في مدرسة بالعاصمة اليمنية صنعاء، تروي أمّهات نزحن من الحديدة، أنهن قررن ترك المدينة خشية على أولادهن من مخاطر الحرب التي تدور عند أطرافها بين الحوثيين وقوات الجيش، المدعومة من التحالف العربي، للسيطرة عليها.
ووصلت بعض النازحات إلى مدرسة “أبو بكر الصديق” بالحافلات، وأخريات بسيارات الأجرة، وبدأن فور وصولهن محاولة التأقلم مع حياة النزوح في المدرسة الواقعة عند الأطراف الجنوبية لصنعاء، بين مجموعة من الجبال الصخرية.
وقالت درّة إسماعيل “الوضع سيئ جداً جداً جداً، لا يوجد إلا الطائرات والقنابل والصواريخ؛ حُرمنا من النوم والأكل، فأخذنا أطفالنا وتوجهنا نحو صنعاء”.
وكانت الأم -التي ترتدي البرقع- تسكن في “حارة الهنود” جنوبي مدينة الحديدة، قرب المطار، حيث دارت لأكثر من أسبوع معارك شرسة؛ عندما شنت قوات الجيش الوطني المسنودة بقوات التحالف، في 13 يونيو/حزيران، هجوماً للسيطرة على مدينة الحديدة.
وتضم المدينة ميناء رئيسياً تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة إلى ملايين السكان؛ لكن الحكومة الشرعية والتحالف العربي يرون فيه منطلقاً لعمليات يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ومنفذاً لتهريب الاسلحة.
وسيطرت قوات الجيش الوطني، والتي تساندها قوات التحالف، على مطار الحديدة الأربعاء، بعد معارك قتل فيها المئات من مليشيات الحوثي، لكنها لم تتقدم بعد باتجاه الميناء الواقع على بعد 8 كلم من المطار.
ويشير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إلى أن أكثر من 30 ألف شخص فرُّوا من محافظة الحديدة، بسبب المعارك منذ بداية يونيو/حزيران، بينهم أكثر من ثلاثة آلاف شخص من مدينة الحديدة، مركز المحافظة.
وقال بيان للمكتب الخميس، إن المدينة التي يبلغ عدد سكانها نحو 600 ألف نسمة “تشهد منذ يومين حركة نزوح على نطاق واسع”، نحو مناطق قريبة أكثر أمناً.
وروت أم أحمد وهي تجلس على الأرض بين مجموعة من الأطفال معاناتها مع الحرب في مدينة الحديدة؛ وقالت “قصفوا بيوتنا وقطعوا الشوارع والمياه عنا- الحوثيون- ولم يكن لدينا لا طعام ولا شراب”، مضيفة “الأطفال كانوا جائعين يبكون طوال الليل”؛ وذكرت نازحة أخرى مفضلة عدم الكشف عن اسمها “خفنا على أطفالنا وعلى أنفسنا، الطفل أول ما يسمع صوت الطائرة يبكي”، مضيفة “هذا هو حالنا منذ زمن، مبعثرون ومشتتون”.