هجوم غير معتاد شنه الموالون للإمارات في اليمن على السعودية، بعد ساعات من نشر قناة “العربية” خبرا عن خلاف نشب بين جماعة الحوثيين وحلفائها في الحراك الجنوبي المنادي بـانفصال جنوب اليمن عن شماله.
وتحدثت القناة عن استقالة ناصر باقزقوز وزير السياحة في حكومة الحوثيين (غير معترف بها) المنتمي للحراك الجنوبي، وعزت استقالته إلى تفكك عرى التحالف بين الحوثيين والحراك الجنوبي.
لكن الخبر أثار حفيظة الموالين لما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي أنشأته الإمارات والموالي لها، حيث يرى المجلس أنه يملك الحق الحصري في تمثيل الجنوبيين، وأن أي فصيل آخر لا يجب أن يتحدث باسم الجنوب.
ومنذ بدء فعاليات الحراك الجنوبي ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح عام 2007، تشكلت عديد من التيارات والقوى الجنوبية، ذات أبعاد وتوجهات وأهداف مختلفة، تصل في بعض الأحيان إلى الصدام فيما بينها.
السعودية تطعن
غير أن الموالين للإمارات شنوا حملة على السعودية وقناة العربية ورئيس تحريرها عبد الرحمن الراشد، وغردوا على وسم السعودية تطعن الجنوب، متهمين القناة ورئيس تحريرها بالانتماء للإخوان.
قوات إماراتية خلال تدريب عناصر يمنية بعدن (الأوروبية)
وكانت أبرز الردود ما كتبه هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي -الذي يدين بالولاء المطلق للإمارات- حيث طالب السعودية بتدارك الأمر “أمام السعوديين، القلة من يملكون النفوذ في الإعلام”.
واتفق معظم النشطاء السياسيين الموالين للإمارات على أن القناة تسعى إلى تنفيذ أجندة الإخوان المسلمين، وصرف النظر عن شرعية المجلس الانتقالي الجنوبي كممثل وحيد للجنوبيين، وأن أي مكون آخر لا يتمتع بأي شرعية.
واتهموا الرياض عبر وسائل الإعلام التابعة لها باستهداف القضية الجنوبية وشعب الجنوب، والذي “لولاه لما انتصر التحالف السعودي الإماراتي على مليشيات الحوثيين المدعومة من إيران، ولم يُكسر نفوذ التوسع الايراني نحو باب المندب وعدن”.
ورغم أن الهجوم كان أغلبه موجها إلى القناة، فإن آخرين رأوا أن ما تعكسه القناة هي توجهات للسياسة السعودية في جنوبي اليمن، خصوصا في الفترة الأخيرة، حيث تركز السعودية جهودها على دعم الحكومة الشرعية.
دفاع عن الرياض
وفي خضم الهجوم، كان آخرون يدافعون عن سياسة السعودية، واتهموا الموالين للإمارات بالجحود والنكران، فالسعودية -حسب قولهم- كانت السبب الرئيسي في انسحاب الحوثيين من مدينة عدن منتصف 2015، ومعظم محافظات الجنوب.
وكتب الصحفي الجنوبي سامي حروبي أن من يهاجم السعودية “باع ضميره للشيطان” مضيفا أن تلك القيادات أساءت للشعب الجنوبي وقضيته وحراكه السلمي من أجل الوصول إلى السلطة بتمويل دولي يقوده المدعو هاني بن بريك.
وطالت اتهامات التخوين “الانتقالي الجنوبي” كون رئيسه عيدروس الزُبيدي، قال في تصريحات لصحيفة الطريق في سبتمبر/أيلول 2014 أنه تلقى دعما من طهران، وأنه “عندما تخلت عنّا كل الدول بحثنا عمن يدعم ثورتنا فوقفت إيران معنا”.
تباين سعودي إماراتي
وفي الوقت الذي تحكم الإمارات قبضتها على جنوبي اليمن، يرى مراقيون أن السعودية لا تتفق كثيرا معها.
وبحسب مصدر عسكري في قوات العمالقة الموالية للحكومة اليمنية، فإن الإمارات لها أجندتها على خلاف السعودية. ففي الوقت الذي تتصرف الإمارات وكأنها دولة احتلال، فإن هدف الرياض لا يتجاوز إنهاء خطر الحوثيين.
وقال للجزيرة نت إنه خلال اجتماع مع ضباط إماراتيين -كان حاضرا فيه- اعترض ضابط إماراتي على حديث ضابط حكومي، حينما بدأ الأخير بتوضيح عمليات عسكرية جرى الاتفاق حولها مع الجانب السعودي. وأضاف “كان القتال يدور في الساحل الغربي، وحينها أدركنا الخلاف بين الطرفين”.
وتتسم العلاقة بين “الانتقالي الجنوبي” -الذي تقف خلفه الإمارات من جهة، والسعودية من جهة أخرى- بالتوتر خلال الفترة الأخيرة، حيث يتهم سياسيون جنوبيون أن الرياض تمنع قيام دولة جنوبية.
وتمثل الحادث الأحدث في مطالبة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر -في حوار له مع شبكة إيرين- الجنوبيين بالمشاركة في حكومة وحدة وطنية، معتبرا أن القضية الجنوبية معقدة.
وترى الرياض أن الحل يكمن في دعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وخلال الأسبوعين الأخيرين كثفت من جهودها في استئناف انعقاد جلسات مجلس النواب في عدن، الأمر الذي أثار غضب الموالين للإمارات.
لم يكن الأول
ويرى عبد الرقيب الهدياني نائب رئيس تحرير صحيفة “14 أكتوبر” الحكومية أن الموقف الذي ظهر عبر وسائل الإعلام السعودية وقناة العربية ضد “مليشيات الحراك الجنوبي المدعومة من الإمارات” ليس بجديد ولم يكن الأول من نوعه.
وأضاف الهدياني -وهو مراقب جيد للوضع في جنوبي اليمن- إن هناك مواقف وتصريحات سابقة عبر السفير والإعلام السعوديين ومواقف لقريبين من دائرة صنع القرار تنتقد الواقع في عدن.
ويقول للجزيرة نت “السعودية ترى أن الفوضى في عدن أثار قلقها، لذلك ترى الموقف الإماراتي الداعم لبعض المكونات المتبنية لانفصال اليمن ليس مقبولا، ولذلك لجأت إلى تحذيرها كون تاريخها الحديث ما يزال معروفا”.
*الجزيرة نت