أقلعت مركبة شحن الجمعة من فلوريدا، متجهة إلى محطة الفضاء الدولية في مدار الأرض، في مهمة دورية يدل تكرارها على ارتقاء قطاع الملاحة الفضائية إلى مستوى أكثر تطورا.
فالصاروخ القاذف في هذه المهمة ليس جديدا، وإنما سبق أن نفّذ مهمة قبل شهرين حمل فيها قمرا اصطناعيا إلى مدار الأرض، ثم عاد وحطّ بهدوء على منصة عائمة في المحيط الأطلسي على بعد 300 كيلومتر من كاب كانافيرال.
والمركبة “دراغون” التي حملها الصاروخ هي أيضا ليست جديدة، فقد سبق أن نفّذت رحلة شحن إلى محطة الفضاء الدولية في العام 2016، هذه المهمة التي انطلقت الجمعة هي الخامسة عشرة التي تنفّذها شركة “سبايس إكس” الأمريكية الخاصة منذ العام 2012، وقد نفّذت شركة أمريكية خاصة أخرى هي “أوربيتال إيه تي كاي” تسع مهمات مماثلة.
وتأتي هذه المهمات في سياق تعاون بين وكالة الفضاء الأمريكية والقطاع الخاص، ويقتصر حتى الآن على رحلات الشحن إلى محطة الفضاء الدولية، وسيتّسع ليشمل الرحلات المأهولة قريبا.
وصارت هذه الرحلات دورية، فبين الحين والآخر تنطلق الصواريخ حاملة مركبات الشحن وعلى متنها مؤن ومعدات للرواد المقيمين في المحطة الفضائية، وقد فتحت إعادة استخدام الصواريخ مرات عدة وكذلك مركبات الشحن عهدا جديدا أقل تكلفة في قطاع الفضاء.
أما نقل الرواد من المحطة وإليها فهو الآن حكر على روسيا، وذلك منذ خروج مكوكات الفضاء الأمريكية من الخدمة صيف العام 2011 وحتى صدور الجيل الجديد المرتقب من المركبات الأمريكية المأهولة في العام 2019.
ويقول جون لوغسدون الأستاذ في جامعة جورج واشنطن والمتخصص في شؤون الفضاء لوكالة فرانس برس: “لم نر من قبل هذه الوتيرة من النشاط الفضائي من جانب القطاعين العام والخاص”.
الأمريكيون عائدون
ويقول توم ستروب رئيس اتحاد “ساتلايت إندستري أسوسيايشن” لوكالة فرانس برس: “لقد فقد الروس جزءا من سوق إطلاق الصواريخ”، في المقابل احتلّ القطاع الخاص الأمريكي واجهة المشهد،
ويتوقّع أن تتواصل الحركة المزدحمة في السنوات المقبلة وأن تزداد أيضا.
ولم يكن مدار الأرض من ذي قبل مكتظا بالمركبات والأقمار الاصطناعية كما هو الحال اليوم، في ظلّ اشتداد وتيرة المنافسة على رحلات الشحن والأقمار الاصطناعية الصغيرة المخصصة لمراقبة الأرض والأحوال الجوية ورسم الخرائط.
وفي أوروبا، تواصل مجموعة “أريان سبايس” تسيير رحلاتها لوضع الأقمار الاصطناعية ولاسيما أقمار الاتصالات في المدار، وهي تستعد لإطلاق صاروخها الجديد “أريان 6” اعتبارا من العام 2020 لتحافظ على موقعها المتقدم في هذا القطاع.
وفي آسيا، تعتزم كلّ من الصين والهند التقدّم في هذا القطاع، وقد أطلقت الصين في الأشهر المنصرمة من هذا العام ما يعادل كل الصواريخ التي أطلقتها طوال العام الماضي.
أما مجال السياحة الفضائية فهو يقترب من أن يصبح حقيقة، وفي هذا المجال تنشط شركة “فيرجن غالاكتيك” التي تجري اختبارات على مركبة “سبايس شيب تو” تمهيدا لرحلات سياحية مقابل 250 ألف دولار للمقعد الواحد.
وأعلنت شركة “بلو أوريجين” الأمريكية عن طرح تذاكر للبيع في العام 2019 لرحلات على متن صاروخها “نيو شيبرد” إلى ارتفاع مئة ألف متر عن سطح الأرض، وفي مجال غزو الفضاء البعيد، تعتزم وكالة ناسا تشييد محطة في مدار القمر، تمهيدا لإرسال رواد إلى سطح المريخ.