الوابل الغزير في الرد على محمد الوزير

محرر 216 يونيو 2020
الوابل الغزير في الرد على محمد الوزير
ثابت الاحمدي
ثابت الاحمدي

بقلم - ثابت الاحمدي

اطلعتُ على مقال الشيخ محمد الوزير، على صفحته في “الفيس بوك” عن القاسم الرسي، وحفيده يحيى حسين الرسي، ولا يهمنا القاسم الرسي، فقط سأتوقف عند عدة ملاحظات وأغاليط أوردها الشيخ الوزير بين ثنايا مقاله:
أولا: هذا الرد جاء في اليوم الثاني من قيام ما يسمى بـ “رابطة علماء اليمن” بالقيام برد مطول، على المسيئين لرموز الأمة حد تعبيرهم، الذين أساؤوا ليحيى الرسي، واعتبرت كشف إجرام هذا المتورد “تصرفات حمقى” وأن أصحابها قد “فقدوا عقولهم” و “ابتعدوا عن كتاب ربهم وسنة نبيهم” وأن الذين تناولوا آل البيت أو الرسي “قد عبر عن حقدهم لأئمة الهدى ومصابيح الدجى من أهل البيت أمثال الإمام الهادي..”. وقد دعت الرابطة هؤلاء القوم إلى الاستغفار بما جنوه، لأنهم على خطر عظيم. إلى آخر تلك التجديفات التي وردت في بيان رابطة كرادلة وقساوسة فقهاء الهادوية بصنعاء، وها هو الشيخ محمد الوقشي اليوم يستغفر ويكفر عن ذنبه ببيانٍ يدعي فيه الانتصاف لجده الرسي، وممالأة أولاد عمه في صنعاء. وكما ورد في بيانه بالنص: “براءةً للذمة وخروجًا من إثم السكوت المُوهم للإقرار لمن يهْـرف فيهما، ويتكلم بما لا يعرف ولا حول ولا قوة إلا بالله”. فنحن من وجهة نظره آثمون، ونهرف بما لا نعرف، رغم أنّ كل ما نقوله عن الرسي موثق بالصفحة، ومن كتب الهادي نفسه، أو المقربين منه، ولم، ولن نزيدَ حرفا واحدا من عندنا، وحاشا أي باحث يتتبع الحقيقة أن يكون متعصبا إلا للحقيقة، كما هي، ورأسمال الباحث هي ثقة القراء به، ومن يُضيع رأسماله بكذيبة أو كذبة إلا جاهل أحمق..!
ثانيا: أشار الشيخ الوقشي إلى ما يراه شبهة، ثم دافع عنها، بأن البعض يرى أنه أتى من إيران، بينما هو من الحجاز، ليظهر بمظهر الباحث المنصف، كما ذكر، ونحن لا يهمنا مصدر مجيئه، بقدر ما يهمنا إجرامه ونسله بحق اليمن واليمنيين، مع أنه لم يذكر ــ ناسيًا أو متناسيًا ــ أن أتباعه وجنده ومرافقيه كانوا من الفرس، وقد تزوج بعضُهم من بناته.
ثالثا: ذكر الشيخ الوقشي أن القاسم الرسي وحفيده الهادي كانا عالمين مجتهدين، أصابا وأخطأا، وأن لديهما “صياغة كتابية عالية جدا، يعجب المنصف لأسلوبهما”. والكلام الأخير مقتبس بنصه من كلامه، مع أن اجتهاد الرسي ــ على علمه ــ إلا أنه لم يأت بجديد في أي مسألة من مسائل العلم، فقد كان حنفي الفقه معتزلي العقيدة، وجميع الآراء المبثوثة في كتابه “الأحكام” على وجه التحديد قال بها علماء من قبله، سواء من علماء السنة أم الشيعة، عدا نظريته في الحكم، وهي نظرية سياسية، مثل الفاشية والنازية، لا فرق، فقد كانت جديدة على الأقل في اليمن والحجاز، ولم يقل بها أحدٌ من الفقهاء المعتبرين قبله، ومن أشار إليه في أدبياته الفقهية، فهو من باب الاستحسان لا من باب الوجوب فقط. ولا أدري هل يعتبر الشيخ أن أسلوب الصياغة الكتابية التي وسم بها نتاجات الرسي تُعتبر من الفضائل، ومن المؤهلات للحكم؟، أم أنه بصدد تجميع ما يراه فضيلة تأكيدا منه على ما يسند مذهبه في تعظيم الرسي؟.
رابعا: وهي النقطة المهمة التي تمحّل فيها الشيخُ وحاول فيها التحذلق، وهي قوله بالنص: “لهما ــ القاسم والرسي ــ آراء كثيرة تخالف الإمامَ زيد بن علي والأئمة الأربعة، وتخالفُ صحيح السنة؛ وليس ذلك خاص بهما؛ بل هذا موجود في كل علماء المذاهب الإسلامية” وليتك أيها الشيخ الكريم ذكرتَ أن أهم نقطة خالف فيها الإمام زيدا هي مسألة “إمامة البطنين”، التي هي أصل النظرية الهادوية وأمها وأبوها، ومبتداها ومنتهاها، وهي الكل الذي لا يتجزأ في النظرية، وهي نقطة مهمة لا تخفى عليك أبدا، وأنت من الفقهاء المتضلعين في هذه المسألة، وقد أخفيتَها هنا عمدا وإصرارا، لتغطية أكبر جريمة جناها الرسي.
خامسا: كنتَ مُحقا وصادقًا وصاحبَ حدسٍ واستشفافٍ دقيقٍ حين قلتَ: “أعلم أن هناك من لا يروقه ذلك، وقد يتوهمُ أن هذا فيه دعم للحوثي”، فأنت أدرى بخفايا حرفك، وأعلم بخناس نفسك، وحالك كحال ذلك المتنبي الذي ادعى النبوة، وحين طالبه الناس بالمعجزة، قال لهم: معجزتي أني أعلم ما في نفوسكم، فقالوا له: وما في نفوسنا؟؟ رد عليهم: في نفوسكم أني كذاب..!!!!!
سادسا: إشارتك إلى أن للهادي حديثا يشير فيه إلى أن الرافضة مشركون، هذا دليل عليك لا لك، يدينك بالمقام الأول. فلا تنس أولا أن مفهوم الرافضة أيام زيد بن علي غير مفهوم الرافضة اليوم؛ بل مفهوم الزيدية ذاته؛ الذي تحول من مصطلح سياسي إلى مصطلح ديني مع مرور الوقت، ذلك أن كل من خرج مع زيد بن علي ضد هشام بن عبدالملك آنذك سُميَ زيديا، ولو لم يكن له علاقه بآراء زيد بن علي الفقهية، أو يكن من آل البيت..! وأدعو القارئ الكريم هنا إلى أهمية تفكيك المصطلحات التاريخية، وتتبع تطورها دلاليا، وأيضا جغرافية المصطلح نفسه، فقد يختلف معنى الكلمة من زمان إلى آخر، كمفهوم كلمة عصابة سابقا التي تعني “جماع” وهي مذكورة في سيرة الإمام الهادي ضمن هذا السياق، كما يختلف مدلول الكلمة أيضا من مكان إلى آخر، مع أن جذرها واحد في كل القواميس، كمصطلح “النبلاء” مثلا، فهي في دلالتها اللغوية عند العرب مشتقة من النُّبل، وصاحبها نبيل، فيما مدلولها عند الغرب يختلف كليا، إذ هي مرتبطة بطبقة النبلاء الحكام الإقطاعيين آنذاك، وبمجرد ذكر كلمة “نبيل” أو “نبلاء” اليوم يثير الاشمئزاز عند الفرنسي أو الإيطالي، فيما هي كلمة تحمل معنى إيجابيا عند أي عربي. وهو ذاته مصطلح الرافضة، ولذا فمن الطبيعي أن يقول الهادي عمن خذلوا جده أنهم مشركون..! وهل تتوقع منه أن يقول عنهم أنهم على صواب؟، فلو استصوب فعلهم لكان ذلك إدانة لجده زيد بن علي، فالمدح للشيء قدحٌ لضده كما يُقال.
