فتحت اتهامات حاكم محافظة شبوة، جنوب شرق اليمن، للقوات الإماراتية المتمركزة في منشأة نفطية بالمحافظة، بممارسة استفزازات للقوات الحكومية، وتهريبها أسلحة لمجموعات موالية لها لتنفيذ هجمات ضد قوات الجيش والشرطة، تساؤلات عدة حول هذا التصعيد والمسعى الإماراتي من ورائه.
جاء ذلك في رسالة رفعها محمد بن عديو، حاكم المحافظة، إلى الرئيس عبدربه منصور هادي، الأربعاء، مطالبا فيها بوقف هذه الاستفزازات.
وألمح إلى أن من بين هذه الإجراءات “الاستفزازية” تحليق طيران الإمارات بعلو منخفض وفتح حاجز الصوت أثناء مرور قوة إماراتية قبالة منشأة بلحاف جنوب شرق المحافظة تجاه معسكر العلم الذي تتمركز فيه قوات متعددة تابعة للتحالف الذي تقوده المملكة.
مواجهة حتمية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي أن ما يحدث من استفزازات عسكرية إماراتية شكا منها محافظ شبوة، تشير إلى “مواجهة عسكرية حتمية يجري التحضير لها عبر تورط إماراتي مباشر في نقل الأسلحة وإعادة تجميع القوات المبعثرة الموالية لها منذ معارك آب/أغسطس المنصرم في هذه المحافظة التي تتوفر على احتياطي لا بأس به من النفط”.
وفي حديثه لـ”عربي21″ قال: “من الواضح أن السلطة الشرعية استدرجت إلى التوقيع على اتفاق عبثي اسمه اتفاق الرياض، في محاولة لترسيم النتائج التي أنتجها انقلاب العاشر من آب/أغسطس الماضي”.
وتابع التميمي: “ذلك الاتفاق مثل خاتمة مطاف لسلسة من أعمال العنف التي وجهت ضد تواجد الحكومة في العاصمة المؤقتة ونجح في إخراجها في نهاية المطاف”.
وبحسب السياسي اليمني فإن رسالة محافظ شبوة مثلت احتجاجا غير مباشر على خذلان الشرعية للرئيس الذي لم يتمكن حتى الآن من إدخال حرسه الشخصي إلى عدن تمهيدا لعودته.
وأشار إلى أنها تعكس صورة ما يجري في شبوة حيث تواصل الإمارات مهمة الهيمنة في هذه المحافظة رغم الانتكاسات الخطيرة التي واجهتها قبل ثلاثة أشهر.
وأكد الكاتب التميمي أن “الحكومة الشرعية لا تواجه قوات المجلس الانتقالي بل تواجه التحالف الذي بات أقرب إلى غزو وقح” على حد وصفه.
وبين التميمي أن “التحالف يعتقد أن اليمنيين افتقدوا الحيلة لمواجهة خيار الاحتلال الموصل إلى تفكيك الدولة رغم أنهم قضوا بسرعة كبيرة على أكبر حشد عسكري أشرفت الإمارات على توجيهه نحو شبوة”.
تفجير الوضع عسكريا
من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، عادل دشيلة أن الرد الحقيقي على الاستفزازات الإماراتية يكون بـ”طرد قواتها من شبوة اليمنية وباقي المناطق الجنوبية”.
وقال لـ”عربي21″: “تحاول الإمارات تفجير الوضع عسكريا من جديد في شبوة من أجل تسليمها للمليشيات الانفصالية التابعة لها”.
وبحسب دشيلة فإن هذه الاستفزازات دليل آخر على أن التحالف غير جاد في تطبيق اتفاق الرياض الملغوم، على حد تعبيره.
أبوظبي لن تتنازل
ويعتقد الصحفي والباحث السياسي اليمني، كمال السلامي أن “التصعيد هو الشيء الوحيد الذي يجب أن ننتظره، كل الاتفاقات والمحاولات الجارية لتهدئة الوضع في الجنوب، ما هي إلا مسكنات وقتية”.
وقال السلامي في حديث خاص لـ”عربي21″: “كل طرف يحاول استغلالها لترتيب الوضع ولتحقيق مكاسب على الصعيد السياسي، وهذا ما سعى إليه المجلس الانتقالي الجنوبي منذ البداية”.
وأشار السلامي إلى أن “الإمارات تحاول جاهدة تسويق الانتقالي الجنوبي كحليف موثوق في اليمن، فيما تحاول إظهار الجانب الحكومي على أنه غير ملتزم بما تم التوصل إليه”.
وأردف قائلا: “منذ اليوم الأول لتوقيع اتفاق الرياض، لم يكن هناك أي نية لتنفيذه، إلا في الحدود التي تخدم الطرفين، لكني أعتقد أن الاتفاق نظريا ينتصر للدولة على المليشيات، الذي لم تلتزم به حتى اليوم”.
وذكر الباحث السلامي أن “السعودية أمام اختبار خطير، إما أن تنحاز للشرعية التي جاءت للدفاع عنها أو أن تنحاز إلى أعداءها وأعداء اليمن عموما”.
ويرى بأن “أبو ظبي لن تتنازل أبدا عن النفوذ الجغرافي الذي حققته طيلة السنوات الأربع الماضية، والانسحاب ما هو إلا مسرحية فقط، فهي تريد التمركز في المناطق الحساسة، كبلحاف، والموانئ الهامة، بينما تسيطر المجاميع العسكرية التي شكلتها على المناطق النائية والحضرية، بينما تسيطر على المنافذ الحيوية”.
واعتبر تقليص أبوظبي وجودها العسكري في التحالف لـ”صالح الوجود المستتر في المناطق المحررة لتكبيل الاقتصاد والبلاد عموما والحكومة الشرعية في مقدمة ذلك”.
وكانت اللجنة الأمنية في شبوة، (أعلى سلطة أمنية في المحافظة) قد أكدت في بيان لها أمس الخميس، جاهزيتها لمواجهة مختلف التحديات الأمنية التي قد تحدث في شبوة، في إشارة إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تصعيدا من قبل حلفاء أبو ظبي الذين فقدوا سيطرتهم عليها أواخر آب/أغسطس الماضي.
*عربي21
