طلبت مصر رسمياً من بريطانيا منع خروج تمثال للإله آمون على هيئة توت عنخ آمون، كانت دار «كريستيز» للمزادات قد باعته يوم 4 يوليو (تموز) الحالي، لحين اتخاذ القاهرة الإجراءات القانونية اللازمة لاستعادة التمثال. وتعقد وزارة الآثار المصرية اجتماعاً، صباح اليوم (الاثنين)، للجنة العليا لاسترداد الآثار، برئاسة الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، وعضوية كل من الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، وقيادات وزارات الخارجية، والداخلية، والعدل، والنيابة العامة، وهيئة قضايا الدولة، والجهات الأمنية، والرقابية، والسيادية بالدولة، لبحث الإجراءات القانونية، التي يمكن اتخاذها في أعقاب إتمام عملية البيع، وبعد بذل جميع الجهود الدبلوماسية لوقفها.
وقال السفير عادل طارق، سفير مصر لدى بريطانيا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر أرسلت خطاباً رسمياً إلى وزارة الثقافة والإعلام والرياضة البريطانية طالبت فيه بعدم إصدار ترخيص أو تصريح لتصدير القطع الأثرية المصرية التي باعتها (كريستيز) للخارج، لحين حسم النزاع الدائر بشأنها»، مشيراً إلى أن «(كريستيز) لم تقدم أي وثائق أو مستندات توضح كيف خرج تمثال توت عنخ آمون من مصر، وهذا يؤكد أنها لا تملك مستندات تثبت خروج التمثال بشكل شرعي».
لكن «كريستيز» قالت في وقت سابق رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» في هذا الشأن إنها «لن تقدم على بيع قطع أثرية يشك في ملكيتها»، مشيرة إلى أنه «لديها وثائق بالملكية الحديثة للتمثال، وأنه من الصعب تعقب القطع الأثرية عبر آلاف السنين».
وهذه ليست المرة الأولى التي تطلب فيها مصر من بريطانيا وقف تصدير أثر بعد إتمام عملية بيعه؛ حيث حدث ذلك من قبل في عام 2015، عندما باع متحف مدينة نورثهامبتون تمثالاً لـ«سخم كا» بنحو 14 مليون جنيه إسترليني، وفرضت بريطانيا حظراً على تصديره لمدة 6 أشهر، ولم تفلح الجهود المصرية بعد ذلك في مدّ فترة الحظر.
ورداً على إتمام عملية البيع، طالب أثريون مصريون بالتصعيد تجاه بريطانيا، ووقف البعثات الإنجليزية العاملة في مصر، والمطالبة بتعديل اتفاقية حماية التراث التابعة لليونيسكو أو الانسحاب منها، والتي تضع قيوداً على استرداد الآثار؛ حيث تشترط إثبات خروجها بطريقة غير شرعية، وتطلب من الدولة صاحبة الأثر تقديم المستندات والسجلات التي تثبت ملكيتها للأثر، وأنه خرج منها بطريقة غير شرعية، ولكن الرأي الأكثر ترجيحاً في وزارة الآثار الآن هو اللجوء للقضاء البريطاني، ومقاضاة دار «كريستيز» للمزادات.
وقال السفير المصري في لندن إن «اللجنة العليا لاسترداد الآثار ستجتمع اليوم في القاهرة لبحث الخطوات المقبلة بهذا الشأن».
من جانبه، قال الدكتور بسماع الشماع، الخبير الأثري، لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجوء للقضاء البريطاني خطوة جيدة، لكنها ليست الأفضل»، موضحاً أن «هذه عملية مكلفة جداً، وستستغرق وقتاً طويلاً، كما أن (كريستيز) ومحاميها ستكون أكثر قدرة على التعامل مع القضاء البريطاني، والحصول على حكم لصالحها»، مطالباً بـ«اللجوء للقضاء الدولي، بدلاً من البريطاني لحل النزاع، والاستناد إليه في نزاعات أخرى شبيهة». يشار إلى أن الأزمة بدأت أوائل يونيو (حزيران) الماضي، عندما أعلنت دار «كريستيز» للمزادات عن نيتها بيع تمثال رأسي من حجر الكوارتزيت للإله آمون على هيئة الملك توت عنخ آمون، لتصدر مصر ممثلة في وزارة الآثار المصرية بياناً تطالب فيه بوقف بيع التمثال، وإرسال المستندات والوثائق كافة التي تثبت ملكية التمثال، وكيفية خروجه من مصر، إلا أن «كريستيز» تجاهلت الأمر وباعت التمثال بـ4.746.250 جنيه إسترليني.