راقب مسافرين 8 أعوام.. جهاز سرّي يطلق عليه “السماوات الهادئة”، الذين يتعرقون بغزارة ويدخلون الحمام كانوا “الهدف”

محرر 230 يوليو 2018
راقب مسافرين 8 أعوام.. جهاز سرّي يطلق عليه “السماوات الهادئة”، الذين يتعرقون بغزارة ويدخلون الحمام كانوا “الهدف”

قالت إدارة أمن النقل الأميركية، الأحد 29 يوليو/تموز 2018، إنَّ حرس أمن الطائرات (المعروفين بالمارشالات الجويين أو Air Marshals) راقبوا سراً وعلى مدى سنوات، أعداداً صغيرة من المسافرين الأميركيين، وكتبوا تقارير عن السلوكيات التي تُعَد مثيرة للشك على متن الرحلات، حتى لو لم يكن لأولئك الأفراد صلات إرهابية. حسب صحيفة The Washington Post الأميركية فبموجب برنامج حساس يُدعى «Quiet Skies-السماوات أو الأجواء الهادئة»، كلَّفت إدارة أمن النقل منذ عام 2010 حرس أمن طائرات تحديد هوية المسافرين اللافتين للانتباه بسبب سفرياتهم السابقة أو عوامل أخرى، وكلَّفتهم كذلك إجراء عمليات مراقبة سرية لتصرفاتهم -وضمن ذلك السلوكيات الشائعة كثيراً؛ مثل: التعرُّق بغزارة، أو استخدام المرحاض مِراراً- في أثناء سفرهم جواً بين الوجهات الأميركية. وكانت صحيفة The Boston Globe الأميركية كشفت لأول مرة، وجود برنامج Quiet Skies الأحد 29 يوليو/تموز 2018. وقدَّم المتحدث باسم إدارة أمن النقل، جيمس غريغوري، رداً على أسئلة، مزيداً من التفاصيل عن أصول البرنامج وأهدافه، وقارنه بأنشطة إنفاذ قانون أخرى تطلب من الضباط مراقبة أفراد أو مناطق أكثر عُرضة للجريمة من كثب.

دائماً يوجد احتمال متزايد بأن يقع أمرٌ ما

وقال غريغوري: «لسنا نختلف عن الضابط الموجود في الزاوية والذي وُضِع هناك؛ لأنَّه يوجد احتمال متزايد بأن يقع أمرٌ ما. حين تكون في أنبوب على ارتفاع 33 ألف قدم (10058 متراً تقريباً)، يكون منطقياً أن تضع شخصاً ما هناك». ورفضت إدارة أمن النقل تقديم معلومات كاملة عن كيفية اختيار الأفراد لإخضاعهم لبرنامج Quiet Skies أو كيفية عمل البرنامج. ووفقاً لإدارة أمن النقل، يستخدم البرنامج سجلات السفر للخارج ومعلومات أخرى لتحديد الركاب الخاضعين للفحوصات الإضافية في المطارات، ومراقبتهم في الرحلات من جانب حرس أمن الطائرات الذين يرسلون التقارير للإدارة عن أنشطة هؤلاء. وتثير المبادرة تساؤلات جديدة عن خصوصية المواطنين الأميركيين العاديين في أثناء قيامهم بالرحلات الروتينية داخل الولايات المتحدة، وكذلك تساؤلات عن الشبكة الواسعة التي تقيمها قوات إنفاذ القانون في أثناء سعيها للإبقاء على النقل الجوي آمناً. وقال غريغوري إنَّ البرنامج لم ينتقِ الركاب على أساس العِرق أو الدين، ويجب ألا يُنظَر إليه باعتباره مراقبة؛ لأنَّ إدارة أمن النقل لا تستمع إلى مكالمات الركاب أو تتبَّع الأفراد المعنيِّين في أرجاء المطارات على سبيل المثال. لكن في أثناء رصد حرس أمن الطائرات الأفراد الذين يُشار إليهم باسم «ركاب Quiet Skies» (أو ركاب السماوات الهادئة)، يستخدم الحرس قائمة تحقُّق أو مراجعة تابعة لإدارة أمن النقل من أجل تسجيل سلوك الركاب، وتتضمن أسئلة مثل: «هل ينام/تنام في أثناء الرحلة؟»، «هل يستخدم/تستخدم الهاتف المحمول؟»، «هل ينظر/تنظر حولها بطريقة غريبة؟». وتابع غريغوري: «يُحلِّل البرنامج المعلومات بشأن أنماط سفر الركاب في حين يضع الصورة الكاملة في الاعتبار»، مضيفاً أنَّه «خطٌ دفاعي إضافي لأمن الطيران». وأردف: «إن كان هذا الشخص يفعل كل تلك الأمور، وهبطت الطائرة بأمان ويمضون قُدُماً، فسيتم تسجيل السلوك، لكن لن يجري الاتصال مع هؤلاء الأشخاص أو إلقاء القبض عليهم». ورفض القول ما إذا كان البرنامج أدَّى إلى حالات اعتقال أو إحباط أي مؤامرات إجرامية.

