تتنوع وتتعدد المصائب التي يواجهها اليمن، والذي ظل مسرحا لحرب بين ميليشيات الحوثي التي تسيطر على شمال البلاد ، وتدعمها إيران بشكل أساسي ، ضد القوات الموالية للحكومة ، التي يدعمها تحالف من دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية لمدة أربع سنوات حتى اللحظة. وبين كل الأزمات الإنسانية والجوع غير مسبوق ، تبرز قضية “الاختطافات” والاعتقالات التعسفية، كواحدة من أسوأ مشاهد الحرب اليمنية، حيث باتت واقعاً أمراً يعيشه اليمنيون بشكل شبه يومي.
وبحسب “رابطة أمهات المختطفين”، المنظمة المعنية بالبحث والتحري عن جميع المعتقلين قسراً في سجون المليشيات وسجون الإمارات في عدن، فقد قامت بتوثيق 3،478 حالة اختطاف ، كما تقدر أن ما لا يقل عن 128 من المختطفين قد قُتلوا.
وفقاً للمنظمة ، فإن الشباب الذين حملوا السلاح للدفاع عن عدن ضد هجوم الحوثي ، من مارس إلى يوليو 2015 ، اعتقلتهم القوات (قوات موالية للإمارات بشكل أساسي) دون سبب معروف.
“عندما يتم اختطاف شخص ، تمضي أسرته أسابيع دون أي خبر عنه”
وتقول مريم عبد الله هي رئيسة التنسيق والاتصال لرابطة أمهات المختطفين لوكالة فرانس 24، أنه عندما يتعرض أحد الأشخاص للاختطاف فإن أسرته تمضي أسابيع وأحياناً أشهر بلا أية معلومات عنه، ولا أين يقبع.
وتضيف “لدى منظمتنا مكتب واحد فقط (في تعز) ، ولم نتمكن من فتح مكتب آخر في أي مكان آخر في البلاد ، على الرغم من وجود حاجة ملحة إليه. وقد تأثرت عدة مدن ، بدرجات متفاوتة ، بعمليات الاختطاف. الأكثر تضررا هي المدن الواقعة تحت سيطرة الحوثي ، مثل صنعاء ، وحجة ، والحديدة ، وعمران ، ولكن عاصمة الجنوب ، عدن ، قد تأثرت أيضا.
وتعرضت مختلف شرائح الشعب اليمني لعمليات الاختفاء والاختطاف، غير أن عمليات الاختطاف الأقل شيوعا هي تلك التي يتم خلالها اختطاف الأبناء بدلا من آبائهم ، ويكون ذلك بمثابة وسيلة للضغط على الأسرة ، أو لإجبار الأب على تسليم نفسه.
يتم في بعض الأحيان إطلاق سراح أولئك الذين اختطفوا من قبل الحوثيين بعد دفع مبالغ مالية كفدية ، والتي يمكن أن تكون كبيرة ، حيث تصل إلى مليون ريال يمني [حوالي 3475 يورو]. “إضافة من المحرر: الآن وصلت مبالغ الفدية أرقاماً قياسية، فمنهم من دفع 3 مليون ومنهم من دفع سبعة ملايين. المهم أن الأرقام في هذا الخصوص تتفاوت من معتقل لآخر “.
كما يمكن أن تستخدم المليشيا بعض المختطفين كأوراق مساومة في مقابل إطلاق السجناء الحوثيين الذين يحتجزهم الطرف الآخر.
“بات من المتعارف عليه تواجد السجون السرية وعمليات التعذيب في كلا الجانبين”
ونشرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريراً في 25 سبتمبر / أيلول اتهمت فيه المتمردين الحوثيين بخطف الرهائن والقيام بعمليات تعذيب وحشية بحقهم ، مشيراً الى أن تلك الأعمال تعد “جرائم حرب” ، كما طالبت بإطلاق سراح السجناء.
ونددت مريم عبد الله بهذا العنف أيضاً ، لكنها تستدرك أنه لا يقتصر على جانب واحد فتقول:
“السلطات الحكومية لديها مرونة أكثر فيما يخص هذا الجانب، أما الحوثيون فالتفاهم معهم أمر صعب للغاية. إنهم يعاملون أمهات المخفيين بوحشية عندما ينظمن احتجاجات أو يطلبن معلومات عن أبنائهن المختطفين. وقد أظهرت الميليشيات أنها لا تتهاون في هذا الأمر وترفض إطلاق سراح السجناء دون شيء في المقابل”.
أما على جانب القوات الموالية للشرعية ، وخاصة الشرطة ، تحصل العائلات أحياناً على بعض النتائج ، مثل تحرير 70 سجيناً في عدن مؤخراً.