شاهد كيف غير “فيروس كورونا” خريطة التواجد العسكري الأجنبي في الشرق الأوسط

محرر 228 مارس 2020
شاهد كيف غير “فيروس كورونا” خريطة التواجد العسكري الأجنبي في الشرق الأوسط

تتواصل تداعيات وباء “كورونا” المستجد، لتصل إلى الفضاء العسكري، مع اتجاه العديد من الدول الغربية لتقليص تواجدها وانتشارها العسكري في الشرق الأوسط.

وتعيد دول غربية تموضعها العسكري، وتقلص حجم قواتها، وربما تنسحب نهائيا من المنطقة، خشية إصابة قواتها بالفيروس، الذي اقتحم حصون الجيش الأمريكي.

وقبل أيام، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، وصول عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من المنتسبين للجيش وعائلاتهم إلى 321.

ونقلت قناة “فوكس نيوز” الأمريكية عن مسؤولين، قولهم إن “57 من العسكريين الـ174 المصابين، ينتمون للقوات البحرية، وأن 3 من البحارة الأمريكيين على متن حاملة الطائرات ثيودور روزفلت في بحر الفلبين مصابين بالفيروس”.

وتعد تلك هي المرة الأولى التي ينتشر فيها الفيروس في سفينة حربية أمريكية في عرض البحر، وسط توقعات أمريكية باستمرار الأزمة لشهور.

انسحاب فرنسي

جراء تفشي الوباء العالمي في العراق، قررت فرنسا سحب جنودها من هناك، والبالغ عددهم 200 عسكري تقريباً، بعضهم يشارك في تدريب القوات العراقية والبعض الآخر في رئاسة أركان قوات التحالف في بغداد.

وقالت رئاسة الأركان الفرنسية، في بيان، إنه “بالتنسيق مع الحكومة العراقية، قرر التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن، تعديل حجم انتشاره في العراق وتعليق أنشطة تدريب قوات الأمن العراقية مؤقتا”.

وأعلن المتحدث باسم هيئة الأركان العامة الفرنسية، الكولونيل “فريديريك باربري”، إنّه اعتباراً من الخميس (26 مارس/آذار الجاري)، الموعد المقرّر لبدء الانسحاب، “لم يعد هناك جنود يعملون في إطار عملية شامال في العراق”.

على النهج ذاته، أعلنت التشيك، سحب قواتها العسكرية العاملة في العراق مؤقتا؛ بسبب التهديدات الأمنية والمخاوف من انتشار فيروس “كورونا”.

وقالت وزارة الدفاع التشيكية في بيان، إن طائرة إيرباص “أي-319” عسكرية تحمل 30 من أعضاء فرقة العمل الرابعة للجيش التشيكي هبطت في مدينة براج، قبل أيام.

وكانت العناصر التشكية تشغل مناصب مختلفة في هيئة الأركان الدولية مع بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العراق، وعمل بعضها في تدريب القوات العراقية والشرطة العسكرية.

وأرجع قائد مقر العمليات في الوزارة، اللواء “جوزيف كوبيكو”، هذا القرار إلى انخفاض مهام القوات التشيكية العملياتية بسبب التهديدات الأمنية وانتشار فيروس “كورونا”.

إخلاء قواعد

وأجبر “كورونا” فعليا، الحكومة البريطانية على سحب نصف قواتها المشاركة في التحالف الدولي بالعراق، البالغ عددها 400 جندي.

وسلم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، قاعدة القيارة في محافظة نينوى شمالي العراق، إلى القوات الأمنية العراقية، ضمن خطط لإغلاق 3 قواعد عسكرية من أصل 12 في العراق، خوفا من تفشي الفيروس.

وأعلنت الدنمارك، كذلك، أنها ستسحب قواتها بالكامل (يبلغ تعدادهم 130 فردا)، من التحالف الدولي في العراق، وسبقتها أستراليا في اتخاذ القرار ذاته.

كذلك اضطر الجيش الأمريكي، الذي يشكل الغالبية العظمى من القوات الأجنبية المنتشرة في العراق، إلى سحب قواته من قواعد صغيرة، وإعادة التمركز في 3 من أصل 8 قواعد تأوي حاليا القوات الأمريكية في البلاد.

وأعلنت القوات الأمريكية، وقف جهود التدريب في العراق بهدف مكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية” لمدة 60 يومًا كإجراء احترازي بسبب الوباء العالمي.

ووفق بيانات عسكرية، فإن 2500 مدرب، أي ما يقارب ثلث قوات التحالف، غادروا أو في طريقهم لمغادرة العراق، مع تعليق عمليات تدريب القوات العراقية.

وتعود الخطوة الأمريكية، ليس إلى “كورونا” فقط، بل أيضا إلى كون قواعدها غير محصنة بشكل كاف، وتتعرض من آن لآخر لهجمات صاروخية، ما يستدعي نقل القوات العاملة فيها إلى قواعد أخرى في أماكن أكثر تأمينا.

وقد يكون “كورونا” مخرجا يحفظ ماء وجه تلك الدول، التي تخشى بالفعل تعرض قواتها لهجمات صاروخية، على غرار ما حدث في الأسابيع الأخيرة، منذ مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني” في غارة أمريكية قرب مطار بغداد الدولي، يناير/كانون الثاني الماضي.

ووقع 27 هجوما بصواريخ وقذائف على قواعد ومواقع لقوات أمريكية وغربية في العراق، منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دون معرفة حجم الخسائر فعليا.

وأسفر أحد الهجمات في 11 مارس/آذار الجاري، على قاعدة التاجي شمال بغداد، عن مقتل عسكريين أمريكيين ومجندة بريطانية.

مخاوف أمريكية

اللافت أن فيروس “كورونا”، قد ضرب ثلاث دول رئيسية تحوي وجودا عسكريا أمريكيا حول العالم، وهي كوريا الجنوبية وإيطاليا وألمانيا، بينما ظهر في بلدين يحتضان قوات أمريكية بأعداد كبيرة وهما العراق وأفغانستان.

والشهر الجاري، أعلن التحالف الدولي سلسلة من القيود تتضمن الإيقاف المؤقت لحركة الأفراد إلى أفغانستان، وإخضاع قواته للفحص، وربما يمضي قدما في تسريع خطوات الانسحاب من البلاد.

ومن المؤكد أن تلك التحركات ستطال سوريا وليبيا، اللتان تشهدان تواجدا عسكريا من دول عدة، مع تسلل الفيروس إلى أراضيهما.

وتتعلق المخاوف الأمريكية، من تفشي الفيروس خاصة بين صفوف البحرية الأمريكية والمارينز؛ بحكم التنقل المستمر في القواعد العسكرية التي تمتلكها الولايات المتحدة عبر العالم.

ومنذ إعلان إصابة عنصر من عناصر المارينز في ولاية فرجينيا منذ يومين، جرى تطويق القاعدة وإخضاع المشتبه فيهم للمراقبة.

ويخشى “البنتاجون” انتشار الفيروس في القواعد البرية وحاملات الطائرات الأمريكية، ما قد يؤثر على عملياته العسكرية في مناطق النزاعات.

ومن المرجح تغيير برامج الانتشار العسكري للسفن الأمريكية في البحار وخارطة نشر الجنود في القواعد العسكرية في الخارج، تجنبا للمناطق الموبوءة التي تشهد ارتفاعا في أعداد الضحايا.

وقد تلجأ الولايات المتحدة إلى استدعاء القوات المتواجدة في الخارج للمساعدة على محاربة انتشار الفيروس، حال خرج عن السيطرة، وهو تطور سيغير من خطط واشنطن العسكرية.

وقبل أيام، قال وزير الدفاع الأمريكي “مارك إسبر”، إن جائحة فيروس “كورونا” المستجد قد تؤثر على الاستعداد القتالي للقوات الأمريكية، مضيفا: “إذا استمر هذا الوباء على النطاق الذي يتوقعه البعض لفترة طويلة، فسوف يكون له تأثير ملحوظ على الاستعداد القتالي”.

يغير “كورونا” إذن قواعد الانتشار العسكري في منطقة الشرق الأوسط، ويجبر بالفعل دولا على الانسحاب أو تقليص حجم قواتها، وهي متغيرات فشل الساسة والعسكريون في فرضها طويلا عبر الطرق الدبلوماسية.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق