جاءت حادثة الاعتداء على ناقلة النفط السعودية في المياه الإقليمية، قبالة ميناء الحديدة، لتؤكد صوابية تحذيرات تحالف دعم الشرعية، من أن بقاء الميناء تحت سيطرة مليشيا الحوثي الإيرانية، يعني استمرار تهريب الأسلحة، وتهديد الملاحة في جنوبي البحر الأحمر.
ومنذ بداية العمليات العسكرية لتحالف دعم الشرعية، حرص التحالف على إيجاد آلية لمراقبة تهريب الأسلحة، تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن، وحرص التحالف على ضمان تدفق السلع الغذائية والاستهلاكية للسكان، وتمت مراجعة هذه الآليات بين فترة وأخرى، رغم إدراك المجتمع الدولي لخطورة بقاء الميناء بيد المليشيا الإيرانية، واستغلاله لتمويل عملياتها الإجرامية في حق الشعب اليمني.
ويقول المحلل السياسي، أحمد سعيد، إن المجتمع الدولي، يدرك جيداً خطورة بقاء ميناء الحديدة تحت سيطرة المليشيا على حركة الملاحة الدولية في جنوبي البحر الأحمر، لكنه يتعاطى بانتهازيته، وهناك علاقة مصالح بين القوى الدولية، تجعلها تغض الطرف عن هذا الخطر.
ويضيف: «من الواضح أن المجتمع الدولي لن يتحرك إلا عندما تحصل الكارثة، وتقدم مليشيا إيران على ضرب الملاحة الدولية في هذه المنطقة الهامة في العالم، وعندها فقط، سوف يقر بصواب ما حذّر منه تحالف دعم الشرعية»، واعتبر أن هذا مشابه لموقف المجتمع الدولي من ظهور مليشيا الحوثي ومهادنته لهذه الجماعة تحت مبررات واهية.
مسؤولية أخلاقية
أما المحلل السياسي، عبد الله إسماعيل، فقد أكد أن التحالف والحكومة الشرعية، يضعان الأمم المتحدة أمام مسؤولياتها الأخلاقية، خاصة بعدما ثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن ميناء الحديدة تحوّل من مهمته كميناء تجاري، إلى ميناء لتهريب الأسلحة، واستخدامه لخنق اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين.
وأضاف أنه «بعد الرفض الغريب من الأمم المتحدة لطلب التحالف بالإشراف على الميناء، أتوقع أن تكون هناك خطوات لتهيئة موانئ أخرى، كميناء المخا، كي يكون بديلاً عن الحديدة»، مشيراً إلى أن مسألة تحرير الحديدة، ليست فقط مهمة عسكرية، بل أصبحت قضية ضرورة إنسانية، ومطلباً لهزيمة الانقلابيين، الذين أذاقوا اليمنيين الويلات.
ومع تحرير كل الموانئ اليمنية من قبضة المليشيا الحوثية، وتشغيلها وإعادة تأهيلها، اقترحت الشرعية والتحالف الداعم لها، تحويل سفن الإغاثة والمساعدات إلى تلك الموانئ أو إخضاع ميناء الحديدة، لإشراف الأمم المتحدة، لمنع تهريب الأسلحة، واستمرار معاناة اليمنيين، إلا أن المنظمة الدولية تهربت من تحمل هذه المسؤولية، بذريعة أنها لا تمتلك قوة على الأرض، تمكنها من الإشراف على الميناء.
المنظمة الدولية التي صدر عنها القرار 2216، ورغم أنها معنية بتطبيقه، من أجل إنهاء الانقلاب، ومنع تهريب الأسلحة لمليشيا إيران، تتهرب من مسؤوليتها.
وترفض حتى اللحظة، إدانة استمرار إيران بتهريب الأسلحة لمليشيا الحوثي، رغم التقارير التي أعدتها اللجنة الدولية المكلفة بهذا الأمر، بل استمرت في معارضة توجهات الحكومة الشرعية والتحالف، لتحرير ميناء الحديدة، بعد أن رفضت الإشراف عليه. وفِي حين يعمل ميناء عدن، أكبر موانئ البلاد، بكامل طاقته، ويجري إعادة تأهيل ميناء المخا في محافظة تعز.
وتحمّل التحالف مسؤولية إعادة تأهيل طرق النقل بين ميناء عدن ومحافظة إب، لتسهيل نقل المواد الغذائية والإغاثية، يصر المجتمع الدولي على بقاء ميناء الحديدة خارج إشراف المنظمة الأممية، ويعارض تحريره، ما يشير إلى وجود تواطؤ مع المليشيا، ومحاولة ابتزاز تحالف دعم الشرعية.
وخلال السنة الماضية، عرض التحالف خيارات عدة لتسهيل وصول المساعدات وتدفق السلع الغذائية إلى السكان في مناطق سيطرة المليشيا الإيرانية، بما فيها فتح ميناء جيزان جنوبي السعودية، إلى جانب المنافذ البرية مع المملكة، وتسيير جسر جوي بين السعودية ومحافظة مأرب، وتحمل أكثر من 80 في المئة من مبالغ الإغاثة العاجلة للشعب اليمني، إلا أن كل هذا لم يقنع المجتمع الدولي بخطورة استمرار تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، وبقاء الميناء في قبضتهم.
وإذا كانت حادثة الاعتداء على ناقلة النفط السعودية قبل أيّام، قد أعادت تذكير المجتمع الدولي بخطورة بقاء الميناء تحت سيطرة مليشيا إيران، فإن عدم اتخاذ إجراءات عملية لإنهاء هذه السيطرة، ووقف تدفق الأسلحة، سيضع المجتمع الدولي أمام خطر كبير، لما تمثله هذه المليشيا على المنطقة والعالم.