في الـ 16 من فبراير 2018 قبل أعضاء مجلس الأمن الدولي بتوصية الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريس تعيين البريطاني مارتن غريفيث مبعوثا أمميا خاصا جديدا لليمن خلفا للموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي رفض البقاء في منصبه بعد انتهاء ولايته.
ويعد مارتن غريفيث حسب توصيات الامين العام للأمم المتحدة الذي يدير “المعهد الأوروبي للسلام” ومقره بروكسل، ذو “خبرة طويلة في حل النزاعات والتفاوض والتوسط والشؤون الإنسانية، بحسب غوتيريس” وهو بذلك يكون ثالث وسيط أممي في اليمن خلال فترة الازمة اليمنية يتم تكليفه بملف النزاع اليمني بعد المبعوثين السابقين الدبلوماسي المغربي جمال بن عمر (أبريل 2011 – أبريل 2015) والدبلوماسي الموريتاني احمد ولد الشيخ احمد (أبريل 2015 – فبراير 2018).
وخلال عمل المبعوث الاممي الى اليمن مارتن غريفيث ساهم بقصد او بدون قصد في ارتكاب العديد من الاخطاء والمخالفات التي مكّنت الحوثيين من التمدد والتوسع على حساب حرية الشعب اليمني التواق الى التخلص من هذه الآفة.
ويواجه المبعوث الاممي اتهامات خطيرة تتعلق بكثير من القضايا التي شابت اداءه في اليمن ابرزها التماهي مع المليشيات والتغاضي عن جرائمها المستمرة وانتهاكاتها المتواصلة فلم يعد غالبية المينيين يعولون عليه في اخراج بلادهم من النفق المظلم الذين يعتقدون ان الامم المتحدة تزيد من تضييقه عليهم وانها اصبحت ومبعوثها جزء من المشكلة بعد ان فقدوا الثقة بمجلس الامن الدولي والامم المتحدة اللذان عجزا عن تحقيق اية تقدم يذكر في ملف الازمة اليمنية حتى فيما يتعلق بمبادراتهما وقراراتهما التي اصبحت حبراً على ورق.
ويعتقد كثير من اليمنيين أن المبعوث الأممي يحاول إيجاد المبرر لكل التجاوزات التي تقوم بها مليشيات الحوثي، بل وانه يتقصّد تضليل المجتمع الدولي ليوهمه أن تسوية سياسية يمكن لها أن تتحقق، مؤكدين أنه لا يمكن الوصول إلى أي تسوية أو حل للأزمة في ظل وجود المبعوث الحالي الذي اصبح يلعب على كل المتناقضات، مع إمعانه واصراره الشديدين في تضليل العالم رغم كل ما حدث ويحدث من اعتداءات متكررة من قبل المليشيات الحوثية ونكوثها للوعود وانقلابها على كل الاتفاقات(… ) موجهة اليه الاتهام برعاية الانقلاب والاشراف على منحه الشرعية والمشروعية بعلم أو دون علم.
ولم تكن محاباة المبعوث الاممي وغضه الطرف عن ممارسات المليشيات الحوثية هي المشكلة الوحيدة او القضية التي اثخنت جراح اليمنيين بل هناك ايضاً ملفات أخرى اكثر حيوية وانسانية تلاعب بها مكتب المبعوث الاممي ومنظمات الامم المتحدة العاملة في مجال الاغاثة والمساعدات الانسانية في اليمن وهو الملف الشائك الذي مس حياة المواطن اليمني بشكل مباشر والذي اتخذ منه المبعوث الاممي وسيلة للتكسب والتربح وجنى الاموال الطائلة تحت ابواب وبنود مختلفة.
ومع كل تلك الاموال والنفقات التي اثارت سخطاً واسعا لدى اليمنيين على مواقع التواصل فشلت البعثة السياسية الأممية في اليمن والتي تتألف من مكتب المبعوث مارتن غريفيث، وبعثة دعم اتفاق استوكهولم في محافظة الحديدة، وهو -الاتفاق الذي تمّ توقيعه عقب محادثات في السويد منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2018- حتى اللحظة، في تحقيق أي نتائج إيجابية ما عدا التمكين للمليشيات الانقلابية ورعايتها بداية من إنقاذها في الحديدة وحتى محاولات اسقاطها محافظتي الجوف ومأرب مؤخراً، وعجزها عن نزع فتيل المعارك، مع اقتراب الحرب من طي صفحة عامها الخامس، زاد من يقين اليمنيين بأنها عبارة عن ثقب لالتهام المساعدات.
وتبيّن الوثائق المالية التي كشفت عنها الناشطة اليمنية رشا جرهوم مؤخرا حجم التربّح الكبير الذي يعتاش عليه المبعوث الاممي وفريقه في اليمن جراء بقاء الحرب مستعرة، إذ بلغت ميزانية ما تقاضاه غريفيث في عام 2019م 17 مليون دولار كموازنة تشغيلية لتغطية نفقات جهوده في رعاية السلام المكذوب في اليمن، قبل أن تزيد إلى نحو 18.5 مليون دولار في العام الجاري، وهو ما يفوق ميزانية البعثة الأممية المختصة بالملف السوري والتي بلغت في 2020 نحو 16 مليون دولار.
وتظهر إحدى الوثائق بأن مكتب المبعوث ينفق على رحلات الطيران ما يقدر بـ 1.3 مليون دولار، فيما أظهرت وثائق أخرى زيادة في عدد الموظفين في مكتب المبعوث بين عامي 2019م و 2020م، كما وتشير المعلومات المتداولة إلى أن بعثة الحديدة استأجرت فندق فور سيزن بواقع 3 مليون دولار، وفلل بواقع 1.8 مليون، والفلل التابعة لبرنامج الغذاء العالمي وأماكن إقامة في صنعاء بواقع نصف مليون مع الصرفيات المتعلقة بالفندق والفلل شملت أيضا أعمال صيانة.
هذا بالإضافة إلى أرقام فلكية أخرى نشرتها جرهوم تظهر كيف يستغل غريفيث وطاقمه الأممي أزمة اليمن لتحقيق دخل مالي كبير، وهذا ما حدا بالعديد من المحللين السياسيين أو المهتمين بالشأن اليمني والمطلعين عليه عن كثب للتساؤل حول مدى جدية غريفيث في فك طلاسم الصراع اليمني ومدى رغبته في إيجاد بيئة سلام مواتية في اليمن.
وعلى الصعيد الرسمي هاجمت الحكومة الشرعية بعثة الامم المتحدة لتنفيذ اتفاق الحديدة، على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني الذي قال عبر حسابه على موقع التدين المصغر “تويتر”، إنه “على الرغم من الميزانية السنوية الضخمة والنفقات الباذخة، وجيش الموظفين، إلا أنّ بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، فشلت في تحقيق أي تقدم بتنفيذ بنود اتفاق السويد أو التخفيف من المعاناة الإنسانية للمواطنين”.
وطالب الارياني الأمم المتحدة بـ”تقييم أداء بعثتها لدعم اتفاق الحديدة خلال الفترة الماضية ومراجعة ميزانيتها، التي تعكس مستوى الاستهتار بمعاناة ملايين الجوعى والمعدمين، والحيلولة دون تحولها مظلة لأنشطة المليشيا الحوثية التي تستهدف خطوط الملاحة الدولية”، حسب تعبيره.