تفيد تسريبات أمنية موثوقة بأن النظام الحاكم في الإمارات لديه اتفاق مع جماعة أنصار الله الحوثيون يقوم على عدم استهداف أراضي الدولة والتركيز فقط على السعودية مقابل عدم استهداف أبوظبي للجماعة.
وترى التسريبات أن التهديدات المتكررة من جماعة الحوثي للإمارات عارية عن الصحة وعلاقة الجانبين مثالية بدليل أن الجماعة لا تشن أي هجمات على أراضي الدولة وتركز فقط على السعودية.
يقول ضابط إماراتي في تسريب “علاقتنا مع الحوثي ممتازة ومازلنا ننقل لهم الأسلحة بشكل منتظم، واجتماعات سرية في أبوظبي وإرسال احداثيات المقاومة اليمنية، ومواقع تمركزات الجيش السعودي، والمواقع الحيوية”.
ويضيف أن تهديدات المتحدث العسكري الحوثي المستمرة للإمارات “هي فقط للاستهلاك الإعلامي وإبعاد شبهة خيانة النظام الإماراتي للسعودية”.
ولم تشكل أحداث مدينة عدن جنوب اليمن، نقطة تحول في الخلافات بين السعودية والإمارات، بقدر ما تثبت خروج الصراعات من الخفاء إلى العلن بين البلدين.
وخلال السنوات الأخيرة، أظهرت أبوظبي تحركات مباشرة معاكسة لما تقوم به الرياض، كان آخرها القيام بخطوة جديدة، من خلال استثمار إماراتي في تركيا، على الرغم من الخلافات السياسية الكبيرة بين أنقرة والرياض وأبوظبي منذ أعوام.
التحركات الإماراتية المنفردة، لم تواجه حتى الآن برد واضح من الرياض، التي لا زالت تتغاضى عن كل ذلك، في وقتٍ تظهر كل المؤشرات على أن عرى العلاقة بين البلدين لا تنفصم على الساحة العالمية، وخصوصاً في صراعات الشرق الأوسط.
استثمار في تركيا..
قبل أيام أعلنت مجموعة “البيرق”، عزمها الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة بتركيا، بقيمة تتجاوز 3 مليارات دولار، بعد عقد اتفاقيات شراكة كبرى مع شركات الطاقة العالمية، وقعت في دبي.
وفي 28 يونيو الماضي، وافقت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية التركية على طلب “بنك الإمارات دبي الوطني” لشراء معظم أسهم مصرف “دينيز” التركي.
وأوضحت الهيئة، في بيان أصدرته، أنها وافقت على طلب “بنك الإمارات دبي الوطني” شراء 99.85% من أسهم “دينيز بنك”، بقيمة (2.77 مليار دولار).
وهذه الخطوة كانت مخالفة للتحركات السعودية ضد تركيا، حيث جاءت في وقت تشهد العلاقات بين تركيا والسعودية توتراً ملحوظاً؛ بسبب قضايا عدة على رأسها اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، يوم 2 أكتوبر 2018.
طعنة من طهران..
بينما تتصاعد الأزمة بين إيران والسعودية، تفاجأت الرياض بطعنة تلقتها من ظهرها؛ عقب زيارة وفد إماراتي إلى طهران، في نهاية يوليو الماضي.
وزار وفد عسكري إماراتي العاصمة الإيرانية طهران لبحث قضايا التعاون الحدودي بين البلدين، على الرغم من أن تلك اللقاءات كانت منقطعة منذ 2013.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، في 30 يوليو الماضي: إن “7 من مسؤولي خفر السواحل الإماراتي زاروا طهران، وبحثوا مع نظرائهم الإيرانيين قضايا التعاون الحدودي المشترك، وتوافد مواطني البلدين وتسريع عمليات نقل المعلومات بينهما”.
وجاء الاجتماع بعد عدة أسابيع من إعلان الإمارات في مايو الماضي، تعرض 4 سفن شحن تجارية لعمليات تخريبية قبالة ميناء الفجيرة، ومع أن أمريكا والسعودية اتهمت إيران بالوقوف وراء الهجوم، فإن الإمارات رفضت توجيه الاتهامات لها.
خلافات اليمن..
كما جاءت زيارة الوفد الإماراتي إلى إيران بالتزامن مع سحب أبوظبي معظم قواتها العسكرية من مناطق يمنية، ما أثار تساؤلات حول علاقة الانسحاب بهذه الزيارات، وإذا ما كانت الإمارات تسعى من وراء هذه الخطوة إلى تهدئة الأمور مع إيران بعيداً عن السعودية الغاضبة من إيران.
