أصبح المواطن المنتمي للمحافظات الشمالية من البلاد، يُفكر مرات ومرات قبل أن يقرر السفر إلى العاصمة المؤقتة عدن، مهما كانت أسباب ذلك السفر سواءاً اكان للعمل ام لزيارة أسرية او حتى لشأن إنساني يتعلق بالنزوح، فقوات الحزام الأمني التابعة لدولة الإمارات، لا تلقي بالاً لأي من الاعذار آنفة الذكر، فهي منذ مطلع ديسمبر/ كانون الأول تمنع دخول أي مواطن شمالي لعدن، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقوانين المحلية قبلها.
ياسين طاهر الشرعبي، أحد المواطنين الشماليين الذين تم ايقافهم في الحاجز الأمني( نقطة مصنع الحديد) وإجبارهم على العودة من حيث أتوا، لكونهم يحملون هويات شخصية تؤكد انتمائهم للمحافظات الشمالية.
يقول ياسين “أوقفوا السيارة التي كنا فيها، وسأل أحد الجنود السائق” من فين جبت ذولا اصحاب تعز” وطالب السائق بالعودة بنا من حيث أتينا، وأكد بأنه ممنوع دخول أبناء تعز إلى عدن”.
كنت أنا واثنين من اصدقائي نقصد حضرموت، وكان لدينا ورقة تصريح عمل في سوبر ماركت بحضرموت ومختومة بختم الماركت، وحاولنا شرح أسباب دخولنا عدن للجنود لكن دون جدوى، يضيف ياسين في حديثه لـ”الموقع بوست”.
ويذكر،” لم يبدوا لنا أي احترام او اعتبار، فالورقة التي اعطيناها لهم رفضوا قراءتها، وقالوا لنا “لا تحاولوا أبداً ارجعوا يعني ارجعوا ممنوع عليكم دخول عدن”.
ويتابع ياسين سرد التفاصيل التي عاشها أثناء محاولته الدخول للعاصمة المؤقتة عدن،” قام سائق السيارة التي تقلنا وأصدقائي للوقوف على مقربة من الحاجز الأمني (مصنع الحديد)، ولكن ذلك الوقوف لم يستمر طويلاً فقد أتى لنا جندي ملتحي ويبدوا انه مسؤول في الحاجز الأمني لكونه كبيراً في السن ويحظى باحترام باقي الجنود، وقام بتوجيه سلاحه باتجاه السيارة دون سابق إنذار، قائلا اقسم بالله اذا لم تتحركوا من هنا سأطلق النار على الكفرات، ومن ثم تحركنا من هناك فوراً.
ويشير إلى أن عناصر الحزام الأمني أخبروهم، أنه يمكن الوقوف لكن عند محطة الفرشة( محطة بيع وقود) والتي تبعد مالا يقل عن ٢ كيلو من الحاجز الأمني.
ويصف ياسين المشهد، وذلك ضمن سياق حديثه لـ”الموقع بوست”، كان الناس في تلك المنطقة الصحراوية مكدسين كالنمل، ولكن ذلك المشهد لم يحرك قلوب أفراد الحزام الأمني.
ويلفت إلى أن مئات المواطنين الشماليين يفضلون البقاء في تلك المنطقة الصحراوية الخالية من أي محلات او خدمات، علهم بتلك الخطوة يستعطفون أفراد الحزام الأمني ليسمحوا لهم بالدخول لعدن، لكن ذلك لم يحدث.
وبخصوص رحلته وأصدقائه، قال” كان وصولنا للحاجز الأمني عند ساعة المغرب أي قبل ٦ مساءاً، ونزلنا من السيارة التي كانت تقلنا، وبقينا منتظرين حتى التاسعة مساءاً حتى وجدنا سيارة هيلوكس أوصلتنا إلى تعز.
وأردف” المليشيات الحوثية التي نحاربها في تعز بالأخص نحن أهل شرعب، لم تعاملنا كتلك المعاملة التي وجدناها في مداخل عدن على يد أفراد الحزام الأمني؛ موضحاً أنه وبعد ارجاعه من مدخل عدن الشمالي، اتجه إلى حضرموت عبر خط رداع، وفي ذلك الطريق اوقفني أفراد ميليشيا الحوثيين، وابرزت لهم بطاقتي الشخصية من شرعب السلام وقالوا لي” اتفضل”، ولم يقل أحدهم انتم من تحاربونا في كل الجبهات.
واختتم الشرعبي حديثه لـ”الموقع بوست” بالقول”والله لا نعلم هل كنا ذاهبين الى أوروبا أم إلى عدن والتي هي محافظة يمنية مثلها مثل غيرها.
شهادة أخرى
يفيد الناشط الإعلامي مبارك الحيدري، والذي غادر العاصمة المؤقتة عدن بإتجاه مدينته تعز قبل أيام،” أن ما يحصل المواطنين المنتمين المحافظات الشمالية في مداخل عدن وخصوصا نقطة مصنع الحديد يسيء للجنوب بأكمله ويظهر أبناء الجنوب بشكل عنصري ومناطقي.
شاهدت المئات من ابناء المحافظات الشمالية يفترشون الارض بين البرد والضمئ في الصحراء حيث أن بعضهم مرَّ عليهم يومين وآخرون ثلاثة على تلك الحال، وذلك على امل السماح لهم بالدخول لعدن فأغلبهم عمال بسطاء، يضيف الحيدري في حديثه لـ”الموقع بوست”.
