أثارت الأحداث الأخيرة في المنطقة تساؤلات حول دور الحوثيين في تصعيد الأوضاع في غزة، خاصة بعد استئنافهم لعملياتهم في البحر الأحمر. جرت هذه التطورات في وقت كانت فيه حماس تتفاوض بشكل مباشر مع الولايات المتحدة، حيث كان المبعوث الأمريكي يعمل على ترتيب جولة تفاوض جديدة في الدوحة.
في مارس، تزامنت هذه المفاوضات مع تأكيدات من ترامب بعدم نيته تهجير سكان غزة، وفتحت واشنطن أبوابها للمبادرة العربية لإعادة الإعمار، مما أدى إلى حصول دعم صيني وأوروبي لمخرجات القمة العربية الطارئة في القاهرة. في الوقت نفسه، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعاني من ضغوط داخلية، ما جعله يواجه معارضة سياسية وصراعات مع حلفائه.
لكن خلافات نتنياهو لم تمنع الحوثيين من اتخاذ قرار سريع بتصعيد الوضع، حيث اختاروا التصعيد العسكري كخيار بدلاً من التفاوض. هذا التصعيد جاء في وقت كانت فيه واشنطن تشدد من حملتها العسكرية في اليمن، مما أتاح لإسرائيل فرصة استئناف عملياتها في غزة.
بينما كانت إيران تتبرأ من التصعيد، مما يشير إلى تخليها عن سردية “وحدة الساحات”، كان الحوثيون يسهمون في زيادة عسكرة المنطقة، وهو ما يخدم مصلحة الولايات المتحدة ويضعف الموقف الفلسطيني. كما أن هذا التصعيد أتاح لنتنياهو التهرب من الضغوط المحلية والدولية، مما ساعده في استئناف محاولاته لتغيير توازنات الشرق الأوسط.
الواقع السياسي يتطلب من الطرف الأضعف في الصراع، مثل الحوثيين، اتخاذ خطوات لشراء الوقت وتخفيف الأضرار، وهو ما طبقه الحوثيون في جولات سابقة. لكنهم اليوم يبدون غير مستعدين لتطبيق نفس المبدأ في غزة، رغم الظروف الحرجة التي تواجهها.
إذا استمر الحوثيون في محاولاتهم العسكرية في البحر الأحمر، فإن ذلك لن يحقق أي نتيجة إيجابية لفك الحصار عن غزة، بل قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع. إن التجربة السابقة أثبتت أن العمليات التكتيكية للمليشيات لا يمكن أن تخلق معادلة ردع استراتيجية ضد كيان قوي مدعوم من القوى الكبرى.