“كيف تمكنت الأميرة الأردنية هيا بنت الحسين من الهرب في مدينة دبي، المزروع فيها 10 آلاف كاميرا للمراقبة، لا تفلت من أنظارها حركة أي شخص في شوارع المدينة؟” سؤال طرحته وحاولت الإجابة عليه صحيفة “ذي تايمز” البريطانية في تقرير لها.
التقرير الذي أعده مراسل الصحيفة للشرق الأوسط “ريتشارد سبنسر”، الذي عاش في دبي 3 أعوام، ذكر أنه يصعب الإفلات من الملاحظة في دبي مدينة الـ1000 سيلفي، و10 آلاف كاميرا مراقبة، تضاف إليها 3 آلاف كاميرا في المطار وحده.
ووصفت دبي بأنها: “المدينة التي تستقطب الأشخاص المشاهير أو الذين يريدون أن يكونوا كذلك، أو الذين لديهم شيء للبيع، بما في ذلك أنفسهم في كثير من الأحيان”.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة تصريحا أدلى به، قبل بضع سنوات، قائد شرطة دبي، العقيد “ناصر إبراهيم كاظم”، أكد فيه أن تلك الكاميرات “موجودة في كل ركن من أركان دبي”.
وأشار إلى قدرة الشرطة بفضل كاميرات المراقبة على تتبع لص عبر الفيديو من بداية عمليته إلى نهايتها، وهو يشق طريقه عبر مدينة دبي وبحوزته 7 ملايين جنيه إسترليني قبل إلقاء القبض عليه.
وقال العقيد “كاظم”: “وسعنا أنظمتنا وأنشأنا كاميرات مراقبة في أي منطقة جديدة تم تطويرها، ويتم توصيل الكاميرات بتقنية التعرف على الوجه، فلن تكون بعيدًا عن الأنظار منذ لحظة وصولك إلى المطار حتى اللحظة التي تغادر فيها، فمكانك دائمًا معروف، إذ توجد في مطار دبي وحده 3 آلاف كاميرا”.
ورغم كل إمكانيات المراقبة السابقة تمكنت الأميرة “هيا” من الهروب عبر مغادرة القصر وعبورها الشوارع إلى المطار، ووصلت في نهاية المطاف إلى ألمانيا ومنها إلى بريطانيا، طلباً للحماية دون علم السلطات.
عبور ممرات القصر المحصنة
ولفتت تقرير الصحيفة إلى المكانة الكبيرة والقدرات المالية التي امتلكتها الأميرة هيا، وكيف وجدت نفسها فيما بعد هاربة مثل اللصوص من دبي.
واعتبرت الصحيفة أن الأميرة هيا الحاصلة على لقبها بالولادة كونها ابنة الملك حسين من زوجته علياء، واستمرت أميرة بزواجها من حاكم دبي، ما أعطى لزواجها صورة تشبه القصص الخيالية إلى حد بعيد، خصوصاً أنها لم تكن فقط زوجة حاكم دبي وإنما شخصية عامة لها إطلالاتها الإعلامية وحضورها في مناسبات عالمية إلى جانب عملها الاجتماعي والرياضي، وهذا ما لم تحظ به زوجات الشيخ محمد بن راشد الأخريات.
إلا أن هروبها كشف حقيقة زواجها، خصوصاً حين وصلت إلى بريطانيا وهي «مسلحة» بأشهر محامي طلاق في بريطانيا، بفيونا شاكلتون.
وقالت الصحيفة إن الأمور تكشفت في شهر مارس الماضي، دون معرفة الأسباب بدقة؛ إذ تمكنت الأميرة هيا من عبور ممرات القصر المحصنة، قاطعة الطريق الرئيسي في دبي، شارع الشيخ زايد، وصولاً إلى المطار ذي الكثافة العالية.
ومن هناك سافرت إلى ألمانيا ومنها إلى لندن لتسجيل مطالبتها بالحماية، ما يجعل رحلتها معروفة رسمياً للسلطات غير البريطانية.
وتساءلت الصحيفة كيف أن بريطانيا لم تساعد حكومة دبي كما فعلت في السابق عام 2000، حين هيأت عملية اختطاف الأميرة شمسة من لندن وإعادتها إلى الإمارة.
أسئلة بلا إجابة
ولفتت الصحيفة إلى أن عدداً من الأسئلة بخصوص الأميرة هيا لا تزال بلا إجابة، مثل كيف هربت؟ ومتى؟ وهل كان حاكم دبي على علم بذلك؟ ولو أن الفرصة أُتيحت له فهل سيمنعها من المغادرة؟
وقالت الصحيفة أيضاً إن تاريخ حاكم دبي صار مثقلاً بقضايا هروب الأميرات من قصره، مذكرة بهروب الأميرة لطيفة، شقيقة الأميرة شمسة، العام الماضي عن طريق عمان، والتي اعتقلتها القوات الإماراتية بمساعدة عناصر الأمن البحري الهندي، وأعادوها إلى دبي، وانقطعت أخبارها عن العالم مثل شقيقتها تماماً.
وخصصت The Times جزءاً من تقريرها للحديث أيضاً عن الرقابة التي يعيش في ظلها الأجانب في دبي، والذين يشكلون نحو 85٪ من سكان الإمارة، وقالت إنه «لا يمكن التحرك إلا بإبراز هويتك، فالأمور مراقبة إلى أقصى الحدود، فضلاً عن أن حركة الدخول والخروج تثبتها بصمة الأصابع وبصمة العين أيضاً» .
وأظهرت الصحيفة جانباً متناقضاً من الحياة في دبي، فعلى الرغم من أن المدينة توفر الوظائف في مجالات مختلفة برواتب عالية، إلا أن هنالك ما تخفيه الإمارة في أماكن العمل البعيدة عن الأنظار، حيث يعيش العمال ظروفاً سيئة كأولئك الموجودين في المناطق الصناعية ومعسكرات العمل في الصحراء وغيرها.
عين الصقر
ومنذ مطلع القرن الحالي، تفردت إمارة أبو ظبي بربط شبكات تجسس رقمية لتعقب تحركات الجميع، فأنشأت أنظمة مراقبة لا تستثني أحداً من أفراد ومؤسسات ومبان وشوارع، أشهرها نظام “عين الصقر” الذي أعلنت عنه أبوظبي العام الماضين والذي أنفقت عليه بسخاء لترسيخ العبارة المتداولة “الإمارات بلد الأمن والأمان”، لكنه في الحقيقة يعني أنها باتت تملك بنية تحتية للتجسس في جميع أنحاء البلاد.
وسبق أن تم الإعلان عن إلزام جهاز أمن الدولة الاماراتي فنادق دبي بتركيب كاميرات داخل غرف نوم الفنادق وظيفتها التجسس على المقيمين والسياح في الفنادق ورصد كل أنشطتهم أولا بأول فيما في ذلك حتى في الطرق والسيارات.