بقلم - د/ محمد صالح السعدي
تسير الحرب في اليمن , بطريقة معقدة تشوبها الكثير من التساؤلات حول استمرارها كل هذا الوقت , وطرح الكثير من المحللون العسكريون والسياسيون محليون وعرب وحتى غربيون تحليلات حول تأخر انتهاء الحرب , وفشل مساعي السلام مما جعل الحرب تطول بدون محددات واضحة لانتهائها قريبا , ومع هذا ظل جزء كبير من الحرب واضحا وله تفسيراته .
ألا أنه وخلال الاشهر الاخيرة وخصوصا في جبهة الساحل الغربي , اتضحت اجندة جديدة غير منطقية في الطرح والتطبيق , وفيها الكثير من اللغط والأهداف الغير واضحة , وهو ظهور طارق ابن اخ الرئيس السابق علي صالح وحارسة الشخصي وقائد حمايته , في جبهة الساحل الغربي , وزاد من هذا اللغط حديث قنوات معينة بأن قائد جبهة الساحل الغربي هو طارق والمشهور بطارق عفاش , هذا الامر الذي له ابعاده السياسية والأمنية والأخلاقية , والذي جعل كثير من السياسيون والعسكريون والنخب وحتى الشارع يشعر بالقلق من حقيقة ما يجرى ويرتب له ؟
لم يعرف عن طارق اي مواقف وطنية خلال فترة الازمات التي عصفت بالبلاد , منذ نشوء الحراك الجنوبي عام 2007م ومرورا بثورة التغيير في 2011م وما بعدها , وفي سبتمبر 2014م قبل سقوط صنعاء كنت مع جمع من القيادات في منزل الرئيس في الستين حيث تأزم الوضع في صنعاء ولاح للجميع ان صنعاء على وشك السقوط , قال الرئيس حينها ان من يحارب في شارع الثلاثين ومذبح وشملان ويهاجم الفرقة وحي النهضة , هم طارق وعمار , لقد كان طارق احدى اهم عناصر معركة سقوط صنعاء والتي على الاغلب تم تسليمها للحوثيون برعاية صالح ونفذ ذلك طارق وعمار , وبرز اسم طارق اكثر بعد سفر أحمد علي الى الامارات وبقائه فيها فترة الحرب , حيث ظهر كقائد للحرس الجمهوري الذي ارسل اهم قواته الى الجنوب , ودارت في الجنوب حرب شرسة , في عدن ولحج وابين وشبوه والعند وغير ذلك , حيث كان القائد الفعلي فيها طارق وقادة حوثيون منهم المداني والمراني والسقاف الذي قتل معضمهم , استشهد في الجنوب في تلك الحرب قرابة الخمسة الالاف شهيد و13 الف جريح , وظهر طارق في فيديو يتفاخر في انهم قدموا نصف قوتهم في الحرب على الجنوب ؟
عاد طارق الى الظهور مجددا , بعد مقتل عمه في صنعاء , عمه الرئيس السابق والذي جعل طارق قائد حرسه وحامية الشخصي , لم يستطع حماية عمه في النهدين عام 2011م وفي مقتله عام 2018م على يد الحوثه , وخرج طارق في كلتا المواجهتين سليما معافى , ولعلها الاقدار على الرغم من تشكيك بعض المراقبين للشأن اليمني بنجاة طارق الغريبة في حالتين استهدفت علي صالح احدها قتل فيها , عاد طارق ليتم ترتيب معسكر له في عدن , وبدا اعلام موجه ومعين بتلميع الرجل وإعادة رسمه لأهداف لا تزال غير واضحة في تفاصيلها , عاد الى عدن التي كان هو يوجه مدفعية ودبابات الحرس والحوثه لقصف ساكنيها وأهلها الطيبون , وفي لقاء متلفز اعلن رئيس المجلس الانتقالي عن دعمه لطارق في مواجهته للحوثيون , هذا التصريح الذي كان صادما ومفاجئا لأهالي عدن والجنوب …
ورغم هذا التصريح من رئيس الانتقالي , والذي مر عليه اكثر من 8 اشهر , لم يخرج طارق على الناس ويقدم اعتذارا عاما للشعب وخاصا للجنوب عن الجرائم التي كان سببا فيها , وعن انه كان مغررا به وتم خداعه من الحوثيون , لم يخرج ليقول انه على استعداد لتقديم نفسه للمسائلة بعد القضاء على الحوثيون واستعادة الجمهورية , حيث يصفوا انفسهم بحراس الجمهورية , لم يظهر اي ندم عن كل افعاله السابقة , وعن نتائجها التي سببت الحرب الكبيرة التي تعاني منها اليمن جنوبا وشمالا , لم يعتذر حتى لعدن وأهلها بما تسبب لهم من ألم ودمار , وهو اليوم يعيش محميا في معسكرات عدن , لم يخرج على التلفاز ليعترف بالشرعية الدستورية , لم يخرج حتى شاكرا لرئيس الانتقالي الذي تخطى المحاذير الاخلاقية والأمنية ووعد بدعم طارق , لم يخرج ليقول شكرا لعيدروس ولكل هذا الدعم منك وأنا اعترف بحق الجنوب والجنوبيون الذين اخطأنا بحقهم كثيرا , وذلك في تقرير مصيرهم او حتى بإقليم يحكموه بصلاحيات واسعةٍ ؟
عجيبا اذا ما يحدث , كل هذا الدعم لطارق وبدون ان يقدم طارق اي تنازلات للواقفين معه من اليمنيون جنوبا وشمالا , وأنا متأكد انه مقدم تنازلات خاصة به للتحالف فقط ؟
ومع الوقت فشل طارق في تكوين اي قوة عسكرية , حيث يبدو ان الرجل لا يحظى بثقة قيادات الحرس الجمهوري ولا جنوده , وفي تقدمه الى مفرق البرح تعرض لهزيمة عسكرية واضحة وفر عدد كبير من الجنود , ومن جديد تم تسليم مهمة الحديدة الى الوية العمالقة الجنوبية وقوات تهامية منظمة , والتي حققت تقدم كبير حيث اصبحوا على مشارف الحديدة , ويعود من جديد اعلام معين في قنوات فضائية ومواقع اخبارية , يتحدث عن انتصارات المقاومة الوطنية بقيادة طارق , ولم تشر بأي شكل من الاشكال الى الدور البارز للسلفيون ( الوية العمالقة ) والتهاميون , وفي الحقيقة فأن الشرعية على الاقل تتحدث عنهم وتصفهم بالجيش الوطني , وقد أصدر الرئيس قرارات سابقة بتعيينات عسكرية لقادتها واعتمادها الوية في الجيش , فهذا على الاقل يعطيهم شرعية ويحميهم من مسمى المليشيات وتصنيفها كقوى مسلحة .
ويضل السؤال الاهم , لماذا يستمر فرض طارق بهذا الشكل على جبهة الساحل الغربي والحديدة وطمس دور الوية العمالقة والتهاميون ؟ , وماذا يراد من تسليم الحديدة لطارق الذي لم يعترف لا بالشرعية ولا بالجنوب ولم يعتذر للشعب ولا الجنوب عن افعاله السابقة , ومن يرى بعض تغريدات ومنشورات وتصريحات الاعلاميون التابعين لطارق , يشعر بالقلق , حيث لا يزالون يتهجمون على الجنوب والشرعية بشكل فج وفيه الكثير من الحقد الغير مبرر …. وتظل هذه الاسئلة حبيسة الافواه والعقول ويجب أن تخرج وتطرح بصراحة ولمحاذير امنية مهمة ……. يتبع بإذن الله
بقلم د/ محمد صالح السعدي
الناطق الرسمي للائتلاف الوطني الجنوبي ..