لم يكن مجرد صدفة ظهوره كتفاً الى كتف، الى جانب قيادات الصف الأول لمليشيا الحوثي، اثناء إذاعة البيان رقم 1 للإنقلاب في صنعاء ، او ما سمي بـ “الإعلان الدستوري”، في 6 فبراير / شباط 2015م، حيث كان يومها رئيساً لجهاز الأمن السياسي في الحكومة الشرعية التابعة للرئيس هادي، حضور وصفه البعض آنذاك بحضور “الشريك” حفل رفاق الإنقلاب.
إتهم كذلك بمشاركته في إسقاط العاصمة صنعاء وقبلها عمران في يد جماعة الحوثي المتمردة، ولم يغادر العاصمة صنعاء بعد اجتياح الحوثيين لها، رغم كونه يتقلد منصب أمني رفيع في الحكومة الشرعية التي يعاديها الحوثيون ، وبعد مرور أشهر على إعلان الإنقلاب الحوثي، عقب ذلك أصدر الحوثيون قرارا بتعيين “عبدالقادر الشامي” كقائم بأعمال رئيس جهاز الأمن السياسي .
الجند بوست حصل على وثائق خاصة، تكشف بالأسماء عبر هذا التقرير عن علاقة قوية بين الحوثيين وخلايا يديرها “العميل المزودج” حد وصف البعض له، اللواء “حمود خالد الصوفي” الذي يتخذ حالياً من عاصمتي ابوظبي والقاهرة مقراً لأنشطته ضد الحكومة الشرعية والجيش، وعمل هذه الخلايا ضمن مشروع حوثي إماراتي مشترك خصوصا في مدينة تعز، جنوب غرب اليمن.
من هو العميل المزدوج؟
منذ تعيينه كمدير للمؤسسة العامة لصناعة الإسمنت في تعز عام 1979، ثم عضواً في النيابة العامة، وعضو مجلس النواب، ووزير للخدمة المدنية، مروراً بتربعة منصب محافظ تعز ، وصولاً الى منصب رئيس جهاز الأمن السياسي، برز اسم حمود خالد الصوفي، كرجل ذو قدرة بارعة في التنقل بين المناصب الحكومية الحساسة، والإرتقاء في سُلم الوظائف بسرعة عجيبة.
لم تكن وحدها المناصب السابقة هي ما مجموع ما تقلده، فبعد انشقاقة المزعوم عن جماعة الحوثي، ومغادرته الى ابوظبي ثم الى القاهرة أسس ما باتت تعرف بـ خلية القاهرة، وتقلد وظيفة “ضابط الإرتباط” ، وحلقة الوصل بين جماعة الحوثي ودولة الإمارات وأذرعها في اليمن بحسب تقارير صحفية.
في تعز، المحافظة التي عمل الصوفي كمحافظ لها حتى أبريل من العام 2014، طفت على السطح انشطة وصفت بالعدائية لتعز والجيش التابع للحكومة الشرعية، زادت وتيرة هذه الأنشطة خلال العام 2019، وبداية العام 2020م
موقع الجند بوست حصل على معلومات خطيرة في هذا السياق ، تكشف عن خلايا وكيانات وعناصر استخباراتيه ووجاهات اجتماعية، تتبع الصوفي بحسب مصادر المعلومات، وتقوم بالتنسيق مع الحوثي ودولة الإمارات للقيام بأنشطة عدائية ضد الجيش والشرعية في المناطق والمحافظات المحررة، إضافة الى حملة ملاحقة للصحفيين وتهديد لعائلاتهم، كما حدث مؤخراً مع الصحفي عبدالعزيز المجيدي، الذي اتهم الصوفي بالضلوع في عمليات تهديد له ولعائلته على خلفية عمله الصحفي.
وقد حاول فريق تحرير هذا التقرير التواصل مع حمود خالد الصوفي، واعطائه حق الرد على هذه المعلومات او تفنيدها قبل نشر التقرير، لكن رداً لم يصل.
خلايا فاعلة
في الفقرة (هـ) من المعلومات المصدرية التي حصل عليها “الجند بوست”، فقد ورد اسم قرابة 15 فرد تم استقدامهم الى تعز، وتتنوع رتبهم العكسرية بين ضابط، وضابط صف، تم استدعائهم من مناطق سيطرة الحوثي ، واغلب هؤلاء هم ممن تم توظيفهم سابقاً في جهاز الأمن السياسي اثناء رئاسة الصوفي له، ثم عملوا في مناطق سيطرة الإنقلابين الحوثيين في وظائف مختلفة، إضافة لأعضاء في حزب المؤتمر الشعبي العام يديرون مكاتب ويعملون ضمن تشكيلة السلطة المحلية بتعز.
شرع هؤلاء الضباط بحسب المعلومات على تأسيس خلايا في تعز، وتأمين قنوات تواصل سري مع مليشيا الحوثي، وقيادات في قوات ما تعرف بـ “حراس الجمهورية” التي يترأسها طارق صالح المدعوم إماراتياً، وذلك بعد إتمام عملية دخولهم لتعز بشكل رسمي، والتي لعب فيها محافظ تعز السابق الدكتور امين محمود اثناء عمله محافظاً لتعز دوراً بارزاً، عقب ذلك تم تأسيس عدد من الخلايا متعددة الوظائف، والقيام بمهمام متعددة، لا سيما التركيز على زرع موالين للصوفي في اجهزة الجيش والأمن.
على رأس قائمة الأسماء التابعة للصوفي، والذي يتزعم احد ابرز هذه الخلايا، شخص يدعى ( معتز الصلاحي) إضافة لـ (طارق الكامل، و منير الكمالي، وضياء البدوي، وماجد الكمالي، وآخرون) وهذه الخلية هي من ابرز الخلايا في تعز التابعة لخلية القاهرة.
خدمة المشروع الحوثي
في اكثر تفاصيل المعلومات دهشة، والتي تنشر لأول مرة، حضور أسماء عدد من الشخصيات المقربة من الصوفي، كقيادات تعمل حالياً ضمن جماعة الحوثي، من هؤلاء (هائل سعيد قاسم، طه عبدالله علي خالد)، اللذان يعملان كمرافقين لمدير الأمن في مليشيا الحوثي، ولم يكن الموقع لينشر هذه الأسماء الا بعد التأكد صحة الأسماء المذكورة وطبيعة عملها، لم يكن آخر هذه الأسماء القيادي عبدالرحيم الفتيح، الذي عُين بموجب قرار من محافظ تعز مؤخراً مديراً للمخا الساحلية، وهو احد الأسماء النشطة ضمن خلايا الصوفي.
في السياق ذاته في حوزة الموقع توجيهات تصنف بأنها ذات درجة كبيرة من السرية، اهمها وثيقة، اشبه بأمر عملياتي مكتوب بخط اليد، يظهر علاقة بين حمود خالد الصوفي، بالرجل الذي تحول من قاطع طريق الى شيخ بارز، وذاع صيته منذ ان كان الصوفي محافظ لتعز، ويعد حالياً احد ابرز المتحوثين في مديرية شرعب، وهو “علي القرشي”، كما تكشف الوثائق عن تنفيذ الأخير عدد من الجرائم والمهام بتوجيه من الصوفي، ابرزها قيامه بتصفية عدد من اتباع الصوفي بعد اتمامهم مهمة قتل الشباب السلميين واحراق ساحة الحرية في 2012م
كما يكشف جزء آخر من المعلومات عن شبكة من الأفراد والضباط التابعين للصوفي والذين ينخرطون حالياً لدى مليشيات الحوثي الإنقلابية، تتنوع وظائف هؤلاء في مليشيا الحوثي ومنهم على سبيل المثال (ضابط أمن جهاز الأمن السياسي في الحوبان، ومدير الخدمة المدنية لدى الحوثيين في مديرية شرعب، واعضاء في المجلس المحلي بشرعب، ورئيس محكمة استئناف تعز سابقاً، والمشرف الأمني في شرعب، ومديرة التوجية في مكتب التربية سابقاً، إضافة للإعلامي البارز في مليشيا الحوثي صلاح الدكاك، ورئيس فرع المؤتمر في الدائرة 37 في شرعب فؤاد محمد غليس، ابن اخت الصوفي)، وجميع هؤلاء يدينون بالولاء له، وينفذون الأجندة المشتركة مع جماعة الحوثي، إضافة لأسماء اخرى كثيرة.
المهام والأدوار.
منتصف العام 2019، نشرت مواقع صحفية وناشطين، صورة لشخص قبض عليه افراد الجيش وبحوزته اجهزة تنصت ومعدات تتبع قناة المسيرة الحوثية، وقد تمكن من التسلل الى داخل المدينة بمساعدة محسوبين على الصوفي بحسب مصادر امنية.
ومن هنا يمكن فهم طبيعة مهام هذه الخلايا، ومن يقودها، وعلى رأسها،التحشيد والتجنيد لمليشيات الحوثي خصوصا في مديريات الريف التعزي، كما يربط ناشطين في تعز بين عمليات الإغتيال التي تعرض لها ضباط وافراد في الجيش الوطني وبين عمل هذه الخلايا.
وبالإضافة الى ما ذكر، فقد وثقت اجهزة الأمن قيام خلايا واشخاص وصفتهم بالمشبوهين بتسهيل مهام الخارجين عن القانون، وجماعة ابوالعباس المدرج ضمن قوائم الإرهاب، اثناء مواجهته للسلطات في تعز، وهو ما يكشف عن تماشي هذه الخلايا مع المخطط الإماراتي في تعز.
أقلام وناشطون ضمن الخلية
في موازاة نشاط العناصر الأمنية الإستخباراتية للصوفي على الأرض، لم يغب الدور الإعلامي لناشطين وصحفيين ووسائل إعلام في دعم المخطط، والترويج وتلميع بعض الشخصيات، ومهاجمة الجيش والأمن وقيادات المؤسستين بشكل غير عادي، ولعل من ابرز دلائل ذلك، الحملة التي قادها صحفيون مقربون من الصوفي ضد محافظي الجوف ومأرب وقيادات في الجيش واتهامهم بالتقارب مع الحوثي.
وقد اطلع الموقع في سياق المعلومات التي بحوزته على اسماء حشد واسع من الإعلاميين ، يعمل بعضهم في وسائل إعلام حوثية واخرى إماراتية لتأدية غرض مشترك وخدمة مشروع واحد يهدف لإسقاط تعز في يد الحوثي داخلياً، وتمكين الإمارات من المحافظة ساحلياً، وهو المخطط الذي تعد الصوفي في احد اجتماعاته بأعضاء خليه القاهرة قائلاً لهم ( لا تدعونني رجلاً ان لم اسقط تعز) كما اوردت بعض المصادر.
تعز.. في مواجهة التحدي الأصعب
وامام ما ورد ذكرة من معلومات، وفي ظل التحركات النشطة لجهات متعددة، وبروز عدد من المشاريع المعادية للمشروع الوطني في تعز، ما مدى فرص بقاء تعز قوية ومتماسكة في مواجهة تلك المشاريع يتسائل البعض.
فهل يتحقق وعد “الصوفي” ، ام تنتصر تعز في مواجهة التحدي؟!