وذكرت نيويورك تايمز أن الإماراتيين تجنبوا الإعلان عن خطوة الانسحاب علناً؛ للتخفيف من انزعاج نظرائهم السعوديين، غير أن دبلوماسيين غربيين أشاروا إلى أن السعوديين شعروا بخيبة أمل كبيرة نتيجة القرار الإماراتي.
ومن أبرز أسباب الخلاف في اليمن هو في طلب السعوديّة أن تتركّز عمليات التحالف شمالي اليمن، حيث معاقل الحوثيين وتنطلق من هناك الهجمات ضد مطاري جيزان وأبها؛ بينما تولي الإمارات أهميّة أكبر للسيطرة على جنوبيّ اليمن، وخصوصًا على مطار عدن
ووجدت الرياض نفسها عاجزة أمام تحرك الإمارات في اليمن بعد انقلاب على الحكومة الشرعية نفذته مليشيات موالية لأبوظبي في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد في 14 أغسطس الماضي، كما قام الطيران الإماراتي بقصف قوات الجيش اليمني المدعوم من الرياض.
أزمة كندا..
في مطلع يونيو 2018، أعلنت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، أن المملكة جمدت كافة التعاملات التجارية والاستثمارية بينها وبين كندا، مرجعة السبب إلى ما أسمته بـ”التدخل في سياستها الداخلية”، بعد مطالبة كندا الرياض بالإفراج عن الناشطين المحتجزين.
وفي حينه كشفت إمارات ليكس أن الإمارات تستغل الأزمة بين السعودية وكندا لصالحها وعملت لاستغلال الأزمة بهدف تحويل عقد التسليح بين كندا والسعودية لصالحها، تحت مبرر خدمة أهداف التحالف في اليمن.
وبعد أقل من شهرين على مقاطعة السعودية لكندا، عززت الإمارات من علاقتها مع كندا، وأعلن وزير النقل الكندي مارك غارنو في 30 أغسطس 2018، عن إبرام اتفاقية موسعة للنقل الجوي مع الإمارات، مشيراً إلى أنها تساعد في تسهيل حركة السياحة والتجارة والاستثمار بين البلدين.
عودة العلاقات مع سوريا..
على الرغم من أن الرياض تحارب نظام بشار الأسد، وتدعم المعارضة السورية وتستضيف الكثير من قياداتها في المملكة، قامت الإمارات بخطوة مخالفة للسعودية، وأعلنت فتح سفارتها في دمشق.
وأعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق في 27 ديسمبر الماضي، بعد سبع سنوات على إغلاقها عام 2011 على خلفية الاحتجاجات في سوريا.
وطرح الدبلوماسي السعودي السابق سلطان الطيار، التناقضات بين المواقف السعودية، وحليفها الإمارات في الأزمات التي تمر بها الرياض.
– قاطعنا كندا
– الحليف: ضاعفنا عدد الرحلات إليها.– خاصمنا تركيا
-الحليف: استثمرنا في أكبر بنوكها ووقعت معنا أكبر شراكة استثمارات– ندعم شرعية اليمن ضد الحوثي
– الحليف: ندعم الانفصاليين ضد الشرعية– نقاطع ونحارب إيران
– الحليف: نقيم معها علاقة دبلوماسية وأكبر شراكة تجارية— م. سلطان الطيار (@SMTayyar) September 21, 2019
ويؤكد مراقبون أن الإمارات تتخذ مواقف متباينة عن السعوديين في المسألة اليمنية وتُحاول تكريس صورتها في المجتمعات الغربية كراغبة بإنهاء الحرب في اليمن.
وأبوظبي تُحاول أيضاً أن تنأى بنفسها عن التوتر مع إيران بسبب هواجسها الأمنية خاصة أن طهران نجحت في إحداث هوة داخل التحالف.
والواضح أن العلاقة السعودية الإماراتية وصلت إلى منعطف حساس، في خضم الانكشاف الأمني والاستراتيجي الذي تعرّضت له السعودية بعد الهجوم على المنشآت النفطية السعودية، ووصول التوتر مع إيران إلى مستويات قياسية في ظل عدم حماسة الأمريكيين لاتخاذ إجراءات عملية يُمكن أن تحد من هذا الانكشاف.