تتصاعد الأزمة الاقتصادية في إمارة دبي وتصيبها بالشلل التام الذي دفع بوقف كامل للإنشاءات الجديدة بفعل عجز القطاع العقاري الذي يعد أحد مواردها المالية والتجارية.
وأوردت وكالة “بلومبرج” الأمريكية المتخصصة بالشأن الاقتصادي أن دبي تعاني من تباطؤ النمو بشكل غير مسبوق في القطاع العقاري بعد زيادة المعروض ما دفع شركات الاستثمار فيها لوقف الإنشاءات الجديدة.
يتم في محاولة الحد من العرض المفرط للإنشاءات الجديدة الذي سبب التباطؤ المستمر للعام الخامس على التوالي في الإمارة.
فقد تم تعليق العمل في مطار ضخم، كان مصمما ليكون واحداً من أكبر المطارات في العالم، لكن التطور الأكثر دراماتيكية حتى الآن، هو مسارعة حاكم دبي “محمد بن راشد” بإنشاء لجنة يرأسها ابنه، للبحث في مسألة إعادة التوازن بين العرض والطلب في سوق العقارات، والتأكد من أن المطورين العقاريين التابعين للدولة لا يزاحمون شركات القطاع الخاص.
وأشارت “بلومبرج” إلى أن بعض المطورين العقاريين أوقفوا العمل في تشييد مشاريع كان مخططا لها، ويدعو اثنان من أكبر المليارديرات في دبي إلى وقف الإنشاءات العقارية.
وقال رجل الأعمال والملياردير “خلف الحبتور”، الذي ضم أحد مشاريعه السابقة في دبي 1600 غرفة فندقية، إن سوق العقارات يعيش حالة من التشبع، بينما رئيس شركة داماك العقارية الملياردير حسين سجواني حذر من كارثة اقتصادية في دبي، ما لم تتوقف أعمال البناء الجديدة في قطاع العقارات لمدة عام على الأقل.
وتابع “سجواني”: “إذا استمر هذا العرض المفرط فستحدث كارثة. سيتأثر النظام المصرفي وهذا شيء لا يمكننا تحمله”.
وأكدت الوكالة أن أغلب أسباب زيادة المعروض من العقارات يعود لحكومة دبي لأنها تسيطر على عدد من أكبر شركات التطوير العقاري في الإمارة.
وأضافت أن الشركات المرتبطة بالدولة، والتي أنشأتها الحكومة للإسراع في مشروعات الإنشاءات، استخدمت أراضي منخفضة الثمن في أغلب الأحيان أو مجانية، ونافست القطاع الخاص.
وأشارت إلى أن التوقعات المفرطة في التفاؤل بشأن النمو في عدد سكان دبي، وأغلبهم من الأجانب، عززت من طفرة البناء.
ونقلت “بلومبرج” عن “كريج بلامب”، رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط لدى شركة “جيه إل إل” للوساطة، قوله: “سيستفيد المطورون من تقليص المعروض لأن ذلك من شأنه رفع الأسعار على المدى الطويل. لكنهم اختاروا حتى الآن فائدة قصيرة الأجل عن طريق الحفاظ على التدفقات النقدية حتى لو كان على حساب انخفاض الأسعار”.
وقالت الوكالة الأمريكية إن زيادة المعروض تسبب في انخفاض أسعار العقارات بنحو 30% خلال السنوات الخمس الماضية، وفي عام 2018 سجل اقتصاد دبي أدنى معدل نمو خلال نحو عشر سنوات.
وكان البنك المركزي الإماراتي اقترح الشهر الماضي، تدابير رقابية جديدة لحماية البنوك من الانكشاف المفرط للقطاع العقاري، ودعا محافظ البنك المركزي الإماراتي إلى تقييد المعروض من العقارات.
وتعتمد دبي على معرض “إكسبو 2020″، العام المقبل لتعزيز اقتصادها، لكن ليس من الواضح كيف سيجري استغلال البنية الأساسية التي أنشئت من أجل المعرض، بعد انتهائه، حيث يستمر المعرض ستة أشهر.
ووفقا لشركة “جيه إل إل” للسمسرة العقارية فسوف يجري الانتهاء من إنشاء أكثر من 30 ألف منزل هذا العام وحده، وهو ما يساوي نحو ضعف الطلب السنوي.
وأشار التقرير إلى التصريح الذي أطلقه حاكم دبي في سبتمبر/أيلول الماضي، عندما قال إن “المشروعات العقارية تحتاج إلى التحكم في وتيرتها لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، لتجنب أن تصبح عبئًا ومصدرًا للخلل في رحلتنا الاقتصادية”.
وتقول “بلومبرج”: “والسؤال هو ما إذا كان الذهاب في الاتجاه المعاكس هو العلاج المناسب، حيث لا تزال مبيعات الأراضي تمثل مصدرا هاما لإيرادات الدولة”.
وقال “جاربيس إراديان”، كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد التمويل الدولي ومقره واشنطن: “حتى لو تباطأوا في البناء، فهناك فائض من الشقق والمباني الفارغة”.
وأضاف: “يجب أن يتوصلوا إلى قوى جديدة للنمو مثل الابتكار والتكنولوجيا وتحسين رأس المال البشري وجذب المزيد من العمالة الوافدة المؤهلة للتصنيع الخفيف”.
وختم التقرير بأن “الحقيقة الأكثر صعوبة هي أن الحل بالنسبة لدبي قد يتمثل في النظر إلى ما وراء العقارات لإصلاح ما يعيق اقتصادها حقا”.