جريمة العبر.. هكذا قص التحالف شريط استهداف الجيش الوطني (تقرير خاص)

Editor9 يوليو 2020
جريمة العبر.. هكذا قص التحالف شريط استهداف الجيش الوطني (تقرير خاص)

مع حلول السابع من يوليو من كل عام يحيي اليمنيون ذكرى أولى الغارات الجوية الغادرة التي شنتها مقاتلات التحالف العربي، والتي استهدفت معسكراً نائياً تابعاً للحكومة الشرعية في منطقة العبر بمحافظة حضرموت.

 

وشهد معسكر 23 ميكا بالعبر قبل خمسة أعوام، وتحديداً مساء يوم 7 يوليو 2015م مأساة لا تزال شواهدها حية حتى اللحظة، بعد أن أقدمت مقاتلات حربية تابعة للتحالف العربي بتنفيذ ثلاث ضربات جوية استهدفت المعسكر أثناء إفطار الجنود والقيادة، الأمر الذي نجم عنه استشهاد نحو سبعين ضابط وجندي، أبرزهم مستشار هيئة الأركان الشهيد العميد أحمد يحيى غالب الأباره، قبل أن يخرج التحالف في أعقاب ذلك معلناً أن العملية كانت استهدافاً خاطئاً نتيجة معلومة استخباراتية مغلوطة.

 

وشكّلت هذه الحادثة لحظة فارقة في مسارات التدخل العسكري للتحالف العربي في اليمن، إذ توالت بعدها الغارات التي نفذها التحالف واستهدفت معسكرات وجنود الجيش الوطني في مختلف المدن المحررة، والتي تسببت في إضعاف الحكومة الشرعية بشكل عميق، ونجم عنها مقتل عدد غير قليل من أهم وأبرز القيادات العسكرية التي مثّلت النواة الأولى في سبيل تشكيل جيش وطني قوي، قادر على حخماية البلاد والتصدي لكل المليشيات.

 

ومع حلول الذكرى الخامسة لاستشهاد العميد الأباره ورفاقه في معسكر العبر، أصدر أسر وذوي الشهداء بياناً أدانوا فيه ما وصفوه بمحاولات تمييع القضية، مشيرين إلى تخاذل قيادة السلطة الشرعية في الضغط بغرض الكشف عن المتسببين بهذه الجريمة ومحاسبتهم.

ملابسات الاغتيال

وفي تصريحات لقناة بلقيس قال عبد الرقيب الأبارة، نجل العميد أحمد الأبارة مستشار هيئة رئاسة الأركان: “تمَّ استهداف الوالد بعد أسبوع واحد فقط من لقاء جمع الوالد الشهيد بضُبَّاط سعوديين وإماراتيين في معسكر العبر”.

 

مضيفاً: “الوالد تحدَّث إليهم عن رؤيته لتطوير مؤسسة الجيش، خصوصاً بعد الهيكلة التي تعرَّضت لها مؤسسة الجيش بناء على المبادرة الخليجية التي أتت لحل الأزمة في اليمن عقب ثورة الشباب في 2011.

 

وتابع: “كان للوالد الشهيد، بصفته مستشاراً لهيئة رئاسة الأركان، رؤية وتصور مكتمل لتطوير مؤسسة الجيش اليمني، وكان جاداً في طرحها ومتابعتها في رئاسة الهيئة”.

 

وعن سبب استهداف معسكره من قِبَل طائرة التحالف قال الأبارة: “ما توصَّلنا إليه حينها من مسؤولين ومقربين أنَّ التحالف لم يكن يرغب ببناء جيش وطني له إرادة مستقلة، بل كان يريد جيشاً تابعاً بلا هدف، جيش مسلوب الإرادة والقرار، يستخدمه فقط كغطاء لتمرير مشاريعه في اليمن”.

سياسة ممنهجة

يرى قطاع واسع من اليمنيين أن الغارات التي اعتاد التحالف على وصفها بالغارات الخاطئة ما هي إلا سياسة ممنهجة، إذ تكررت العشرات من الغارات المشابهة خلال السنوات الماضية، ودون إجراء أي تحقيق شفاف ومحايد في أسباب هذه الغارات.

