بقلم - صادق القدمي
قليلون في زمننا ووطننا من وقفوا أمام رياح إغراءات المصالح والأهواء العاتية، وتهديد ووعيد قوى الشر ودعاة الفتن، ليرسموا بمواقفهم الوطنية المشرفة أجمل لوحات التضحية والفداء، دونما منٍّ أو أذى.
لقد فرزت الأحداث التي مر بها الوطن ساسة البلد، واتضح للعيان رجال المسؤولية، وبان المصلح من المفسد، وقيادات المرحلة أصحاب المواقف الوطنية الحازمة، من بائعي الكلام المتلونين عباد الدرهم.
لست هنا بصدد تنصيب محكمة للحكم على أحد لكني بصدد قول كلمة حق بشأن الشيخ أحمد صالح العيسي، هذا الرجل الواضح، ناصع المواقف، الذي نجده دائمًا متبنيًا للمشاريع الوطنية، باذلاً أثمن ما يمكن في سبيلها.
المتتبع لسيرة الرجل السياسية يستطيع أن يلمح ذلك التوجه الوطني الخالص الذي سلكه على مدى عقود من حياته، ولمعان نجمه كقيادي بارز في حزب المؤتمر الشعبي العام.
ومع احتدام الخلافات السياسية تبنى العيسي مشروعًا تصالحيًا هدف إلى رأب الصدع القائم، وترأس مؤتمر بروكسل للمصالحة الوطنية الشاملة الذي اختتم أعماله في الـ3 من نوفمبر 2014، بمشاركة واسعة من ممثلي الأحزاب والأطراف والقوى الوطنية والمنظمات الدولية، وخبراء دوليين متخصصين في حل النزاعات، ليتمخض عنه إعلانًا تاريخيًا يحث على تغليب لغة العقل وتوسيع دائرة المشاركة لإنجاز المصالحة الوطنية على قاعدة الإنصاف وجبر الضرر وإصلاح المؤسسات واتخاذ التدابير اللازمة لعدم تكرار أي أخطاء تهدر مقدرات الوطن.
كان مؤتمر بروكسل بمثابة جدار ساند لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وحلٍ منقذٍ لوطن تتلاطم به أمواج المصالح الضيقة، والمشاريع الصغيرة المشبوهة، والمؤامرات الداخلية والخارجية، وكان سيؤتي ثماره لولا إصرار الحوثيين على إتمام مخططاتهم الانقلابية الدخيلة التي تستهدف مشروع الدولة الاتحادية الجديدة، وتحاول النيل من أمن واستقرار المنطقة.
لم يتراجع الرجل بل استمر في طريق النضال وواصل دعمه لمشروع الدولة ولحلم اليمنيين الذي حاولت قوى الفوضى والتمرد اختطافه والعبث به، ووقف العيسي حيث يجب مع شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، ورفض الانقلاب الحوثي منذ لحظاته الأولى وساند الجيش الوطني، وشارك في تشكيل خلايا المقاومة الشعبية الأولى في العاصمة المؤقتة عدن، وجميع أبناء اليمن يدركون هذا جيدًا وقد لمسوا دوره الكبير في تحرير عدن ولا يزال دوره حاضرا وقويا لدعم ومساندة مشروع الخلاص الناجز لتحرير كافة مناطق.
تحرك العيسي على أكثر من صعيد سياسي وبذل جهودًا جبارة في رأب الصدع والانقسام الذي عانى منه حزب المؤتمر الشعبي العام، وشارك بفاعلية في اجتماعات ضمت أبرز قيادات الحزب لهذا الشأن، وماتزال جهوده في هذا الاتجاه واضحة للعيان.
رفض العيسي أن يدعي حزبًا أوفصيلًا سياسيًا الوصاية على القضية الجنوبية التي نالت اهتمامه ودعمه الكبيرين، وواصل سعيه مع المخلصين من أبناء الوطن إلى حلها بالطرق المشروعة المتفق عليها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، في إطار مشروع الأقاليم واليمن الاتحادي الجديد، وأسس بالتعاون مع كوكبة من القيادات “الائتلاف الوطني الجنوبي” الذي يضم كافة الأحزاب والتكتلات السياسية في جنوب البلاد، وما يزال الائتلاف منذ تأسيسه في 27 من إبريل 2019 وحتى اللحظة يحقق نجاحات باهرة على جميع الأصعدة دعمًا للشرعية ومشروع الدولة وإسهاماً فعالاً وصادقاً ومتوازناً في حل قضية الجنوب.
إذن لوحة نضال وطنية كبيرة يرسمها العيسي يوميًا، فأينما وجدت المشاريع الوطنية الجامعة تجد بصماته واضحة وبارزة دعمًا ومساندة ورعاية، بصمات تترجم حبه وإخلاصه لوطنه وأبناء شعبه، ومايزال الرجل يمضي بخطوات ثابته على طريق السلام و الحرية والكرامة والجمهورية واليمن الاتحادي الكبير، ليصبح بلا منازع دوحة للنضال الوطني، فله ولأمثاله من الجميع كل الحب والتقدير والاحترام.