سابعا: قلت “فما بين الحوثي وفكره وبين القاسم والهادي كما بين المشرق والمغرب، واعتقادي أن من ينسبُ فكر الحوثي إليهما يفتري عليهما”. وأنا أقول: والذي فلقَ الحبة وبرأ النسمة أن الحوثي وقبله آل حميد الدين وشرف الدين والحمزات و.. إلخ، جميعهم ــ وبلا استثناء ــ نسخة طبق الأصل من يحيى حسين الرسي، كنسخة “خنزب” من “يعموش”. وهذه هي الأدلة:
1ــ حصر يحيى حسين الرسي الحكم في البطنين، وقال نحن أحق به، ومثله فعل الأئمة، ويفعل عبدالملك الحوثي اليوم، وقال: نحن أولى بالحكم. يذكر علي بن محمد العلوي، صَاحِبُ سِيرة الإمَام الهَادي، وابنُ عمه عن الهَادي أنه سَمعه يوما يقول: “والله لو كان معي ثلاثمئة وثلاثة عشر مؤمنا، لا، بل لو كان معي خمسمئةٍ لدُسْتُ بها اليَمَن” انظر سيرة الإمام الهادي، ص: 50. وأيضا: “لو كان معي ألفا راجلٍ وخمسمئة فَارس مؤمنين صَابرين لدوختُ بهم عامَّة النَّاس”. سيرة الإمام الهادي، ص: 226.
ويقول الإمام الهادي: “وقد قال: “إن سَأل سائلٌ فقال: من أين زعمتم أن الحَقَّ في أيديْكم دون غيركم، وجميع من خالفكم يدعي مثل ما ادعيتُم؟ قلنا له: إن أقربَ الأشْياء عندنا الذي علمنا به أنا على الحق، ومن خَالفنا على الباطل، وأن جميع فرق الأمَّة بجملةِ قولنا مُصدقون، ونحنُ لهم فيما انفردت به كل طائفة منهم مُكذبون، وهم فيما ندين لله به من أصول التوحيد والعدل وإثبات الوعد والوعيد والقول بالمنزلة بين المنزلتين والأمر بالمعروف والنهِي عن المنكر مصدقون”. انظر: المجموعة الفاخرة ، بتحقيق الرازحي، ص: 45. مضيفا: “مضيفا: “هذا دينُنا ونِحلتُنا، والطيبون من آل محمد قادتُنا، فمن وافقَنا على هَذا فهو وليُّنا، ومن خالفَنا فهو عدونا، والله وليُّ المؤمنين وعدو الفاسِقين”. انظر: المجموعة الفاخرة، ص: 171.
وكما ذكر ابن عمه وكاتبُ سيرته: “فإنَّه عندَ وصوله البلد قد كتبَ إلى أهل اليَمَن جميعًا كتاب دعوة يدعوهم فيه ويحضُّهم على الجِهَاد معه”. انظر سيرة الإمام الهادي، ص: 48.