 

وفي هذا الصدد قال الناشط الإعلامي أحمد هزاع: ” “أصبحنا كجنود نخاف من استهداف طيران التحالف أكثر من خوفنا من استهدافنا من قبل الحوثي”.

 

وقال رئيس دائرة التوجيه المعنوي السابق محسن خصروف إن مسلسل استهداف الجيش الوطني من قبل طيران التحالف بدأ في 7 يوليو 2015 حينما تم استهداف معسكر العبر بحضرموت والذي يبعد مئات الكيلو مترات عن أقرب تجمع لمليشيا الحوثي.

 

لافتا إلى أن اللواء الذي تم استهدافه في العبر كان مخصصا للتدريب، وكان يمثل الخطوة الأولى للبناء الحقيقي للجيش الوطني بأسس علمية ووطنية، وكان قائده (الابارة) قائدا وطنيا رمزا من قادة الجيش والقوات المسلحة.

 

وأضاف أن استهداف اللواء وقائده وعدد من رفاقه تزامنت في الوقت الذي كان يستعد أفراد اللواء لإحداث نوع من التحول في مسار المعركة حينها.

تهميش وتمييع

ويشكو اليمنيون من ضياع حقوقهم وحقوق ذويهم من شهداء الجيش الوطني، وتهميش التحالف العربي وقيادة السلطة الشرعية لمطالب إجراء تحقيق في الحوادث التي أدت لمقتل ذويهم من قبل طيران التحالف الذي يفترض به أن يحميهم.

وبدى هذا السخط بارزاً في بيان أسر وذوو شهداء العبر، والذين أشاروا إلى تعرضهم لخذلان كبير من قبل مختلف الأطراف المعنية وعلى رأسها قيادة السطلة الشرعية وقيادة التحالف العربي.

وقال البيان: “كان المتوقع في أعقاب تلك الجريمة الشنعاء أن تهب الدولة بمختلف أجهزتها للضغط لإجراء تحقيق شامل في هذه الحادثة، ومحاسببة من تآمر ومن أمر ومن نفذ هذا الهجوم الغادر، إلا أت شيئاً من ذلك لم يحدث، وظلت الحقيقة غائبة والجاني طليقاً يسرح ويفعل ما يشاء”.

وتابع البيان: “مع استمرار ضياع حقوق الشهداء يزداد اليقين كل يوم أن الهجوم كان عن عمد وسبق أصرار”، في اتهام مباشر للتحالف العربي.

 

غارات الغدر

وبالتزامن مع البيان الذي لقي صدى واسعاً على منصات التواصل، نبش يمنيون ملف الغارات التي نفذها التحالف بحق الجيش الوطني خلال السنوات الماضية، والتي تسببت في إضعاف الجبهة الوطنية أمام مشاريع الملشنة والتمييز العرقي والمناطقي شمالاً وجنوباً.

ويصف يمنيون الغارات التي استهدفت الجيش الوطني وقيادته بـ “غارات الغدر” ويرون أن دور التحالف العربي انحرف كثيراً عمّا كان عليه في بداية المعركة، الأمر الذي سمح للمليشيات بالصمود أمامه خلال السنوات الماضية.

وتبرز حوادث كثيرة كحادثة معسكر كوفل، وجبل المنارة، وحادثة نقطة العلم الشهيرة، وكلها حوادث تثبت فرضية استهداف التحالف المتعمد للجيش الوطني، مع الأخذ بالاعتبار اعتراف الإمارات بقصف قوات الجيش في الحادثة الأخيرة بنقطة العلم أواخر أغسطس الماضي، باعتبار الجيش خطرًا يهدد التحالف.

