بقلم - أبو زين
يثير محافظ عدن المقال، رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي الشفقة وهو يستميت لإثبات أنه لا يزال “ورقة رابحة” ولاعباً فاعلاً في المشهد المحلي لليمن، عبر سلسلة رحلات مكوكية لعواصم غربية متعددة، يكتفي فيها بالتقاط بعض الصور له، باعتبارها إنجازاً تحقق في سبيل ما يدعيه زوراً: نصرة القضية الجنوبية.
ويبدو أن الرجل الذي تعيبه نرجسية طافحة أفقدته الإدراك بمجريات الواقع محاط أيضاً بثلة من المنتفعين وجوقة من الطبالين، إذ لا يكاد يخطو خطوة أو يشخط بقلمه حتى تتقافز مهللة ومباركة هذا الإنجاز التاريخي العظيم!
إنه جيش الذباب العظيم: يحيل التقوقع توسعاً والهزيمة نصراً واللامبالاة اهتماماً.. تقترب الطائرة من الهبوط في مدرج أحد العواصم الغربية فيشير عليه أحد مستشاريه في جوقة التطبيل بارتداء الكوفية، كي تظهره الصورة كقائد تاريخي ملهم.
وبرغم بلاهة النصيحة وغباوة التعليل يشيح الزبيدي بناظريه قليلاً.. يتخيل صورته وقد تصدرت عناوين الصحف العالمية: القائد عيدروس وصل وسط احتفال جماهيري مهيب. ثم يلتفت الى مستشاره بغبطة بالغة: أحسنت.. الآن جيبوا لي كوفية عشان الجماهير العريضة.. في مشهد يثير التعاطف مع بلاهة الرجل وسذاجته أكثر مما يثير السخرية.
يترجّل هبوطاً من الطائرة.. يمعن في المتواجدين هناك وهو يتخيل الوفد الحكومي الرفيع القادم لاستقباله وقد ارتصوا وأمامهم الجوقة العسكرية وقد تجهزت لتصدح بنشيد الجمهورية “العيدروسية”، لكن دفعة باليد تلقاها من أحد الركاب الواصلين في ذات الرحلة صائحاً: موف مان.. موووووووف، أعادته الى أرض الواقع، ليتمعن وجوه المستقبلين فلا يرى سوى صديقه هناك يلوح اليه بيده من بعيد، ويرفع باليد الأخرى علم دولة الجنوب. يمتقع لونه، فيلتفت بسرعة لمستشاره: أين الجماهير العريضة التي أتت لاستقبالي؟ أين اختفوا؟!! فيرد عليه: يا فندم سهل.. أنا برتص الآن جمب صاحبك وهذا التلفون بعطيه لواحد من المسافرين يصورنا واحنا نستقبلك.
ثم يقفز الى منطقة الاستقبال ويعتدل في استقامته بعد أن أعطى تلفونه لمسافر آخر طالباً منه تصوير المشهد. يلتفت عيدروس للمصور: هاه يا ابني انا ظاهر في الفيديو.. أها ممتاز يله بتحرك الآن.. يعدل الكوفية ويحنيها قليلا للأمام، ويتحرك مشدوداً وكأنه في عرض عسكري ملوحاً بيده الى الخلاء كقائد منسي.. يصل الى نقطة الاستقبال ويبدأ بمصافحة صديقيه الذين ارتصا كخط مستقيم، ثم يتوسطهما ويطلب صورة جماعية.
وفي الطريق الى فندق الإقامة يفاجئه صديقه قائلاً: المعذرة منك يا فندم عيدروس.. ما لقيناش اليوم فندق فاضي، لكن تعال ارقد اليوم عندي قد فرغت لك غرفة وبكرة نشوف لك فندق. في اليوم التالي يتحرك قائد كتيبة الذباب الالكتروني هاني بن بريك وينشر الصور معلقا: الجماهير العريضة تستقبل القائد عيدروس أثناء وصوله، ثم تبدأ التغريدات بالانتشار: الجنوووووب قااادم.. عيدروس قائدنا.. رقم صعب في المعادلة الدولية.. وهكذا تستمر المهزلة!