ومن المعلوم أنَّ الجِهَادَ لا يكونُ إلا ضدَّ الكفار لا ضد المسْلمين؛ وبشروط محدَّدة، ذكرها الفقهاءُ في كتبهم وهِي كثيرة ٌوصارمة، فهل أهل اليَمَنِ كفارٌ حتى يعُلن الجِهَاد ضدَّهم؟! ولمَ تلك القصَائدُ الشعريَّةُ التي نَظَمها الإمَام الهَادي فيهم، مع أن اليمنيين أصدق مناصري دعوة الإسلام من قريش، ومن آل البيت أنفسهم من أول يوم للدعوة، ليقول في اليمنيين:
خانوا الإله وعطلوا أحكامَه فمتى أرى البيض البواتر ترتع
وأيضا
وقلتُ ألا احقنوا عني دماكم وإلا تحقنوها لا أبالي
وحلَّت لي دماؤكم بحقٍ وإخرابِ السَّوافل والعَوالي
وقطع الزرع واستوجبتموه بما قد كان حالا بعد حال
فقمتُ عليكم حقًا وقولي بذلك قد يصدقه فعالي
وقد كنتم زمانا في فَسَاد وإدغال وخدع واحتيال
وقلتم إنه يخفى علينا فقد ذقتم به شر الوبال
وإن صرتم إلى محمود حُكمي وصيَّرتم بغيركم اشتغالي
سلمتم من صُروف سجال حربي وما زلل الحروب بمستقال
أنا الموتُ الذي لا بد منه على من رام خدعي واغتيالي
انظر سيرة الإمام الهادي، ص: 307.
2ــ كـفّـر يحيى حسين الرسي اليمنيين قاطبة، واستحل أموالهم وأعراضهم، فصلبَهم ومثّلَ بجثثهم، مع أن هذا مخالف لما عليه تعاليم الفقه من قبله، وهو ما يفعله الحوثي اليوم، واستمع معي لما يرويه ابن عمه وقائد جيوشه، وكاتب سيرته؛ إذ يقول في سياق روايته عن حربه مع بني الحارث: “.. ثم انصرفَ إلى القريَة في آخرِ النهار، فأمر بالقتلى فجُمعت، ثم أمر بتعليقها في الشَّجر، فعُلّقت منكّسَة، في كل شَجرة جماعةٌ، مؤزرين بالخِرق والشِّمال، وأقام بالقرية ثلاثةَ أيام أو أربعة، ثم إن القرية أنتنت نتنا شَديدا، حتى لم يقدر أحدٌ على أن يأكل لحمًا، فأتتْ بنو الحارث إلى الهَادي إلى الحق، فقبّلوا رأسَه ورجليْه ويديه، وسَألوه أن يهَبَ لهم جيفَ إخْوانهم، فيدفنوها في البئار والحُفر، فأبى ذلك عليهم، فلم يزالوا به حتى أجَابهم، وذكَّرهم بما كان قَال لهم، فطُرحت الجيفُ في بئار خراب، وحُفرٍ كانت خارجًا من القَرية”. انظر سيرة الإمام الهادي، ص: 173. مضيفا: “مُضِيفًا أيضًا عن قصة خُروج الهَادي إلى نجران، وغزوه بني الحارث: “.. ثم مضى بعسكره جميعًا، حتى نزل بموضع يُقال له قرقر، قريبًا من قرية الهجر، فأقام بها، وكل يوم يغدو عليهم جَمَاعَة من العَسكر، فيتعرضون بهم، فلا يبرز إليه منهم أحدٌ، إلا أنهم يلاقونهم إلى الدَّرب، فلا يزال القتالُ بينهم، والعَسكر في ذلك يقطعون نخيلهم، ويهدمون حُصونَهم. واجتمعتْ بنو الحارث في قرية الهجر، وفي ميناس، وقرقر بينهما، وعَسكرُ الهَادي إلى الحَق تعدو، وجميع أسْواق بني الحارث، فيهدمونها، ويغنمونَ ما فيها: نفسه، ص: 292.
