باحث في العلوم الجينية يؤكد أنه لا وجود لشعوب أصلية

محرر 210 مايو 2018
باحث في العلوم الجينية يؤكد أنه لا وجود لشعوب أصلية

نشرت صحيفة “فيلت” الألمانية حوارا مع باحث العلوم الجينية لدى جامعة هارفارد، ديفيد رايش، حول الاختلافات الجينية بين الشعوب. وفي حواره، أكد رايش أن التركيبات الجينية للشعب الواحد مختلفة، ولا وجود لسلالة بشرية نقية. وذكر باحث العلوم الجينية أن الإجابة على العديد من الأمراض التي تنتشر بين سلالات بشرية معينة يكمن في المادة الوراثية.

وقالت الصحيفة، في الحوار الذي ترجمته “عربي21″، إن عالم الوراثة، ديفيد رايش، أثار جدلا واسعا، عندما نشر مقالا في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، يؤكد فيه أنه يجب إعادة تعريف مصطلح “عرق بشري” وفقا للأبحاث الجينية. وقد سلط الضوء في المقال على كتابه “من نحن وكيف وصلنا إلى هنا؟”، الذي نشر فيه نتائج الأبحاث التي أجراها على جينات العظام القديمة، التي تعود لعشرات الآلاف من السنين، والنتائج المبهرة التي وصل إليها.  

وعند سؤاله عن سبب مطالبته بتغيير مفهوم “عرق بشري”، قال رايش إن هذا المصطلح لا يعد تصنيفا جينيا مبنيا على أسس علمية، وإنما يرجع لمشاحنات وخلافات تاريخية بين الشعوب المختلفة. وحاليا، لا يوجد مجموعة بشرية متماسكة منذ الأزل يمكن أن نطلق عليها سلالة نقية. وبهذا، يعدّ العرق تركيبة اجتماعية تتغير باستمرار، وليس تصنيفا بيولوجيا أو جينيا. والجدير بالذكر أنه يوجد العديد من العلماء الذين يدركون هذا الأمر، لكنهم آثروا الصمت لأسباب سياسية.

وأضاف رايش للصحيفة أنه على الرغم من أن الاختلافات الجينية بين أفراد الشعب الواحد قليلة جدا، إلا أنه لا يمكن إغفالها، حيث يساعد علم الوراثة على تتبع أثر هذه الاختلافات. وعموما، لا يتعلق الأمر باختلاف الجنس ولون البشرة فحسب، وإنما بالأمراض أيضا. وفي حال تم غض الطرف عن كل تلك المعطيات، فإن ذلك يعدّ دعما للعنصرية، التي يجب محاربتها.

وفي سؤال الصحيفة لرايش عن سبب إثارة البلبلة في الوقت الحالي على خلفية طرح النقاش حول مصطلح “عرق بشري”، وأنه بذلك يقحم نفسه في حقل ألغام، أكد الباحث أن مهمته هي التنوير والتوجيه، خاصة بعد الطريقة العنصرية التي تحصي بها الولايات المتحدة عدد السكان حاليا.

وذكرت الصحيفة أن العديد من المدونات التابعة لليمينيين نشرت ردودا على مقال رايش، وذكروا أن علم الوراثة أثبت وجود ما يعرف بالعرق البشري النقي. وردا على هذا الادعاء، قال رايش إنه يحمل أنباء سيئة لهؤلاء العنصريين، فعند فحص تاريخ الحمض النووي، يتضح أن البشر الموجودين حاليا عبارة عن مجموعة من التغييرات الجينية الكبيرة والمختلطة على مدار آلاف السنين. فعلى سبيل المثال، ترجع أصول الأوروبيين الحاليين من أصحاب البشرة البيضاء لمجموعات عرقية مختلفة. وبالفعل، فندت أبحاث الجينوم أي ادعاءات عنصرية تشير إلى وجود جنس بشري نقي.

