عاشت العاصمة المؤقتة عدن وسكانها أسبوعاً عصيباً، كانت فيه شوارعها وأحياؤها مسرحاً لمواجهات مسلحة استخدمت خلالها مختلف الأسلحة المتوسطة والثقيلة حاصدةً أكثر من ٣٠٠ بين قتيل وجريح، ليكون بذلك الأسبوع الأخير من يناير/ كانون الثاني أكثر الأسابيع دمويةً منذ تحرير عدن من ميليشيا الانقلابيين في يوليو من العام 2015م.
وعقب انقضاء ذلك الأسبوع الدموي، الذي نتج عن قيام الوحدات العسكرية الموالية لما يُعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي بالهجوم على مُعسكرات الشرعية والمقار الحكومية، تكشف قدر الانتهاكات التي تم محاولة رصد أبرزها من خلال هذا التقرير.
المواطن شكيب، أحد المواطنين المنتمين لمحافظة تعز، والذين يعملون بالأجر اليومي في مديرية المُعلا، تعرض للاعتقال والإخفاء القسري لثلاثة أيام متتالية رفقة العشرات من زملائه من قبل القوات الموالية للانتقالي الجنوبي.
ويقول شكيب، والذي فضل عدم الكشف عن هويته الكاملة لأسباب أمنية، إنه تم مداهمة مسكنهم عند قرابة العاشرة من مساء الاثنين، وذلك عندما كان شكيب ومن معه في السكن الجماعي يغطون في نوم عميق عقب يومٍ مرهق من العمل.
ويضيف شكيب تم اعتقالنا فوراً وأخذنا على متن الأطقم العسكرية، حيث سألونا من أين أنتم وأجبنا( من تعز)، ليقول لنا الجنود نحن الآن في حرب مع تعز أصلا.
“فهمت من خلال تكرار الأسئلة عن علاقتنا بالشرعية وألوية الحماية الرئاسية، بأنهم يتهموننا بأننا مخبرين وجواسيس لدى الشرعية”، يذكر شكيب.
ويتابع” تم تقسيمنا على سجن قسم شرطة المعلا وسجون أخرى بمديرية التواهي، دون أن يتم التحقيق معنا أو إخبارنا بالتهم التي تم على أساسها اعتقلنا.
ويشير إلى أن القوات الموالية للانتقالي الجنوبي قامت بتجريدهم من كل مقتنياتهم الشخصية ومنعتهم من التواصل مع ذويهم.
وبخصوص المعاملة معهم، لفت إلى أنهم أُجبروا على تنظيف حمامات السجون خلال أيام الاعتقال والتي امتدت من مساء الاثنين وحتى مساء الأربعاء، أما التغذية فقد كانت رديئة كما أفاد شكيب بالرغم من كون المعتقلين قد دفعوا قيمة تلك الوجبات إلا أن الجنود كانوا يتعمدون جلب كميات قليلة جداً ولا تكفي لإشباع المعتقلين، أما مياه الشرب فقد كانت من حنفيات دورات المياه.
واختتم شكيب حديثه بالقول “أفرجوا عني لكني لم أعلم لمَّ تم اعتقالي وعلى أي أساس تم الإفراج عني، متسائلاً عما إذا كانت حرية المواطن اليمني رخيصة لهذا الحد ليتم اعتقاله وإخفاؤه قسراً لثلاث ليالٍ دون أي أسباب سوى لكونه ينتمي المحافظات الشمالية”.
وبحسب مصادر أمنية اخرى فقد تم الإفراج عن كل المواطنين الشماليين الذين تم اعتقالهم، وكذا إعادة مقتنياتهم الخاصة.
ولم تُسجل أي انتهاكات مماثلة قد تعرض لها المواطنون المنتمون للمحافظات الشمالية في باقي مديريات العاصمة المؤقتة عدن.
حواجز الاعتقال
وعقب تمكن القوات الموالية للانتقالي الجنوبي-والمشكلة من (قوات إدارة أمن عدن، إدارة أمن لحج، اللواء الأول مشاة، قوات الحزام الأمني، مجاميع مسلحة) – من التمدد وإسقاط اثنين من معسكرات الشرعية، قامت بنصب حواجز أمنية للبحث عن منتسبي مُعسكرات الشرعية، لتعتقل العشرات منهم.
الجندي( س.م.ي) أحد أفراد لواء الدفاع الساحلي المحسوب على الشرعية، كان أحد أولئك الجنود الذين اعتقلتهم القوات الموالية للانتقالي الجنوبي.
يفيد الجندي-والذي رفض الكشف عن هويته حرصاً على سلامته-أنه أُعتقل أثناء مروره من الحاجز الأمني التابع للانتقالي الجنوبي والمعروف بـ(الحمراء)، وذلك مساء الثلاثاء الفائت، فيما تم الإفراج عنه مساء اليوم التالي وذلك عقب تسليمه للجنة التهدئة والتي أشرفت على عملية تبادل الأسرى من الطرفين.
ويضيف الجندي في سياق حديثه “تم نقلي إلى زنزانة في مُعسكر اللواء الأول مشاة والقريب من الحاجز الأمني، حيث تم الربط على عيني، دون أن يتم التحقيق معي”.
ويذكر”بقيت على ذلك الحال ليوم كامل دون أن يُقدم لي أي غذاء، فقط القليل من مياه الشرب هذا ما وجدته، فحتى قضاء الحاجة لم يسمحوا لي بالذهاب لدورات المياه.
وأشار إلى أنه سُلم للجنة التهدئة والتي أفرجت عنه، لكن دون أن يعاد إليه سلاحه الشخصي وباقي مقتنياته الخاصة من هاتف وأوراق شخصية.
إلى ذلك يُبدِي المواطنون في العاصمة المؤقتة عدن تخوفهم من تكرار تلك المواجهات لما لها من تأثير سلبي على حياتهم ومصالحهم الخاصة، وقبلها على حياتهم، إلا أنه ومن خلال متابعة وسائل الإعلام الحكومية فإنه لا حلَّا حتى الآن مع ما يُعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، وهو ما يزيد من فرص احتمالية عودة تلك المواجهات وتكرارها.
*الموقع بوست