مع التوسع العالمي من جانب الدول والميليشيات العسكرية في استخدام الطائرات المسيرة “الدرون”، يتساءل كثيرون عن قصة التقنية الجديدة ومهامها، التي كانت عنصراً مشتركاً للتوتر في الخليج بين أميركا وحلفائها من جانب، وإيران والميليشيات التابعة لها في العراق واليمن من جهة أخرى.
وتشير التقارير العسكرية إلى أن “الدرون” أحدثت بالفعل نقلة نوعية في مجالات عدة، إذ أصبح استخدامها لا يقتصر على العمليات العسكرية فحسب، بل امتد إلى المراقبة الجوية والأعمال المدنية ومراقبة خطوط الأنابيب، إلى جانب التصوير السينمائي وتغطية الأحداث المباشرة.
وتعمل “الدرون” من خلال التوجيه عن بعد أو البرمجة المسبقة التي تحدد الطريق التي ستسلكها. وفي الغالب تكون محملة بكاميرات أو حتى قذائف، وهي تُستخدم بشكل أكبر لأغراض عسكرية كالمراقبة والهجوم. وأدى تصميم الطائرة، التي تخلصت من المقصورة وأدوات التحكم الذاتية، إلى تخفيف وزنها وتكلفتها، ما جعلها تغير من بعض جوانب الحرب الجوية، إذ أصبح المتحكم بالطائرة غير معرض لأي خطر حقيقي.
وأفاد تقرير نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية حول توازن القوى في العالم، بأن انخفاض ثمن الطائرات من دون طيار، بفضل تقنيات التصغير، كثف بشكل كبير استخدامها في القطاعين العسكري والمدني. وهذه الطائرات متوفرة لعدد متزايد من البلدان، ولم تعد حكراً على القوات المسلحة في الدول الغربية.
وكانت أولى التجارب العملية لهذا النوع من الطائرات أُجريت في إنجلترا عام 1917، وطُوّرت هذه الطائرة عام 1924 كأهداف متحركة للمدفعية. وكانت بداية فكرتها بعد سقوط طائرة التجسس الأميركية U-2 فوق روسيا عام 1960، ومشكلة الصواريخ الكوبية عام 1962.
وشهدت حرب فيتنام عام 1955 أول استخدام عملي لها. ثم استخدمها الجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وشاركت الدرون بفعالية في معركة سهل البقاع بين سوريا وإسرائيل، ونتج منها إسقاط 82 طائرة سورية.
وقال الخبير الاستراتيجي محمد الحبابي لـ”اندبندنت عربية” إن الهدف العسكري من طائرات “الدرون” هو الدخول في مناطق العمليات، إذ باستطاعتها الطيران لمدة تتجاوز عشر ساعات متواصلة وبسرعة تصل إلى 950 كيلومتراً في الساعة.
وتُعد الولايات المتحدة من أوائل الدول التي بدأت تصنيع الطائرات من دون طيار من خلال RQ170 – RQ9 وكذلك RQ4C، التي أسقطتها القوات الإيرانية الشهر الماضي فوق مياه الخليج العربي. كما تتميز كل من روسيا والصين وبريطانيا بصناعة هذا النوع من الطائرات.
وأضاف الحبابي أن ميليشيا الحوثي أصبحت تهاجم السعودية بـ”الدرون” لأسباب استراتيجية عدة، أهمها عدم حاجتها إلى منصات تنطلق منها، وانخفاض تكاليفها مقارنة بالصواريخ الباليستية التي سبق أن أطلقت منها أكثر من 226 صاروخاً باتجاه أماكن حيوية داخل السعودية وتم التصدي لها.
واستهدفت ميليشيا الحوثي، الثلاثاء في 2 يوليو (تموز)، مطار أبها الدولي الذي يمرّ من خلاله يومياً آلاف المسافرين المدنيين من مواطنين ومقيمين من جنسيات مختلفة، ما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص. وعرض المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي، قبل أشهر، صوراً لـ”درون” من نوع “أبابيل تي” إيرانية الصنع، يُطلق عليها الحوثيون تسمية “قاصف”.
مهام طائرات “الدرون”
يمكن تقسيم الطائرات من دون طيار وفق المهمات التي تقوم بها، فمنها العسكرية المتخصصة في المراقبة وهي الجزء الأكبر من هذه الطائرات (المقاتلة)، ومنها ما يمكن استعمالها للمراقبة والقصف، وهي طائرات تكون في العادة أصغر حجماً من الطائرات العادية، وتعتمد طرق طيران ودفع مختلفة، ومنها ما يطير بأسلوب المنطاد ومنها ما هو نفاث ومنها ما يُدفع عن طريق مراوح.
ومن المهام العسكرية التي تقوم بها “الدرون” اكتشاف الأهداف الجوية على جميع الارتفاعات وإنذار القوات، وقيادة عمليات المقاتلات الاعتراضية، وتوفير المعلومات اللازمة لتوجيه صواريخ أرض-جو، ومتابعة وتوجيه القاذفات والطائرات المعاونة.
مضادات الطائرات
يتوفر في الأسواق أكثر من 200 نوع من الأنظمة الجوية المضادة للطائرات من دون طيار أو الطائرات المسيّرة. ويرى الحبابي أن المدفعية المضادة أورليكون (Oerlikon) السويسرية وراينميتال (Rheinmetall) الألمانية هما الأفضل على مستوى العالم.
وتعدّ عمليات الاستحواذ على التكنولوجيا المضادة للطائرات من دون طيار وتطويرها الفئة الأسرع نمواً في الإنفاق المتعلق بهذا النوع من الطائرات ضمن أحدث ميزانية لوزارة الدفاع الأميركية، وفقاً لتحليل أجراه المدير المشارك لـ”مركز دراسات الطائرات من دون طيار” دان غيتينغر.
*اندبندت عربي