هل المراقبة قانونية؟

ودعا هيو هانديسايد، المحامي البارز لدى مشروع الأمن القومي التابع للاتحاد الأميركي للحريات المدنية، إدارة أمن النقل لتقديم مزيد من المعلومات عن البرنامج للركاب. وقال: «هذه المراقبة ليست فقط غير منطقية؛ بل وتُمثِّل إهداراً كبيراً لأموال دافعي الضرائب، وتثير عدداً من المسائل الدستورية. وهذه المخاوف والحاجة للشفافية أكثر قوة؛ بسبب سجل إدارة أمن النقل في استخدام أساليب غير موثوقة وغير علمية لفحص ومراقبة الركاب الذين لم يرتكبوا أي خطأ». وتفحص إدارة أمن النقل، التي أُنشِئت بعد فترة وجيزة من هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 الإرهابية، متوسط أكثر من مليوني مسافر يومياً. وفي حين أنَّ إدارة أمن النقل مُكلَّفة مهمة السلامة العامة، فإنَّها انتُقِدَت علناً في بعض المناسبات؛ لكونها تطفُّلية ومسيئة عند نقاط التفتيش في المطارات. واتُّهِمَت بأنَّها لا تفعل شيئاً يُذكَر لتعزيز الأمن في أثناء إخضاعها الركاب للتفتيش أو الاستجواب. وفي عام 2015، وجد المفتش العام بوزارة الأمن الداخلي أنَّ عملاء سريين تمكَّنوا من تمرير متفجرات زائفة خِلسةً من أمام شاشات إدارة أمن النقل في 95% من المرات تقريباً. وبعد ذلك بيوم، كان جمهور المسافرين في حالة هياج بسبب الطوابير الطويلة للمرور عبر الفحص الأمني. لكنَّ مسؤولي إدارة أمن النقل قالوا إنَّ ضمان السلامة العامة مع الحفاظ على حركة الركاب في الوقت نفسه يجعل عملهم صعباً. فقال مدير إدارة النقل السابق، بيتر نفينغر، لأعضاء الكونغرس في 2015: «لدينا مهمة لا تقبل الفشل». وتعرَّضت الإدارة لانتقاداتٍ أيضاً؛ لمعاملتها المسلمين والأقليات الأخرى الذين شكوا من التحديد النمطي لهم كمشتبه بهم في أثناء السفر.

جمع قائمة سرية للركاب صعبي المراس

وفي وقتٍ سابق من هذا عام 2018، كشفت تقارير إعلامية أنَّ الإدارة جمعت قائمة سرية للركاب صعبي المراس. وقد يجري اختيار الركاب لفحص برنامج Quiet Skies؛ بسبب ارتباطه بشخص على قائمة الحكومة للممنوعين من السفر أو قواعد البيانات الحكومية الأخرى الهادفة إلى منع الهجمات الإرهابية. قالت فايزة باتل، المديرة المساعدة في مركز برينان للعدالة التابع لكلية الحقوق بجامعة نيويورك: «يثير هذا البرنامج مجموعة كاملة من المخاوف المتعلقة بالحريات المدنية والتحديد النمطي لمواصفات المشتبه فيهم». ويقول منتقدون إنَّ قوائم مراقبة وقواعد بيانات الحكومة واسعة بشكلٍ مبالغ، وتتضمَّن معلومات قديمة وخاطئة. فعلى سبيل المثال، نمت قائمة الممنوعين من السفر من نحو 16 شخصاً في سبتمبر/أيلول 2001 إلى 64 ألف شخص في 2014. وقالت فايزة، المحامية إنَّ مسؤولي إنفاذ القانون بصفةٍ عامة يتمتعون بالحرية في مراقبة الأفراد طالما لا يقومون بذلك استناداً إلى معايير مثل العِرق.

*عربي بوست

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق