تعيش محافظة تعز، جنوب غرب اليمن، احتقانا شديدا ينذر بتفجر الأوضاع عسكريا، على خلفية تمرد عسكري على مرسوم رئاسي قضى بتعيين قائد جديد للواء 35 مدرع، في الريف الجنوبي من المحافظة.
وعقب صدور قرار الرئيس اليمني بتعيين العميد الركن عبدالرحمن الشمساني قائدا للواء 35 بديلا لقائده السابق العميد الركن عدنان الحمادي الذي اغتيل أواخر العام الماضي، تم منع الشمساني من دخول مقر قيادة المعسكر من قبل مجاميع مسلحة، تقودها قيادات موالية للحزب الناصري نجل شقيق صالح، طارق.
وتتسارع وتيرة الأحداث في مدينة التربة مركز الشمايتين جنوب تعز، عقب دعوة الحزب الناصري وقيادات بحزب المؤتمر موالية للعميد طارق صالح، قائد ما يسمى قوات “حراس الجمهورية” المدعومة من دولة الإمارات، لمسيرة رافضة لقرار هادي بتعيين قائد جديد للواء 35 مدرع.
وكشفت مصادر حكومية عن مخطط إماراتي لتأزيم الوضع في الريف الجنوبي، حيث حظيت المساعي الأخيرة بدعم وتمويل من أبوظبي، لاسيما الدعوة لمسيرة رافضة لقرار هادي الأخير.
وقال أحد المصادر لـ”عربي21″، شريطة عدم ذكر اسمه، إن أبوظبي تمهد لتنفيذ خطتها في السيطرة على مديرية الحجرية عبر وكيل جهاز الأمن القومي عمار صالح (شقيق طارق صالح).
وبحسب المصدر، فإن الجهود الإماراتية في الريف الجنوبي من تعز حظيت بدعم من قبل مسؤولين رفيعي المستوى في السلطة الشرعية، مؤكدا أن رئيس مجلس النواب سلطان البركاني أبدى معارضة لقرار تعيين القائد الجديد لمعسكر 35.
وأشار إلى أن البركاني يتحرك بإيعاز من الإمارات لإيجاد موطئ قدم للجناح الذي يقوده في حزب المؤتمر في مديرية الحجرية، التي يسعى الإماراتيون للسيطرة عليها لتأمين هيمنتهم على مدينة المخا الاستراتيجية.
ووفقا للمصدر الحكومي، فإن رئيس مجلس النواب، وهو قيادي بارز في حزب المؤتمر، يدور في فلك الإماراتيين، ويخوض صراعا مع مستشار الرئيس هادي رشاد العليمي، وهو قيادي بارز بالحزب ذاته.
من جانبه، علمت “عربي21” من مصدر مطلع بأن التحركات الإماراتية عبر أذرعها في الريف الجنوبي والساحل الغربي التابع لمحافظة تعز، تجري على قدم وساق، لانتزاع السيطرة على مديريات الحجرية التابعة لها.
وأكد المصدر لـ”عربي21″، طلب عدم ذكر اسمه، أنه تم رصد 150 ضابطا ومجندا تابعا لطارق صالح، تم الدفع بها من الساحل الغربي إلى مدينة التربة للمشاركة في المسيرة التي دعا لها المعارضون لقرار تعيين قائد جديد لمعسكر اللواء 35.
وذكر المصدر أن هذه الخطوة جاءت بعد أيام من إصدار بيان ما يسمى بـ”حراس الجمهورية”، يدعو أفراد وضباط اللواء 35 إلى رفض قرار تعيين الشمساني والتمرد عليه.
ويوضح المصدر أن الوضع متوتر في الريف الجنوبي لمحافظة تعز، لافتا إلى أن هناك أيضا انقساما في اللواء 35، حيث أيد العسكريون القدامى قرار تعيين “الشمساني” قائدا له، والتقوا به الأسبوع الفائت.
أما الذين تم تجنيدهم وضمهم للواء وهم خليط من المطلوبين وبعض المحسوبين على المشايخ والوجاهات وكتائب أبو العباس والمدعومين من طارق صالح والإمارات، أعلنوا رفضهم للقرار، ويسعون لتفجير الوضع عسكريا.
وأفاد المصدر بأن قيادة الجيش والأمن في تعز استنفرت قواتها في ظل التمرد الجاري في الريف الجنوبي على السلطة الشرعية، مبينا أنها “تدرس الخيارات كافة لإنهاء هذا الوضع الشاذ، ومنع تكرار ما حدث في مدينة عدن، جنوبا، ومحافظة أرخبيل سقطرى، الواقعة في المحيط الهندي”، الخاضعتين لسيطرة المتمردين الانفصاليين.
وكان مصدر مسؤول في قيادة الجيش بتعز، قد كشف في تشرين أول/ أكتوبر 2019، عن عملية تجنيد تمولها دولة الإمارات بعيدا عن مؤسسات الدولة لجأت إليها قيادة كتائب أبو العباس، لتعويض حالة النقص في العدد، التي تعاني منها، بعد انشقاق ما يزيد على 1300 مسلح، بينهم قادة بارزون، من إجمالي القوة المقدر قوامها بـ1700 مسلح، بحسب سجلات الجيش.
وتنشط سلطات أبوظبي في منطقة الساحل الغربي، رغم إعلانها سحب قواتها من هناك، ضمن خطة لتقسيم محافظة تعز وفصلها عن سواحلها، أماطت “عربي21” اللثام عنها، أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.
وتتضمن الخطة “وضع المناطق الواقعة على امتداد الساحل من المخا وحتى ذوباب وباب المندب، مرورا بمديريات موزع والوازعية ومديريات الحجرية في المحور الجنوبي الغربي لتعز”، في نطاق إداري جديد تحت اسم “إقليم المخا”.