أثار إعلان إدارة الرئيس الأمريكي، جون بايدن، البدء بإجراءات إجراءات شطب جماعة الحوثيين من لائحة الإرهاب، الذي أقرته إدارة سلفه، دونالد ترامب قبل أيام من مغادرته البيت الأبيض، تساؤلات عدة حول دلالات هذا التوجه وانعكاساته على الحرب في اليمن.
والجمعة، قال متحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأمريكيّة: “أبلغنا الكونغرس رسميا” بنيّة وزير الخارجيّة أنتوني بلينكن شطب الحوثيّين من لائحة الإرهاب.
وأضاف المتحدّث: “هذا القرار لا علاقة له بنظرتنا إلى الحوثيّين وسلوكهم المستهجن، بما في ذلك الهجمات على المدنيّين، وخطف مواطنين أمريكيّين”.
“تعقيد وهدية لطهران”
وتعليقا على هذا الموضوع، قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني إن التراجع عن تصنيف مليشيا الحوثي منظمة ارهابية يرسل إشارات خاطئة للحوثيين وخلفهم ايران بمواصلة نهجهم التصعيدي وجرائمهم وانتهاكاتهم بحق المدنيين، وسياسات نشر الفوضى والإرهاب في المنطقة.
وأضاف الإرياني عبر حسابه بموقع “تويتر” مساء الأحد، أن هذا القرار يمنح الحوثي “تحدي إرادة المجتمع الدولي في إنهاء الحرب وإحلال السلام العادل والشامل وفق المرجعيات الثلاث”، في إشارة إلى مرجعيات الحل المتمثلة بالمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216.
وأشار إلى هناك حقائق عدة، تؤكد أن إلغاء التصنيف سيساهم في تعقيد الأزمة اليمنية وإطالة أمد الانقلاب، ويفاقم المعاناة الإنسانية الناجمة عن الحرب التي فجرها الحوثيون، ويجعل السلام بعيدا عن متناول اليمنيين.
واعتبر وزير الاعلام اليمني أنه “سيمثل هدية مجانية لنظام طهران لتعزيز سياساته التخريبية في المنطقة وتهديد المصالح الدولية”.
وأوضح المسؤول الحكومي أن صدور القرار الأمريكي سيمثل خيبة أمل كبرى للشعب اليمني الذي تجرع الويلات ودفع ثمنا باهضا جراء انقلاب مليشيا الحوثي المدعوم من إيران.
يأتي ذلك، وفق وزير الإعلام والثقافة في الحكومة اليمنية، في ظل “صمت يعكس تخاذل المجتمع الدولي عن الالتزام بمسئولياته المنصوص عليها في مبادئ ومواثيق الامم المتحدة وحماية حقوق الإنسان وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة”.
“تماهي ونصر للحوثي”
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أحمد الزرقة أن الإدارة الديمقراطية الأمريكية تتماهى كثيرا مع الحركات الفوضوية ولا تتحرج من التعاطي مع المليشيات.
وقال في حديث خاص لـ”عربي21″: سبق وأن فتح الديمقراطيون في نهاية فترة أوباما؛ خطوط تواصل مباشرة مع مليشيا الحوثي وقدم وزير الخارجية وقتها جون كيري مبادرة للسلام في اليمن وألتقى وفد الحوثيين في مسقط.
وأضاف الزرقة :”كان واضحا منذ إصدار القرار نهاية فترة ترمب أنه لن يصمد طويلا، وأنه كان بمثابة هدية أخيرة من الرئيس الأمريكي السابق للسعودية”.
وبحسب الكاتب اليمني فإن ميليشيا الحوثي لم تتأثر من القرار الذي يأتي رفعه عنها بمثابة نصر لها ستقوم بتسويقه كذلك لدى أنصارها.
وأشار إلى أن الحرب الدائرة في اليمن، تتأثر بشكل أو بأخر بالصراع الاقليمي والدولي، مؤكدا أن ما يجري، أشبه بحرب بالوكالة، وهي الحرب التي للخارج فيها كلمة أعلى من الداخل.
وأوضح السياسي اليمني الزرقة أن ادارة بايدن لا تمتلك حلا للازمة اليمنية ولا لغيرها، معتبرا أنها إدارة انتهازية لا تختلف في السوء عن ادارة ترمب.
ولفت إلى أن “الحرب ستستمر في اليمن بلا أفق لسلام قريب، وستكون هناك مساعي لتحقيق تسوية عرجاء”، مستدرك بالقول: “لكنها لن تحظى بقبول أي طرف وستسهم في تجزئة البلاد وتمكين المليشيات أكثر”.
“استثمار وتمهيد”
من جهته، قال رئيس مركز “نشوان الحميري” للدراسات، عادل الاحمدي إن هناك توجه من ادارة بايدن لشطب قرارات عديدة اتخذتها إدارة ترمب وتحديدا في الأيام الأخيرة من فترتها في السلطة.
