“أفكر بالعودة إلى اليمن وبيع منزلي مقابل الحصول على العلاج في بلدي، تعبنا هنا في الهند من سوء تعامل الهلال الأحمر الإماراتي معنا، ونناشد قادتنا إذا كان بإمكانكم أن تنقلونا للعلاج في مكان آخر أهلا وسهلا، وإذا لم تقدروا فأخبرونا بالحقيقة”.
بهذه العبارات الممزوجة باليأس والخيبة تحدث أحد جرحى الساحل الغربي في اليمن ممن تم نقلهم إلى الهند للعلاج عبر الهلال الأحمر الإماراتي.
يضيف الجريح في مقطع مصور حصلت عليه الجزيرة نت وهو يقف على عكازته “المسؤول الإماراتي (يدعى جسار) يلعب بنا ويتاجر بأوجاعنا، لم تجر العمليات للكثير منا حتى الآن، تركونا نسكن في غرفة واحدة، فيها نعالج ونأكل ونشرب وننام ونقضي حاجتنا، وحتى من رافقونا أصيبوا بالبكتيريا”.
جريح آخر -طلب التحفظ على اسمه خوفا من تعرضه للأذى- قال إنه منذ أن نشرت قناة الجزيرة قبل أيام صورا تظهر معاناة زملائه الجرحى في مستشفيات الهند وصلتهم تهديدات من قبل قيادات عسكرية يمنية مدعومة من الإمارات.
كثير من الجرحى بترت أطرافهم ويحتاجون لعمليات جراحية (الجزيرة)
ويضيف الجريح اليمني “بعد أن تم الإبلاغ عنا أوقفوا رواتبنا وحتى الأدوية، ووصلتنا تهديدات بترحيلنا وإعادتنا إلى اليمن في منتصف الشهر الجاري، نخاف أن نتعرض إلى السجن عند عودتنا ولا نعرف ما الذي نفعله، إذا تحدثنا وصرخنا عاقبونا، وإذا صمتنا تمت مكافأتنا بمزيد من الإذلال والقهر”.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وبحسب إفادات عدد من الجرحى الذين تواصلت معهم الجزيرة نت، فقد تمت مصادرة جوازات سفر الجرحى من قبل المسؤول عنهم جسار الملقب بـ”أبو صالح”، وذلك من أجل تقييدهم ومنعهم من التحرك أو السماح لهم بمغادرة المستشفى، كما هددهم بالاتصال بالشرطة ومعاقبتهم.
ووفقا لشهادات الجرحى وحديثهم للجزيرة نت، فإن هذه الطريقة في التعامل تحدث مع كل الجرحى.
قوات مختلطة
ويتجاوز عدد الجرحى أكثر من تسعين، جميعهم أصيبوا في مواجهات مع جماعة الحوثي في الساحل الغربي للبلاد الذي تسيطر وتشرف على الجزء الأكبر منه قوات مختلطة (جنوبية وشمالية) مدعومة من أبو ظبي.
يقول أحد الجرحى “منذ أن أقلعنا من مطار عدن برفقة المسؤول الإماراتي جسار قبل شهر ونصف تقريبا لم نتناول وجبة واحدة طوال رحلتنا، وعندما وصلنا المستشفى في اليوم الثاني تم إدخال بعضنا إلى غرف العمليات”.
وأضاف “نحن لا نعرف ما الذي يحدث حولنا، المسؤول الإماراتي رفض قدوم أي مسؤول يمني لمتابعة علاجنا أو مساعدته في إدارة ملف الجرحى”.
وتابع الجريح “يأتي جسار إلى المستشفى أحيانا ليسأل عن حالة من أجريت لهم العمليات، ثم يأمر بحجز تذاكر السفر لمن أجروا العمليات لإعادتهم إلى اليمن”.
مشاهد مؤلمة
وتكشف صور حصلت عليها الجزيرة نت الجانب المؤلم من قصة معاناة جرحى الحرب اليمنيين في الهند وهم يفترشون الأرض في فناء مستشفى “روكلاند” بالعاصمة نيودلهي وبحوزتهم أمتعتهم وحقائبهم، ومنهم من لم يعودوا قادرين على الحركة وأصبحوا مقعدين على كراس متحركة، في حين ظهر آخرون بترت أطرافهم تماما.
وبينما كان أحد الجرحى يحاول أن يغطي بلحاف خفيف جراحه خوفا من أن يضاعف المطر أوجاعه صرخ بالقول “الله لا يسامحكم يا قياداتنا”.
وبحثا عن رد من قبل قيادات الجيش اليمني من قوات ألوية العمالقة إزاء هذه القضية وإهمال الجرحى، قال مسؤولون عسكريون -طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم- إن ما يتحدث عنه الجرحى مبالغ فيه.
وأضافوا للجزيرة نت أنه تمت معالجة الكثير من الجرحى في الهند والقاهرة، وتم تسفيرهم على شكل دفعات وصلت إلى أكثر من سبع مجموعات حتى الآن، وهناك لجان خاصة لمتابعة ذلك.
وبشأن التهديدات التي وصلت بعض الجرحى وما يتعرضون له من تعامل سيئ من قبل مسؤول الهلال الأحمر الإماراتي، برر ذلك مسؤول عسكري بقوله إن بعض الجرحى لم يلتزموا بالتعليمات هناك.
ولكن الأمر ذاته يحدث في القاهرة أيضا حسب شهادات خاصة من الجرحى اليمنيين هناك الذين تواصلت معهم الجزيرة نت.
ويبرر مندوب الهلال الأحمر الإماراتي في القاهرة ذلك بعدم توافر الإمكانات المادية، ويجبرهم على العودة إلى اليمن بالقوة، وفي بعض المرات يستقدم الأمن المصري ويهدد كل من لا يرغب في الرجوع إلى اليمن بالسجن.