وقد قال الإمام أحمد بن سليمان من بعده عن يحيى الرسي: “.. وكذلك الهَادي إلى الحَق ـ عليه السلام ـ لما قَام دخلَ اليَمَنَ وهُم مطبقون على الجبْر والكفرِ، فاسْتعان ببعضهم على مُحاربة البَعض الآخر..”. انظر سيرة الإمام أحمد بن سليمان، ص: 300. وله ــ الرسي ــ مئات الوقائع والغزوات ضد اليمنيين، إذ كفّرهم واستباح أموالهم وشرد نساءهم وأطفالهم، وهذا مبسوط في كتب الهادوية نفسها، وليس من قولنا نحن اليوم.! ومثل يحيى حسين الرسي كل الأئمة من بعده بلا استثناء، وأقول: بلا استثناء بكل ثقة ــ فوالله لقد وقفت على سيرتهم وعلى ما كتب عنهم إماما إماما، من لدن يحيى حسين إلى “الإمام الجديد” عبدو الحوثي. وكلهم كحماري العبادي، قيل له: أيُّ حماريك شر؟ فقال: هذا، ثم هذا..! وأحيلك إلى كتاب المجموع المنصوري لعبدالله بن حمزة، بما في ذلك كتابه “الدرة اليتيمة في تبيين أحكام السبي والغنيمة، وأيضا إلى السيرة المنصورية لابن دعثم، وأيضا إلى النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة للجرموزي الذي روى سيرة القاسم بن محمد مؤسس الدولة القاسمية، وأتمنى أن تتوقف عند تكفيره لليمنيين وللصوفية حيث قال بالنص: “.. فالواجبُ على المُسلِميْن اسْتباحة دمائهم وأموالهم؛ لأنهم كُفار مُشركون؛ بل شركهم أعْظم وأكثر؛ لأن المشركين الذين كان ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يجاهدهم يقرون بالله ويجعلون له شُركاء وهِي الأصْنام، وهؤلاء لم يجعلوا إلههم إلا الحِسَان من النِّسَاء والمُردان..” انظر النبذة المشيرة، مخطوط، لم يطبع، نسخة منه بمكتبة رئاسة الجمهورية، ص: 31. وهناك كتب أخرى أشارت إلى إجرام الرسي ثم إلى خلفائه الأئمة من بعده، وهي كثيرة، أبرزها: اللطائف السنية في أخبار الممالك اليمنين للكبسي، وروح الروح فيما حدث بعد المئة التاسعة من الفتن والفتوح، عيسى بن لطف الله شرف الدين، وبهجة الزمن في تاريخ اليمن، يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد، وتحفة الأسماع والأبصار بما في السيرة المتوكلية من غرائب الاخبار، واليمن في ظل حكم الإمام المهدي، د. محمد علي دبي الشهاري، ومئات الكتب والمخطوطات التي لم تحقق بعد، وستجد ما يشيب الرأس. ووالله فإن الأمر لا يعدو كما قال الشاعر:
هذي العصا من تلكم العصية فهل تلد الحية إلا حيّة.
ثامنا: قلتَ في آخر مقالك: “فعليكم بالإنصاف يا من تخافون الله ولا تخلطوا الحابل بالنابل”. ومن الإنصاف أن نردد ما قاله الله تعالى في محكم كتابه: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) فما بالك بمن يقتل أمة وشعبا مؤمنين موحدين؟! أو قل لنا ما هو الإنصاف الذي تريده منا، ونحن على استعداد لإنصافكم؟
تاسعًا: لفت انتباهي تعليق للشيخ علي القاضي، وهو “زنداني” الهوى والهوية، وأمين عام فرع جامعة الإيمان بتعز، قال فيه تعليقا على مقال الشيخ الوقشي: “جزاكم الله خيرا وما أحوجنا للإنصاف والتعقل والحذر من ردود الأفعال”. والكلام من ظاهره يؤيد ويساند ما ذكره مقال رفيقه الوقشي الممتلئ بالكثير من المغالطات التاريخية، ولا أدري هل قرأ الشيخ القاضي كتب الهادوية أم أنه يسير وفق هوى شيخه الأكبر الزنداني، مفتي الخمس؟! كما لا أدري أيهما أعز عليه: اليمن العظيمة بتاريخها وحضارتها وأمجادها؟ أم الهاشمية السياسية بكهنوتها وظلمها وتدجيلها؟! فوا أسفا كيف يلعبُ الجهل بالعقول حتى وإن بدا أهلها بلحية “عباد بن زياد”، أو بعمامة صاحب أبي حنيفة..!
