مليشيات الحوثي أول الأعداء وآخرهم والتسوية تؤسس لـ “ضاحية” يمنية

محرر 25 سبتمبر 2019
مليشيات الحوثي أول الأعداء وآخرهم والتسوية تؤسس لـ “ضاحية” يمنية

لا يتسنى وضع حد لحروب الوكالة التي تشنها أذرع إيران ضد العرب، بالتسويات والجلوس على طاولة الحوار.

ولا يمكن احتواء المخاطر الحوثية والإيرانية ومنع انفلات الصراع مجددا بحلول سياسية محدودة في الزمان والمكان تصنع سلاما هشا ومؤقتا، لكنها في الحقيقة تؤسس لحروب قادمة تكون أكثر دمارا وأوسع تدويلا.

التسوية في ظل الوضع الراهن تعني إهداء الحوثي نصرا مجانيا لم يكن يتوقعه، والحل السياسي مع مليشياته انقلاب ثاني على المرجعيات الثلاث والقرارات الدولية.

ومن شأن خطوات كهذه أن تمنح إيران المزيد من المكاسب والانتصارات السياسية والعسكرية لتتمدد أكثر في الفراغات الناجمة عن سوء تقدير الأمور.

 كما تؤدي لوصم دول التحالف بالهزيمة والفشل أمام مليشيا مسلحة، بما يدفع مشاريع الهويات الصغيرة في المنطقة للتمرد والانفجار في وجه الأنظمة.

تفادي المحصلة الصفرية

لقد تحاور اليمنيون بمن فيهم الحوثي في مؤتمر الحوار الوطني ووقع جميعهم على وثيقة مخرجات الحوار، غير أن الحوثي انقلب على الحوار والتوافق وعلى الدولة وكل شيء كعادة أي عصابة مسلحة لا تؤمن بالحوار إلا كاستراحة لشن المزيد من الحروب.

ولذا فإن المراهنة على أي تسوية سياسية معه لا تنزع سلاحه افتقاد للقدرة على الإبصار بوضوح، ونوع من الحسابات الخاطئة التي تقود لفوضى قادمة وشاملة.

من الصعوبة بل والاستحالة حفظ سيادة الدولة اليمنية، والحفاظ على استقرار دول الخليج بحل سياسي مع أدوات إيران، لأن ذلك سيعمل على تثبيت وجود الحوثي في خاصرة الخليج ويمنحه شرعية الوجود، وتنتج عنه معادلات جديدة وكيانات مليشاوية جديدة تحت لافتات مناطقية وطائفية عديدة.

 ومع تسويات كهذه لا يمكن تفادي المحصلة الصفرية للحرب ولعاصفة الحزم ولجهود وتضحيات الشرعية والتحالف على مدى 5 أعوام، فما زالت العاصمة صنعاء بيد مليشيا الحوثي، والعاصمة المؤقتة عدن خارج سيطرة الشرعية، وسيصبح الأمر وكأن شيئا لم يكن.

الطريق المختصر لإنهاء الحرب

إن تناسل الأحداث وتعقيداتها لا يمكن لها أن تنسينا الحقيقة الأهم، حقيقة أن الانقلاب الحوثي هو سبب كل ما جرى ويجري في اليمن منذ 5 أعوام وحتى اليوم.

وأن مليشياته هي من أشعل الحرائق في كل اليمن وعلى حدود دول الجوار، ومن أطلق يدي إيران لتفعل ما تريد وتزعزع استقرار الخليج.

وزوال الشيء لا يكون إلا بزوال مسبباته، فمن أشعل الحرب في صعدة وعمران وصنعاء وتعز والضالع وأبين ولحج وعدن هو الحوثي المدعوم من إيران، ومن يعتدي على الحد الجنوبي للمملكة ويطلق على مدنها الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة هو الحوثي المدعوم من إيران، ومن تسبب في جميع الصراعات والخلافات خلال ال 5 سنوات الفائتة هو الحوثي المدعوم من إيران.

 ولن ينتهي كل ذلك إلا بزوال الحوثي ومليشياته المدعومة من إيران.

إن الطريق السليم والمختصر لإنهاء الحرب والفوضى يكون بالقضاء على الانقلاب الحوثي، وأي طريق غيره محكوم عليه بالفشل.

الحوثي لا ينتمي للمصلحة اليمنية والخليجية

الحوثي مشروع تخريب لا سلام، وعصابة إيرانية لا كيان سياسي، وأجندته لا تنتمي للمصلحة اليمنية ولا الخليجية حتى يعول على نجاح تسوية معه، وهو في البداية وفي النهاية أداة بيد المشروع الفارسي التوسعي، ووظيفته تطويع اليمن والخليج بالقوة لخامنئي في طهران.

الحوثي هو من أتى بإيران إلى حدود المملكة ليس من أجل الجلوس على طاولات الحوار، ولا من أجل السيطرة على صعدة فهو يسيطر عليها منذ سنوات، ولكن لأن الأحلام التوسعية لملالي طهران بلغت حدا من الجنون بما جعلها تسعى لاحتلال مكة والمدينة المنورة، ولم يعد هذا الامر طي الكتمان فهو معلن وتجده في صفحات الناشطين الحوثيين، كما تجده في خطابات عمائم طهران.. فهذا هو الهدف الأساسي الذي تعمل إيران لأجله وتنفق المليارات لتحقيقه، وهي لم تنشيء مليشيات الحوثي وتدربها إلا لهذا الغرض.

الانقضاض على الدول لمصلحة طهران

إن أي حل سياسي قبل أن يكسر الحوثي وتنزع مخالبه هو بمثابة انتصار ناقص، وقد أثبتت التجارب من العراق إلى لبنان إلى كل الدول التي تتواجد بها مليشيات مدعومة من إيران كيف يتحول السلاح الذي بيد هذه المليشيات إلى مهدد حقيقي لوجود الدولة، وكيف يمكن استخدامه في أي لحظة للانقضاض على كيان الدول لمصلحة طهران.

يحاول الحوثي الاستفادة من تداعيات الوضع الهش الذي أوجده انقلابه بعد خمس سنوات من العبث متدثرا برداء الوطنية الزائفة، وهو يدرك جيدا أنه جذر كل هذه الكوارث التي حلت باليمن، وما كان لهذا العبث ليطفو على السطح لولا لحظة الانكشاف التي صنعها غرور وصلف عصابة الحوثي الايرانية.

ولا يمكن الحد من استمرار تدفق السلاح إلى الحوثي عن طريق الحل السياسي الذي لا يضمن نزع سلاحه، إذ أن بقاء السلاح كفيل بتموضع الحوثي في ضاحية يختارها بعناية ويحكم قبضته عليها وتكون مرتعا خصبا لتخزين السلاح وتدريب مليشياته كما هو حاصل مع (حزب الله) بلبنان.

وما بين (حزب الله) و(أنصار الله) لا يقتصر الأمر على تشابه المسميات والعناوين وإنما هو تناسخ وتخادم على كافة المستويات فجماعة أنصار الحوثي نشأت في كنف جماعة حزب نصر الله وكان ملفها إلى عهد قريب بيد الضاحية، ولا زالت الآلة الاعلامية للحوثي تنطلق من بيروت، كما أن الحبل السري الذي تتغذى منه الجماعتين واحد.

مليشيا يحرص عليها خامنئي

لقد أسالت تجربة الحوثي لعاب المرشد الايراني علي خامنئي، ويتم النظر لها بإعجاب وتقدير كبير من قبل قيادات النظام الإيراني، وهي بالنسبة لهم فرصة ذهبية جديرة بالرعاية والدعم، فما يمكن أن يقدمه الحوثي تعجز مليشيات حسن نصر الله عن تقديمه، فالعداء الوجودي الذي تكنه طهران للمملكة ولدول المنطقة يدفعها لبذل الغالي والرخيص في سبيل الحفاظ على بقاء الحوثي خنجرا مسموما في خاصرة المملكة الجنوبية.

وما ظل الحوثي يخفيه وينكره طيلة العقدين الماضيين بالنسبة لعلاقتهم بإيران أضحى اليوم محل فخر بالنسبة لهم، فها هي تستقبل وفدا يرأسه الناطق باسم هذه المليشيات على أعلى المستويات، وتعتمد سفيرا لهم، علاوة تقديم الدعم والمساندة على كافة المستويات.

ويمكن القول بدون مبالغة إن الحوثي أخطر أذرع إيران في المنطقة وبالقضاء عليه تكون طهران قد تلقت ضربة قاضية، وتفقد مليشياتها مصدر قوة كانت تراهن عليه وتحلم من خلاله بتحقيق أوهام السيطرة والهيمنة والاستحواذ.

ولذا فإن الحقيقة التي تعلن عن نفسها كل يوم للجميع، وللداخل والخارج، هي أنه لا خلاص لليمن ولا استقرار للخليج إلا بالخلاص من الحوثي ومليشياته الإمامية للأبد.

وأنه لا يمكن القضاء على الانقلاب الحوثي دون مساندة عودة الدولة اليمنية بقوة وتمكين مؤسساتها من ممارسة سيادتها، ومواصلة دعمها حتى تستكمل تحرير كل شبر من تراب اليمن.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق