مجلة فرنسية: الإمارات تحوّلت إلى مركز عالمي للتهرب الضريبي وغسل الأموال

محرر 212 سبتمبر 2018
مجلة فرنسية: الإمارات تحوّلت إلى مركز عالمي للتهرب الضريبي وغسل الأموال

دّم تحقيق استقصائي لمجلة “لونوفال أوبزرفاتور” الفرنسية حمل عنوان “أوراق دبي” (على شاكلة “أوراق بنما” الشهيرة) معلومات جديدة خطيرة تؤكد أن الإمارات العربية المتحدة تحوّلت إلى مركز عالمي للتهرب الضريبي وغسل الأموال منذ نحو عشرين عاما.

ووصفت الشبكة الضخمة التي تدار من هناك بـ”مافيا مالية عالمية” تعمل خارج القانون، وأن هذه الشبكة تضم أباطرة مال، ورجال أعمال، ومديري مقاولات كبرى، ورياضيين، ورجالا من النخبة الروسية القريبة من السلطة، وكذلك أوروبيين.

وإذا كانت هذه الأخبار لا تفسّر تجاهل المؤسسات الدولية القانونية والمالية لهذه المسألة، فإنها بتأكيداتها التي تزداد تواترا وتركيزا على أن الإمارات مكان عالميّ معروف لتبييض الأموال تشير إلى أن الوضع الحالي غير مؤهل للاستمرار دون انكشاف كبير يؤدي إلى محاسبات في دول “المصدر”، كما حصل مع كشف “أوراق بنما” وغيرها من فضائح ماليّة كبرى في العالم.

ومثال على ذلك مجيء هذا التحقيق بعد أيام قليلة من إبلاغ وكالة التحقيقات الفدرالية الباكستانية المحكمة العليا أن الباكستانيين يمتلكون عقارات وأصولا بقيمة 150 مليار دولار في الإمارات، وأن أحد قضاة المحكمة صرح أن معظم المبالغ “منهوبة”، وأن الحكومة بقيادة “عمران خان” شكلت فرقة عمل لاستعادة الأموال المهربة في الإمارات.

وأشارت وكالة التحقيقات في تقرير إلى أن باكستان هي واحدة من أبرز ثلاث دول يقوم مواطنوها باستخدام ملاذات غسيل الأموال، بعد نيجيريا وروسيا.

هناك تفسيرات عديدة أيضاً لدور الإمارات في إقليمها المحيط، وفي المنطقة العربية والعالم، تبدأ من الفرضية البسيطة التي تركّز على العقلية الخليجية و”الكيد السياسي العربيّ”، وهي تحلّل انتقال الإمارات فجأة من كونها مجرد مركز ماليّ وعقاريّ ضخم للشركات العالمية، إلى موقع كبير لتمويل صفقات الأسلحة ولوبيات العلاقات العامة، والتدخّل في سياسات الدول المحيطة، وصولاً إلى الانقلاب على الثورات العربية ودعم الثورة المضادة في مصر وسوريا واليمن وليبيا وتونس.

وتعتبر الفرضية “الكيدية” أن الإمارات استفاقت على صدمة قناة “الجزيرة” والتأثير الكبير لقطر على الإعلام والسياسة العربية عبر دعمها الثورات العربية وتيار الإسلام السياسي، لتقرر ردا على ذلك خوض “السوق” السياسية بطريقتها نفسها في تبييض الأموال والإفساد السياسي للنخب الحاكمة.

لا يمكن تجاهل هذه الفرضية “الكيديّة” في تفسير قيادة الإمارات للاتجاه السياسي “المناكف” لقطر وسياستها الخارجية والإعلامية، وكذلك لعدائها للثورات العربية (مغطّاة أيديولوجيا بسردية كاذبة للحداثة والتقدم ومعاداة “الإسلام السياسي”).

لكنّ وجود “تبييض” الأموال في الإمارات منذ عشرين عاما، حسب الصحيفة، يفتح الباب لتفسير إضافيّ، فالتاريخ القديم لـ”تبييض” الأموال في الإمارات، برغم الثراء الكبير الذي تتمتع به، يقتضي وجود علاقات وثيقة مع الطغم السياسية الحاكمة في بلدان العالم، والتي تحتاج إلى تهريب أموالها لملاذات آمنة في دول لا تأبه لأحكام القانون الدوليّ، وتزدهر فيها الشراكة بين السياسة والمال بشكل يصعب فصمه.

بهذا المعنى فإن “تبييض” الأموال الناتجة عن سرقات النخب السياسية وأباطرة المال والمخدرات والجريمة يخلق المناخ المناسب للفساد السياسي المعمّم، ويجد علاقاته الطبيعية مع الدول الديكتاتورية وطغمها الفاسدة، وهو على علاقة كره مقيم بأي حركة تاريخية يمكن أن تؤدي إلى حكومات ديمقراطية ومحاسبة للطغاة وأزلامهم وشركائهم من أباطرة المال والجريمة والمخدرات.

*القدس العربي

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
Accept