عاشرا: قال الشيخ الوقشي: “ومن عرف مثل تجربتي لم يستغرب من قولي فقد قرأت بحمد الله كل كتبهما ــ القاسم والرسي ــ وسائر كتب الهادوية فروعا وأصولا وعقائدا، باعتبار دراستي التخصصية في المذهب الزيدي، وكنت مدرس مادة “مدخل لدراسة المذهب الزيدي” في جامعة الإيمان في مرحل التخصص للدكتوراه”. وسواء ذكر ذلك على سبيل الفخر والتفاخر أم على سبيل الإخبار والتنويه لتخصصه، أقول: سنحمله على حسن ظن، ونقول: لعله قصد الإخبار بذلك، ولكن الإخبار الذي يريد أن يقول للناس: أنا حجة عليكم في هذا العلم أو في الإمامة، ومن ثم فلا سبيل لنزالي في ميداني، كما يفعل بعض رجال الدين المفتين حين يذيلون فتاواهم بقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيتَ ويسلموا تسليما) وهو أسلوب شيخهم في كثير من بياناته وفتاواه.
وعني شخصيا أقول لك أيها الشيخ جازما وهي الحقيقة كما يعلم الله: لم أدع كتابا في مكتبة زيد بن علي في صنعاء، ولا في مكتبة مركز البحوث اليمني، ولا في مكتبة بيت الثقافة، ولا في مكتبة رئاسة الجمهورية، ولا في مكتبة العفيف بصنعاء، ولا في مكتبتي الخاصة ــ على تواضعها ــ عن الإمامة إلا وقرأته، ناهيك عن الدراسات المحكمة والبحوث المنشورة، على شبكة التواصل الاجتماعي، إضافة إلى يقارب أربعين مخطوطة لم تحقق حتى الآن، وبهذا خرجت بكتابي: “الهادوية بين النظرية السياسية والعقيدة الإلهية” وهو من مطبوعات وزارة الثقافة. إلى جانب بحوث أخرى منشورة في هذا المجال. هذا أولا. وثانيا: حين أتكلم عن تاريخ الإمامة فلا أتكلم عنها إلا من مصادرها الأصلية، لا من مراجع الباحثين أو المؤلفين المعاصرين الذين أعتمد عليهم في التحليل أو الاستنباط فقط، لا في الرواية أو الإخبار، ومما يُحمد للسلالة البغيضة أنهم يتفاخرون بإجرامهم في كل كتبهم، ثم إن هناك مناهج علمية صارمة لاستقراء القضايا العلمية بحقائقها ومفرداتها، ولا يستطيع أحدٌ أن يدلس على أحدٍ، ويعرف هذا رجالات البحث والأكاديميين وخريجو الدراسات العليا، فلا مجال لأي تدليس أو مغالطة.
أخيرا.. نقول للشيخ الكريم ولأضرابه: عامة الناس تنطلي عليهم مثل هذه الخدع الساذجة، كما انطلى على البعض خدعة “الحاج أحمد هتلر” وخدعة الحاج “عبدالله جاك مينو” “نابليون”، وخدعة الحاج عبدالله فيلبي، و..إلخ؛ أما نحن فأقول: تالله لن تنطليَ علينا خداعاتكم بعد اليوم، وتالله لن ننظر ليحيى حسين الرسي إلا على أنه غازٍ مجرم، سفاح، وكذا أبناؤه وأحفاده من بعده ذلك أننا جيلٌ جديدٌ غير جيل آبائنا وأجدادنا بالأمس. عرفنا إجرام الهادي وبنيه عبر التاريخ، كما عرفوا نضالنا ومقاومتنا لهم، وإذا كانت حياتهم معنا حرب، فحربنا معهم حياة، والسلام.
ثابت الأحمدي

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق