كشف وزير الخارجية خالد اليماني ان دولا – يفترض بها أن تكون راعية لعملية السلام في اليمن – ساهمت في عدم تنفيذ اتفاق السويد الذي وقع بعد مشاورات مكثفة بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي الانقلابية وبرعاية الامم المتحدة في ديسمبر من العام الماضي.
وقال اليماني في مقال مطول نشرته صحيفة “26سبتمبر” اليوم الخميس “لم يكن مداد اتفاق السويد قد جف وقبل الشروع في التنفيذ ظهرت بعض الأصوات النشاز من الدول التي كانت معنا في السويد ويفترض بها أنها دول راعية وأنها كانت حاضرة أثناء صياغة الاتفاق وأنها أكدت على أهمية خروج الحوثيين من الحديدة وعودة مؤسسات الدولة القانونية إليها وإلى موانئها، بدأت هذه الدول بترويج فكرة أن بنود الاتفاق كانت ضبابية وهي حمالة لتفسيرات مختلفة!”.
وتابع اليماني ” وأمام هكذا وضع لم يكن بوسعي سوى التأكيد على الأجندات الخفية التي تحرك الدول في الملف اليمني والتي تبتغي مصالح لدولها، ضاربة عرض الحائط بمعاناة ومأساة أبناء اليمن الذين خرجوا دفاعًا عن وطنهم قبل أن تلتهمه إيران التي تشدقت بأن العاصمة العربية الرابعة باتت تحت قبضتها”.
واوضح ان الحكومة الشرعية عملت على محاولة ازالة هذا اللبس وقدمت مذكرة قانونية الى السيد الامين العام للأمم المتحدة تتضمن قراءة القانون الدولي للاتفاق.
وتضمنت المذكرة وفقا لليماني على “مفهوم المسارات القانونية للسلطة بما في ذلك مسألة الأمن وإدارة الموانئ والإيرادات وفرع البنك المركزي “.
وبين وزير الخارجية “ان السيد الأمين العام اكد لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي في الساعات الأولى من صباح يوم 13 ديسمبر 2018 أن الهدف في النهاية لهذا الاتفاق يتلخص في انسحاب الحوثيين والقوات الحكومية من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة وعودة سلطات الدولة الدستورية، ضمن جدول زمني وخارطة انتشار عسكري ارفقتا بالاتفاق”.
وقال اليماني “ولما كانت الميليشيات الحوثية هي وحدها المتواجدة في موانئ الحديدة الثلاثة المذكورة، فقد خصص الاتفاق أربعة أيام لانسحابها منها تحت إشراف لجنة تنسيق إعادة الانتشار التي أنشئت بقرار مجلس الأمن رقم 2451، وهي لجنة مكونة من الأمم المتحدة والحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية، وقد فوضها القرار حق التدقيق والمتابعة لتنفيذ اتفاق الحديدة”.
واضاف “ومع هذا فقد شهد العالم المسرحية التي انتجها الحوثي في ميناء الحديدة بعد أسبوعين من دخول الاتفاق حيز النفاذ، ليقوم بالانسحاب الصوّري ويسلم عناصره ادارة الميناء. ولما كشف الجنرال كاميرت الأمر أُعتبر بنظر الحوثيين شخصًا غير مرغوب به وفقد تدريجيًا وظيفته وما كان من الأمم المتحدة إلّا البحث عن مخرج يليق بالمنظمة الدولية حينما قالت بأن عقد الجنرال كاميرت كان قصيرًا للغاية!”.
ومع هكذا وضع يؤكد الوزير اليماني ان الحكومة اليمنية استمرت بالتعاون مع مكتب المبعوث الخاص المفوض بقرار مجلس الأمن بالإشراف على عملية تنفيذ اتفاق الحديدة وبالتالي الإشراف على لجنة تنسيق اعادة الانتشار RCC وبعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق الحديدة UNMHA.
وتساءل اليماني بعد استعراض مراوغات المليشيا الحوثية والتعقيدات التي تضعها في كل مرة امام تنفيذ الاتفاق وبمساندة من ايران “هل سيكون بمقدور السيد مارتن غريفيثس والجنرال لوليسغارد تنفيذ أي خطوة في اتفاق الحديدة في الوقت الذي يرفض الحوثي فكرة الانسحاب التي يرتكز عليها اتفاق الحديدة، بل ويرتكز عليها مفهوم قرار مجلس الأمن رقم 2216، والذي يؤكد على ضرورة انسحاب الميليشيات الحوثية وتسليم الأسلحة؟”.
واكد وزير الخارجية ان “تجربة الحل الشامل قد فشلت سابقًا في الكويت بعد أكثر من مائة يوم من المشاورات التي انجزت الشق الأمني من الاتفاق الشامل ووقعت عليه الحكومة اليمنية فيما هرب الطرف الحوثي من طاولة المشاورات عائدًا إلى إشعال مزيد من الحرب والتدمير لمقدرات الشعب اليمني. فهل الأفكار التي عرضت مؤخرًا للقفز إلى الحلول النهائية ستجدي نفعًا مع طرف حوثي مغامر لا يعرف القانون الدولي ولا يعي أهمية احترام التعهدات والاتفاقات ؟”.
وبين اليماني “إن سؤال السلام معقد في بلادي لأن الدولة اليمنية المخطوفة مرهونة بقرار من طهران، ولأننا في الحكومة اليمنية قلناها علانية أن خيارات الحرب لن توصلنا إلى الحل السلمي المستدام للأزمة اليمنية، ولأننا آمنّا بأن لا حل عسكري لأزمة اليمن وأننا لا نقبل بخيارات الفشل في تنفيذ اتفاقات ستوكهولم، ولأن فخامة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي أكد مرارًا على مسامع كل من تباحث معه مؤخرًا بان تنفيذ اتفاق الحديدة سيفتح الأبواب مشرعة للسلام المستدام في اليمن وسيكون له أثر أحجار الدومينو على مجمل العملية السياسية، ولكن الأمل في الإشكال اليمني هو أن تقبل الميليشيات الحوثية بمبدأ وضع السلاح وعودة الدولة وانهاء الانقلاب، والجلوس مع باقي اليمنيين لصياغة مستقبل لكل أبناء اليمن في ضوء مخرجات الحوار الوطني لبناء دولة ديموقراطية اتحادية لكل اليمنيين تفتح مجالات أرحب للحوار والبحث عن أفضل الخيارات للعيش المشترك.