وتابع حديثه لـ”عربي21″: تعيين مبعوثا أمريكيا خاص إلى اليمن، وإن كان كما يبدو مقربا من السعودية، إلا أن شطب جماعة الحوثيين من قوائم الارهاب عبارة عن تمهيد لزيارة قد يقوم بها، أي المبعوث الأمريكي إلى صنعاء.
وبالتالي، وفقا للأحمدي، يكون لزاما عليهم إجراء ذلك، وحتى لا يقال أنهم يزوروا ويتفاوضوا مع جماعة إرهابية.
والأسبوع الماضي، عين الرئيس الأمريكي الدبلوماسي تيموثي ليندر كينغ مبعوثا أمريكيا إلى اليمن، في خطوة تعد الأولى من نوعها، ضمن مساعي إنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ سنوات.
وأشار رئيس مركز نشوان للدراسات إلى أن إدارة بايدن لم تقل وكذا المنظمات التي اعترضت على قرار تصنيف الحوثي منظمة إرهابية أنها ليست إرهابية، أو أنهم لم يمارسوا الإرهاب، بل برروا ذلك، أن التصنيف يؤثر على الوضع الإنساني.
وأكد أنه لم يكن التصنيف موثرا وكذا الشطب أيضا، إلا أن القرار حقق أهدافه بنجاح حتى بعد توقيفه، موضحا أن العالم الآن، يتعامل مع الجماعة باعتبارها ارهابية، وإنما يتعامل معها باعتبارها جماعة تحتجز رهائن.. ولا يريدوا أن تتضرر هذه الرهائن بتصنيفها كذلك.
وأردف الأحمدي قائلا: كان الحوثيون يحلمون بفرض أمر واقع، وانتزاع اعترافا دوليا بسلطتهم، واليوم، هللوا بقرار شطب الجماعة من قائمة الارهاب، وهو ما يشير إلى أن مستقبلهم السياسي صفريا.
وأوضح رئيس مركز نشوان في اليمن أن الأهم من كل هذا، أن اليمنيين صنفوا الحوثي إرهابيا، وهي أيضا، صنفت نفسها إرهابيا في تعاملها معهم.
ورأى أن الحملات التي جاءت شعبية بمواقع التواصل وبالذات في تويتر، في الأيام الماضية، جعلت من شطب القرار متزامنا مع تصريحات أخرى تبين على أنه لا يعني تغيرا هائلا في السياسة بل نوع من الاستثمار بطريقة الديمقراطيين لا أكثر.
“خيبة أمل جديدة”
بموازاة ذلك، قال رياض الدبعي، وهو ناشط حقوقي يمني مقيم في هولندا، أنه منذ العام 2014 وهو عام الانقلاب المشؤوم في اليمن يتم خذلان اليمنيين بشكل يومي من قبل المجتمع الدولي والهيئات الأممية.
وأضاف في حديث خاص لـ”عربي21″: “لم يكن الغاء قرار تصنيف الجماعة الحوثية كجماعة إرهابية هو أولى خيبات الأمل بالنسبة لليمنيين وبالتأكيد لن يكون الأخير”.
وأكد الدبعي أنه من المفارقات العجيبة؛ أن الإدارة الأمريكية الحالية وصفت أعمال الشغب التي حصلت مؤخرا في واشنطن واقتحام مبنى الكونغرس الأمريكي بالأعمال الارهابية.
في مقابل ذلك، يشير إلى أنها “لا ترى في القتل والتعذيب والتنكيل و تفجير المنازل واعدام المدنيين والصحفيين وتعذيبها وغيرها من جرائم الجماعة الحوثية، ما يستدعي إضافتها إلى قائمة الارهاب، على العكس تماما”.
وأردف الحقوقي الدبعي قائلا: “فكأن الإدارة الأمريكية تعطي الحوثيين موافقة ضمنية باستمرار جرائمها ومهاجمة المدن التي لم ترضخ لها”، لافتا إلى أن “آخرها، ما حصل يوم الأحد، من هجوم قامت به على محافظة مأرب (شرق) التي تأوي ما يزيد عن المليون نازح ممن شردتهم الجماعة ذاتها”.
وعبر الناشط اليمني عن آسفه، من تعامل إدارة بايدن مع اليمن، وشعبه كـ”ورقة مساومة”، مشددا على أن الأيام ستثبت لمن يجهل عدم جدية الحوثيين لإقامة السلام.
وكان وزير الخارجيّة الأمريكي السابق، مايك بومبيو، قد أعلن قرار إدراج المتمرّدين الحوثيّين على لائحة الإرهاب قبل أيّام من مغادرته منصبه الشهر الماضي، مبرّرا ذلك بصلتهم بإيران، العدوّ اللدود للرئيس السابق دونالد ترامب، وكذلك بهجوم سقط فيه قتلى على المطار في عدن، ثاني أكبر مدن اليمن، في 30 كانون الأوّل/ ديسمبر2020.
ورحبت الأمم المتحدة بتوجه إدارة بايدن شطب الحوثيين من لائحة الإرهاب.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن هذا التوجه “سيوفر إغاثة ضخمة لملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية والواردات التجارية لتلبية احتياجاتهم الأساسية من أجل البقاء”.