ويذكر،” على الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة وكذا التحالف العربي أن يكونوا على قدر المسؤولية بحق هذا الشعب المكلوم، فعليهم أن يضعوا حداً لهذه الانتهاكات التي تمارس بشكل عنصري من شأنه تهديد الأمن والاستقرار الاجتماعي.
أساليب متنوعة والمنعُ واحدُ
يحرصُ أفراد الحزام الأمني الشمالية على ألا يتمكن أي مواطن شمالي من الدخول للعاصمة المؤقتة عدن، فهناك عدة حواجز أمنية تبداء بمحافظة لحج وتنتهي بمنطقة بئر أحمد، غربي عدن، وهي واقعة ضمن النطاق الإداري لعدن.
المواطن علي حسن، كان قادماً من تعز بإتجاه عدن والتي ينتمي إليها، وشاهد خلال رحلته صنوفاً من أساليب امتهان الكرامة الإنسانية والقهر الذي يتعرض له أبناء المحافظات الشمالية، وبالرغم من كونه لم يتعرض لأيٍ منها كونه ينتمي للمحافظات الجنوبية لكنه يرفض تلك الإجراءات فهي لا تعبر عن أخلاق الجنوبيين، حسبما يقول علي.
ويضيف علي في حديثه لـ”الموقع بوست” قبل أن نصل للحاجز الأمني( نقطة مصنع الحديد) باغتنا طقم عسكري وقام سائقه بالصراخ منادياً “الدحابشة يرجعوا من الان ما في داعي تعملوا لنا زحمة في النقطة”.
كانت الأطقم العسكرية تُرجع السيارات قبل أن تصل للحاجز الأمني والذي يبعد قرابة ١٠٠٠ متر، وذلك لكيلا تزدحم السيارات عند الحاجز الأمني وتكون معرضةً لالتقاط صوراً لها ونشرها في وسائل الإعلام، حسبما يذكر علي.
ويتابع” كل من يملك هوية شخصية تثبت انتمائه المحافظات الشمالية كان يتم انزاله بشكل عنصري فج مترافق مع ألفاظ بذئية أمثال( روحوا يا دحابشة ما نشتيكم في بلادنا، حرروا تعز لو انتم رجال).
وبخصوص التعامل مع العائلات، أفاد،” كان جنود الحزام الأمني يحققون مع أفراد العائلة كلاً على حدة وذلك للتأكد فعلياً من صلة القرابة، حيث يتم إنزال الرجل ليتم سؤاله بعيدا عن زوجته، في حين كانت أسئلة التحقيق مع الزوجة تتم في مكانها على متن الباص؛ وقد كانت الأسئلة تتركز على خصوصيات الأسرة من أسماء الاخوات والأمهات والأبناء، ليتم بعدها مطابقة الإجابات.
ويصف تلك الإجراءات بالمهينة والساعية لإرهاب المواطنين واقناعهم بعدم التفكير بالدخول لعدن؛ ويذكر كانت بعض العائلات تحاول مساعدة بعض المواطنين خصوصا كبار السن منهم والصغار، حيث يقولون بأنهم ضمن أقاربهم، ليتم كشف أمرهم مباشرةً عقب أسئلة التحقيق.
رأي الحكومة
بقي الصوت الحكومي خافتاً تجاه الانتهاكات التي تمارسها قوات الحزام الأمني بحق المواطنين الشماليين، فقد اقتصر على نشر وسائل الإعلام الحكومية تصريحاً يوجه من خلاله نائب وزير الداخلية اللواء علي لخشع، بعدم اعتراض أو مضايقة أي مدنيين نازحين من مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية الإيرانية إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتضمنت التوجيهات تعميم رقم عمليات وزارة الداخلية (02276367) للتواصل معها من قِبل المواطنين من أجل القيام بواجبها إزاء أي طارئ؛ لكن ذلك التوجيه بقي حبيس التداول الإعلامي دون أن يجد طريقه للتنفيذ.
وكان رئيس الحكومة د.أحمد عبيد بن دغر، قد عقدَ صباح الأمس الأربعاء لقاءاً مع أعضاء الحكومة وحضره مراسلوا عدد من القنوات الفضائية.
وكان من بين الأسئلة الموجهة لرئيس الحكومة بن دغر، عن الدور الحكومي تجاه ما يجري المواطنين الشماليين من إجراءات تعسفية تمنع دخولهم العاصمة المؤقتة عدن، وأجاب ” المضايقات التي يجدها المواطن القادم من المحافظات الشمالية لعدن، نحن والرئيس ووزارة الداخلية لا نقبل إطلاقاً أي ممارسات من شأنها الإضرار باي مواطن قادم من المحافظات الشمالية او توجيه أي شكل من أشكال الإساءة إليه.
وأضاف بن دغر” الحق كل الحق للمواطن اليمني في أن يعيش أو يعمل بأي منطقة يمنية شاء، دون أن يُسأل لماذا هو هنا.
وذكر “أن تلك الإجراءات إنما هي استثنائية وصادرة عن غير جهة غير دستورية او قانونية أو شرعية، وقد قُلنا للإخوة في الحزام الامني والمؤسسات الأمنية الأخرى، دعوا الناس يدخلون إلى عدن، دعوا عدن تستقبل كل الناس، لقد ضيعتم فرصة ذهبية على عدن، لو استغلت لكانت عدن في أفضل عصورها، لقد ضيعتم فرصة على الوئام الوطني وعلى وحدة المجتمع”.
*الموقع بوست