قالت دراسة بحثية جديدة أن مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وظفت مزاعم إطلاقها صواريخ وطائرات مسيرة تجاه إسرائيل للدفع بالبلاد نحو جولة جديدة من الحرب
وكانت المليشيا الحوثية قد أعلنت نهاية أكتوبر الماضي، عن إطلاق عدة صواريخ وطائرات مسيرة تجاه إسرائيل، زاعمة أنها الهجمة الثالثة التي تنفّذها في هذا الشأن، دون أن تكشف عن حجم الهجوم أو نتائجه.
وحدد مركز المخا للدراسات الاستراتيجية في تقدير موقف اطلع نشره الاثنين اربعة أسباب تدفع جماعة الحوثي لتبنّي هذه عمليات اطلاق صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأول هذه الأسباب: تحقيق أعمال دعائية واسعة. بحيث “تمكِنهم مِن تسويق خطابهم الديماغوجي في أوساط أتباعهم والأوساط الشعبية في اليمن، وفي المنطقة العربية عمومًا، مِن خلال الادِعاء بنصرتهم لأهل غزَة والقضية الفلسطينية، وأنَهم باتوا رافعة لهذه القضية وندًا لإسرائيل وأمريكا، وطرفًا مؤثِرًا في المنطقة”. مرجحاً أن “يقوم الحوثيون بتصعيد العداء لإسرائيل في خطابهم بشكل أكبر كجزء مِن تبرير هيمنتهم السِياسية، وقبضتهم الأمنية، وبناء منظومتهم العسكرية؛ خاصَة إذا انسحبت السعودية والإمارات مِن الحرب في اليمن بشكل نهائي”.
وثانيها: الهروب مِن الضغوط الشعبية”. فقد مثلت عملية طوفان الأقصى “فرصة ذهبية لجماعة الحوثي لصرف انتباه اليمنيين عن فشلهم في توفير الاحتياجات، والإفلات مِن الضغوط الشعبية التي تواجهها، نتيجة امتناعها عن دفع مرتَبات القطاع الأوسع مِن الموظفين الحكوميين لما يزيد عن 6 سنوات، حيث لم يعد لديها ما تتحجج به بشكل مقنع؛ خاصَة وأنَ موجة السخط الشعبي كانت في تزايد مستمرٍ… واتجاه الأمور نحو احتجاجات شعبية واسعة.
ومن المفارقات الملفتة، وفق المركز “أن جماعة الحوثي انتهزت الأحداث في غزَة لفرض المزيد مِن الجبايات والإتاوات على التجُار والسكَان في مناطق سيطرتها؛ فقد وجَهت الدعوات إلى التبرُع لصالح غزَة والشعب الفلسطيني. وبعد إعلانها إطلاق الصواريخ باتِجاه إسرائيل وجهت رسائل ( SMS ) إلى هواتف المواطنين المشتركين في خدمات شركات الاتِصالات لدعوتهم للتبرُع لما أسمته “القوَة الصاروخية”.
وثالث الأسباب: محاولة كسب شرعية داخلية وإقليمية. إذ حرصت الجماعة على أن “تقدِم نفسها على أنَها القوة المهيمنة التي تُمثِل الشعب اليمني، وتتَخذ القرارات والمواقف الحاسمة نيابة عنه، وأن يُوفِر لها هذا العمل قدرًا مِن الشرعية الشعبية في ظلِ الارتباط العاطفي الكبير بين الشَعبين اليمني والفلسطيني، واهتمامه بالقضية الفلسطينية… وفي الوقت ذاته أن تقدِم نفسها على أنَها مكوِن مهم فيما يُسمَى “محور المقاومة”؛ لذا حرص إعلامها على التباهي بأنَهم حاضرين في غرفة العمليات المشتركة لما يُسمَى قوى المقاومة، وعلى الالتزام بما يُسمَى مبدأ “وحدة الساحات” لتلك القوى.
والسبب الرابع: توفير ذريعة للحفاظ على حالة الاستنفار والحرب. فهي بحاجة إلى “قضية جديدة تمكِنها مِن التماسك الداخلي، والبقاء في حالة حرب واستنفار، لا سيَما بعد سريان الهدنة لما يزيد عن عام ونصف، وإمكانية انسحاب السعودية والإمارات مِن الحرب في اليمن كليًا.
ورجح المركز أنَ “توظِف هذا الحدث كذريعة بديلة عماَ يُطلق عليه «تحالف العدوان»، وذلك للامتناع عن القيام بواجباتها تجاه المواطنين في مناطق سيطرتها في جانب المرتَبات والخدمات. وستعمد إلى استغلال هذه العملية لتعبئة موارد المجتمع نحو البنية العسكرية، وخاصَة الصواريخ والطائرات المسيرة، بحجَة الحرب ضدَ إسرائيل وأمريكا”.
وعن حدود ومستويات مشاركة المليشيا الحوثية في الأعمال العسكرية ضد إسرائيل، ذكر مركز المخا للدراسات ثلاثة مستويات محتملة وهي: الاكتفاء بما أعلنت إطلاقه، واستمرارها في تنفيذ هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه شمال البحر الأحمر، واستهداف السفن والمصالح الإسرائيلية جنوب البحر الأحمر.
تداعيات
وعن تداعيات الأحداث الجارية في غزة على الأوضاع في اليمن، ذكر المركز 5 آثار متوقعة، أولها: توتر العلاقة بين الحوثيين والسعودية، وتغير الموقف الأمريكي تجاه الجماعة الحوثية. إضافة إلى أنها “توفر بعد دعائي للحشد لجولة جديدة من الحرب”.
ووفق المركز فإن الإعلان الحوثي عن إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل يوفر لها فرصة مثالية لتسويق هذا الأمر في الأوساط الشعبية على أنه عمل بطولي، واستغلاله في التعبئة والاستقطاب، وتجنيد مقاتلين جدد تحت شعار وهمي جديد هو الحرب ضد إسرائيل.
ورجح أن توظف جماعة الحوثي هذا الحدث للدفع بالبلاد نحو جولة جديدة من الحرب، من خلال التحشيد واختلاق الأعذار بأن هناك أطراف خارجية تحرك الأطراف الداخلية المناوئة لها بما يشغلها عن مهاجمة إسرائيل. وسيعمد الخطاب الحوثي إلى الربط بين تلك الأطراف اليمنية وإسرائيل، وهو ما قد يجعل القتال أكثر دموية,
والأثر الرابع إمكانية حدوث مجاعة واسعة. ففي حال حدوث اشتباك واسع في المنطقة وخاصة جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، ستكون له تداعيات كارثية على اليمن، حيث ستتقلص فرص استيراد المواد الغذائية وخاصة القمح، وهو ما سيجعل اليمن أمام مجاعة مرعبة.
ورجح المركز أن الإعلان الحوثي قد يؤدي إلى “تعزيز الوجود الأمريكي والإسرائيلي جنوب البحر الأحمر”، بذريعة احتواء التهديدات الإيراني للبحر الأحمر.