وبالإضافة إلى غارة العبر يرصد “عدن نيوز” أهم الغارات الخاطئة وأبرز حوادث الاغتيال والقتل التي طالت المؤسسة العسكرية اليمنية وقياداتها:

  • في 26 فبراير/ شباط 2018، استهدفت طائرة التحالف، اجتماعا لقيادات اللواء 133 في الجيش الوطني بمديرية نهم بصنعاء، ما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 20 قائداً عسكرياً من قيادات الجيش، بينهم مسؤول عمليات اللواء العميد محمد الحاوري، القائد العسكري الأبرز في الجيش الوطني.
  • وفي 20 أغسطس/آب 2018 استهدفت طائرة للتحالف كتيبة من الجيش الوطني في محافظة الجوف شمالي اليمن، ما تسبَّب بمقتل 10 جنود وإصابة عشرات آخرين.
  • وفي 14 مارس/آذار 2019 استهدفت طائرات التحالف موقعاً عسكرياً تابعاً لقوات الجيش الوطني، في منطقة برط العنان بمحافظة الجوف شمال شرقي اليمن، وتسبَّبت بمقتل 7 جنود وإصابة نحو 30 آخرين، بعد يومين فقط من تمكُّن الجيش من استعادة ذلك الموقع من قبضة جماعة الحوثي.

ولقي عدد من أرفع قيادات الجيش الوطني حتفهم بهجمات صاروخية في مواقع متقدمة من الجبهة ضد الحوثيين. ويعتقد أن الإمارات لعبت دوراً محورياً في التبليغ عن مواقعهم لمليشيات الحوثي وسهّلت عملية استهدافهم. ومن أبرز هذه القيادات نرصد الأسماء التالية:

  • اللواء عبدالرب الشدادي: كان قائداً للمنطقة العسكرية الثالثة بمارب، وينسب له تحقيق انتصارات محورية للجيش في مارب أفضت إلى إفشال هجوم الحوثيين على المدينة في 2015م. وفي السابع من أكتوبر 2016م، استشهد الشدادي جراء انفجار صاروخ حراري استهدف موقعه، حيث كان يتمركز في الخطوط الأمامية للجيش الوطني في صرواح.
  • العميد أحمد سيف اليافعي: كان نائباً لرئيس هيئة الأركان اليمنية وقائداً لقوات الجيش الوطني في الساحل الغربي. وقاد اليافعي عملية تحرير الساحل الغربي، قبل أن يتعرض في 2 فبراير 2017م للاغتيال عبر صاروخ حراري استهدف موقعه بالقرب من مدينة المخا الساحلية.
  • اللواء محمد صالح طماح: كان قائداً للاستخبارات العسكرية في الجيش الوطني. وفي 13 يناير 2019م توفي الجنرال طماح متأثرا بجروح أصيب بها في هجوم بطائرة حوثية مسيرة على عرض في قاعدة العند العسكرية.

استهداف المخالفين

استهدفت الغارات الجوية بشكل خاص التحركات العسكرية التي تسعى لتحقيق تقدم حقيقي يقلص من نفوذ الحوثيين، يتم ذلك في الوقت الذي يقوم الحوثيون بعروض عسكرية وهم في مأمن من ضربات التحالف، ما يثبت أن المعركة ضد الحوثي ليست من أولويات التحالف وليست من أهدافه، يقول المحلل السياسي ياسين التميمي، في تصريحات صحفية: “ما فتئ الطيران الإماراتي يستهدف المقاتلين الذين يعتقد أنهم محسوبون، بشكل أو بآخر، على قوى التغيير، أو على حزب الإصلاح”.

 

وأضاف التميمي: “استهداف الجيش ليس عملا طارئا بل عملية ممنهجة، الهدف منه هو إضعاف هذا الجيش والتقليل من قدراته، والنيل من العناصر المؤثر في الجيش الوطني الذي يمكن أن تلعب دورا في المرحلة المقبلة، عندما يتقدم باتجاه تحقيق أهدافه في هزيمة الميلشيا، وأن استهداف الجيش في هذه اللحظة وفي هذا الظرف المحلي والدولي يدل على عدم وجود رؤية حقيقية لدى هذا الطرف الذي يدعي أنه يساند الشرعية”.

 

وعقب قائلا: “تلك الممارسات التي تنتهجها دول التحالف ضد الجيش الوطني، إضافة إلى الخطاب السياسي والإعلامي الذي يصدره التحالف، يثبت بما لا يدع مجالا للشك بأنه لا شراكة حقيقية له مع الشرعية ولا مع معسكر الشرعية، وأن ادعاءاته بأنه يقاتل الحوثيين ليست صحيحة ولا مطابقة لما يحدث”.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق