المراقب للمشهد في العاصمة اليمنية صنعاء حاليّاً يلاحظ مجموعة مترابطة من الأحداث التي تؤذن بمرحلة جديدة بين الحليفين الكبيرين: جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
بدأت ردود الفعل المترابطة بجولات من التصعيد الكلامي والتوتّر من قرار صالح جمع أنصاره في العاصمة صنعاء للاحتفال بذكرى تأسيس الحزب الـ35 في 24 من الشهر الجاري، أتبعها الحوثيون بإجراءات من التشديد الأمني شملت نشر أطقم مسلحة ونقاط تفتيش في مناطق متفرقة من العاصمة مع اقتراب حثيث من مناطق نفوذ صالح والقوات الموالية له، غير أن الأمور بدأت تنفلت وتأخذ مجرى خطيرا مع قيام الحوثيين بمحاولة اغتيال نجل علي صالح، الذي أصيب بجروح طفيفة، خلال مروره في صنعاء يوم السبت الماضي، حسب رواية أنصار صالح، أو قيام موكب صلاح صالح بمهاجمة نقطة التفتيش، حسب الرواية الحوثية، ما أدى إلى مواجهات مسلحة بين الطرفين خلّفت 4 قتلى من الجانبين بينهم أحد قادة الحزب، العقيد خالد أحمد زيد الرضي، حيث تم سحل جثته في مكان اغتياله (وفي رواية أخرى أنه قضى برصاص قناصة حوثيين).
الواضح أن الحوثيين اعتبروا ما يقوم به أنصار صالح إعادة ترتيب لموازين النفوذ والقوّة في العاصمة اليمنية، وصولاً ربما إلى السيطرة عليها، وتمثل ردهم بحشد مسلحي الجماعة على مداخل مدينة صنعاء، تحت شعاري «رفد الجبهات» و»التصعيد مقابل التصعيد»، ومواجهة التحشيد الجماهيري والعسكري لأنصار صالح بحشود مقابلة للحوثيين، وهو ما خلق نوعاً من التوازن الهشّ القابل للانكسار في أي لحظة.
نجاح نقلة صالح ومرور اجتماع حزبه بخسائر غير كبيرة دفع الحوثيين، على لسان حمزة الحوثي، أحد قيادييهم، للدعوة لإعلان حالة الطوارئ في العاصمة، ومطالبة أجهزتهم الأمنية «بملاحقة الجناة الذين اعتدوا على أفراد نقطة المصباحي» (حيث جرى الاشتباك المذكور سابقا)، وتبع ذلك ما تناقلته وسائل إعلام يمنية عن أن ميليشيات الحوثي فرضت حصارا على مقر إقامة علي صالح ومقرات حزب المؤتمر الشعبي العام، وأن هذه الميليشيات أخطرت صالح بعدم مغادرة مكان إقامته، وهو ما يعني، عملياً، أنها تبلغه كونه صار تحت الإقامة الجبرية.
تعني ردود الفعل الحوثية أن الجماعة المدعومة بشكل مباشر من إيران ما زالت الطرف الأجرأ على المبادرة، وهو ما يدلّ على الشكوك القديمة لدى قيادة الحركة التي خاضت حروباً عديدة سابقة ضد صالح نفسه، ومخاوفها الجديدة، بعد ظهور إشارات عن اقتراب صالح من الإمارات العربية المتحدة، وأنها جاهزة للتحرك بغض النظر عن التكاليف العسكرية التي قد تترتب على الصراع مع قوات صالح، وأنها، بالتالي، تفكر جدياً بإخراجه من المعادلة السياسية ـ العسكرية اليمنية.
وإذا استمرّت هذه السلسلة من الأفعال وردود الأفعال تسير بهذا الاتجاه فهذا يعني أن اليمن مقبل على مرحلة سياسية وعسكرية جديدة مليئة بالمفاجآت