب التي دعمتها الإمارات عبر مليشياتها في عدن مطلع 2018م أمام لحظات مصيرية فارقة، والآمال معلقة عليها بإسقاط أية محاولة للانقلاب عليها أو الالتفاف على قرارها الوطني وسيادتها الكاملة على أراضي الجمهورية اليمنية من أقصى الشمال في صعدة الى أقصى الشرق في المهرة.