كشف مركز المخا للدراسات الاستراتيجية في ورقة تحليلية حديثة عن أن جذور النزاع المسلّح الراهن في اليمن تعود إلى النظرية السياسية الثيوقراطية للأئمة الزيديين، التي حصرّت الحكم في ذرية الحسنين باعتباره “استحقاقًا إلهيًا”، ما أثار صراعات مستمرة مع الشعب اليمني على مدى قرون.
وأوضحت الورقة أن الصراع في اليمن يرتكز على مشروعين متناقضين؛ الأول مشروع جمهوري يعتمد على حق الشعب في اختيار نظامه السياسي ومؤسساته، لكنه عجز عن بناء نظام عادل ومستدام. والثاني مشروع إمامي سلالي تجسّده جماعة الحوثي، والتي اعتبرت الدراسة أن أفكارها تمثل عودة رجعية متطرفة لفكر الإمامة والعنصرية السلالية، وأدت إلى الانقلاب على النظام الجمهوري في 21 سبتمبر 2014.
وأشار الباحث الدكتور إسماعيل السهيلي إلى أن إخفاقات بناء الدولة منذ ثورتي 26 سبتمبر 1962 و14 أكتوبر 1963، وما بعد الوحدة اليمنية عام 1990، أسهمت في تراكم الأزمات ودورات العنف والانهيارات المؤسسية، مما جعل حلم الدولة الحديثة القائمة على المؤسسات والقانون هدفًا مؤجلاً يتطلع إليه اليمنيون.
كما تناولت الورقة مرحلة ما بعد “الربيع العربي”، مؤكدة أن جماعة الحوثي استغلت حالة السخط الشعبي تجاه حكومة الوفاق الوطني، وتوظيف الرئيس عبد ربه منصور هادي للصراعات بين القوى السياسية والقبلية، وتحالفها مع الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، إلى جانب الدعم الإيراني وتواطؤ المبعوث الأممي جمال بن عمر، ما مكّنها من السيطرة على صنعاء والتوسع في بقية المحافظات.
ورأت الورقة أن مستقبل اليمن مرتبط بقدرة القوى الوطنية على تجاوز إخفاقات الماضي وتوحيد صفوفها لمواجهة المشروع الإمامي، مشيرةً إلى أن استمرار الانقسامات السياسية والعسكرية سيبقي البلاد رهينة للفوضى والعنف، فيما تظل استعادة الدولة الحديثة القائمة على المؤسسات والقانون الخيار الوحيد لضمان السلام والاستقرار.