وفي سؤال الصحيفة عن عدد الجينومات البشرية التي تتبع سلالتها حتى الآن، وعما إذا شمل بحثه أيضا السلالات البشرية المنقرضة، أجاب رايش أنه اكتشف وجود 4200 جينوم حتى الآن، مع العلم أن العدد يرتفع كل شهر. وتابع رايش قائلا إنه يسعى من خلال فك شيفرة كل جينوم إلى رسم خريطة جديدة للتغيرات الجينية في العالم منذ آلاف السنين، أو بتعبير آخر، رسم أطلس جيني للبشرية.

ومن خلال هذا الأطلس، يمكن أن تتضح الروابط الجينية بين أسلافنا وبين السلالات البشرية القديمة التي انقرضت. لذلك، مع إضافة البعد الزمني، تصبح خريطة البشرية ثلاثية الأبعاد بدلا من ثنائية البعد.

وأجاب رايش عن سؤال الصحيفة المتعلق بسبب اهتمامه بعلم الوراثة، على الرغم من أنه درس علم الاجتماع والطب، قائلا إن الأمر يعود لاهتمامه بالربط بين الأمراض والجينات. فمنذ منتصف الألفينات، أصبح تسلسل الجينوم البشري واضحا بشكل كبير، إذ أصبح يمكن الحصول على بيانات أكثر دقة عن التنوع الجيني الكامل لأسلافنا وللبشر المعاصرين.

وفيما يتعلق بالمفاجآت التي وجدها أثناء إجرائه لهذا المسح الجيني للبشرية، أفاد رايش بأن هناك سلالة بشرية لم يكن يعرف بوجودها أحد حتى الساعة. وأشار رايش إلى أن معهد ماكس بلانك لدراسات علم الإنسان في مدينة لايبزيغ الألمانية اكتشف هذه السلالة البشرية، عندما قامت مجموعة من الباحثين من المعهد بتتبع كامل لجينوم إحدى العظام البشرية التي عثر عليها في منطقة سيبيريا، والتي تعود لحوالي 50 ألف سنة.

وقد اتضح أن هذه العظمة لا تعود للإنسان البدائي ولا للإنسان العاقل، ولا تربطها أي صلة بأي مجموعة سكانية في الأرشيف الأثري. وذكر رايش أن ذلك يعدّ أول دليل على وجود سلالة دينيسوفان البشرية المنقرضة، التي عاشت جنبا إلى جنب مع كل من الإنسان البدائي والإنسان العاقل.

وعند سؤال الصحيفة عما إذا كان هناك أحد رفض التعاون معه في بحثه، ذكر رايش أن الأمر يرتبط بثقافات معينة. فعلى سبيل المثال، يرفض المصريون أن يعبث أحد بقبور المصريين القدماء. وعموما، ما زال العالم يفتقد للتوازن بين الأمور الحساسة تاريخيا والمعرفة العلمية. كما يجب على الجميع أن يتكاتفوا من أجل العلم، فقد تعاون في هذا البحث مجموعة مميزة من العلماء في مجال الآثار وعلم الإنسان وعلم الوراثة، وكل هؤلاء لهم خلفية ثقافية مختلفة.

وتطرقت الصحيفة للسؤال عن المصادر المختلفة التي اعتمد عليها في بحثه، وعما إذا استفاد من الأبحاث الجينية المثيرة للجدل التي تجريها شركة “23 اندمي”، قال رايش إنه بالفعل يوجد بعض المشاريع المشتركة بينه وبين شركة “23 اندمي”، فهو يرغب في جمع تاريخ الحمض النووي وتراث الأسلاف، ليقوم في النهاية بعمل قاعدة بيانات وراثية ضخمة ومتنوعة.

وفي الختام، ذكر رايش أن شركة “23 اندمي” وموقع شركة أنسيستري، الذي يقدم خدمة تتبع شجرة العائلة، استطاعوا العثور على روابط جينية مثيرة للاهتمام بين الماضي والحاضر، وكشفوا لنا عن هجرات ومجموعات سكانية ضخمة وتدفقات جينية قديمة.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق